التصنيفات: أخبار العلوم

مسار المركبات المُستعملة بين الدول المتقدمة والنامية ومخاطرها البيئية

المقدمة 

تعريف السيارات الخفيفة (Light Duty Vehicles)

تعرف هذه السيارات على إنها جميع أنواع المركبات التى تستخدم فى نقل الركاب والبضائع على سبيل المثال }السيارات الفان- البيك آب- SUVs– أو كل سيارة يقل وزن المركبة عن 10000 بوند (4500 كجم){.

وهى تسمية أمريكية للشاحنات والمركبات التي يصل وزنها الإجمالي للمركبة إلى 8500 رطل وقدرات حمولة تصل إلى 4000 رطل.

لا يتجاوز وزن المركبات الخفيفة (LDV) بشكل عام 3.5 طن وتشمل سيارات الصالون وسيارات الدفع الرباعى والحافلات الصغيرة. يتم تصنيف المركبات التىي يَزيد وزنها عن 3.5 طن على أنها مركبات ثقيلة  (HDVs)  وتشمل هذه الأنواع المختلفة من الشاحنات والحافلات.

ويُشير تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) إلى تضاعف عدد مركبات (LDVs) بحلول عام 2050، 90% من النمو سوف يحدث فى البلدن غير الأعضاء فى منظمة التعاون الإقتصادى والتنمية (non- OECD) والتى تستورد أعداد هائلة من هذه المركبات.

كما أن المركبات المُستعملة تَرتبط أرتباطاً وثيقاً بعوامل أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر

  • تلوث وانبعاثات المركبات المستعملة.
  • جودة وأمان المركبات المستعملة.
  • إستهلاك الطاقة (الوقود).
  • تكاليف التشغيل للمركبات المستعملة.
  • إزدياد حوادث الطرق.
  • المجهودات المضاعفة على عاتق الدولة لتخفيف آثار التغيرات المناخية.

ومن المعلوم بمكان أن هناك غياب تام للإتفاقيات المحلية والدولية والإقليمية على تجارة هذه المركبات المُستعملة، وغالباً ما يكون اتجاه هذه التجارة من دول الدخل المرتفع إلى الدخل المنخفض والأسواق النامية ذات معدلات النمو المُرتفعة.

تُعتبر دول الإتحاد الأوروبى واليابان والولايات المتحدة الأمريكية هم أكبر ثلاثة دول مصدرة للمركبات المُستعملة حيثُ صَدرت هذه الدول نحو 14 مليون مركبة مُستعملة (LDVs) خلال الفترة 2015- 2018. بَلغَ نصيب دول الإتحاد الأوروبى نحو 54% من جملة المركبات المُستعملة المُصدرة تليها اليابان بنحو 27% ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 18%.

تُعتَبر الوجهة الرئيسية للمركبات المُستعملة من دول الإتحاد الأوروبى هى دول شمال وغرب أفريقيا أما اليابان فوجهتها دول أسيا وشرق وجنوب أفريقيا، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإن الدول الرئيسية التى تُصدر لها هى دول الشرق الأوسط ووسط أمريكا.

تَتَواجد 70% من الدول المستوردة للمركبات المستعملة فى الدول النامية منها نحو 40% فى قارة أفريقيا كأكبر مستورد للمركبات المستعملة خلال الفترة 2015- 2018، تليها أوروبا الشرقية بنحو 24% ثم أسيا-باسيفيك 15% والشرق الأوسط 12% ثم دول أمريكا اللاتينية بنحو 9%.

في قارة أفريقيا يتم إضافة أكثر من 60 في المائة من المركبات إلى أسطولها سنوياً عن طريق استيراد المركبات المستعملة، وتَختلف هذه النسبة من دولة إلى أخرى حيث تبدأ من الصفر فى دولة جنوب أفريقيا ومصر وسيشل والسودان وذلك لحظرها إستيراد المركبات المُستعملة حتى تصل النسبة إلى نحو 97% فى دولة كينيا.

فى قارة أمريكا الجنوبية دول عديدة حظرت إستيراد المركبات المستعملة، إلا ن بعض الدول مثل باراجواى تُضيف أكثر من 90 فى المائة من المركبات المُستعملة من جملة السيارات الواردة للبلاد سنوياً. كما أن غالبية السيارات فى أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبى من المركبات المُستعملة.

أما دول آسيا والمحيط الهادئ تَقل حصة واردات السيارات المستعملة لأن الهند والصين والعديد من دول جنوب شرق آسيا تَحظر استيراد السيارات المستعملة كما أن لديها صناعات مُتقدمة فى مجال السيارات، ومع ذلك فهناك واردات كبيرة من السيارات المُستعملة في باكستان وسريلانكا وبنجلاديش وميانمار وكمبوديا.

 

تُعد وسائل النقل المُختلفة مُساهماً رئيسياً في تلوث الهواء وتغير المناخ، وتُعتبر انبعاثات المركبات مصدراً رئيسياً للجسيمات الصغيرة (PM2.5) وأكاسيد النيتروجين (NOx) التى تُعد من بين غازات أخرى مصادر رئيسية لتلوث الهواء في المناطق الحضرية.

وأظهرت جائحة COVID-19 الأخيرة أنه عندما ينخفض ​​النقل تَتَحسن جودة الهواء بشكلٍ كبير خاصة في المدن.

أسطول المركبات العالمى مسؤول عن حوالى ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة ومن المُقرر أن يَرتفع هذا إلى الثلث بحلول عام 2050  وهو نمو أسرع من أى قطاع آخر بالإضافةِ الى المشاكل الاخرى مثل التلوث الضوضائى والتلوث السمعى وقضايا التخطيط العمرانى إلخ.

في عام 2018 ، تم بيع حوالى 86 مليون مركبة خفيفة جديدة معظمها فى البلدان المُتقدمة. 

 

يمكن للمركبات الأنظف والأكثر كفاءة أن تُساهم بشكلٍ رئيسى فى قطاع نقل منخفض بل ومنعدم الانبعاثات، ذكرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) فى تقريرها الصادر فى أكتوبر 2018 بشأن تحقيق سيناريو مناخ 1.50 درجة مئوية أن “هناك حاجة ملحة لإستبدال سيارات الركاب التى تعمل بالوقود الأحفوري السيارات الكهربائية والدراجات الكهربائية والنقل الكهربائى بحلول 2035-2050 لتصحيح المسار وعدم تخطى 1.50 درجة مئوية”

 للوهلة الأولى تُشير عبارة المركبات المُستعملة ضمنياً إلى المركبات الأكثر تلويثاً أو التى عفا عليها الزمن، كما ويَجب ألا يُفهم تَعزيز الجهود الوطنية والدولية لترشيد وتنظيم المركبات المستعملة على أنه يجب حظر التجارة فى السيارات المستعملة، فمن الممكن أن تكون السيارات المستعملة أنظف وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة من مخزون المركبات الحالى، وقد تصل إلى أن تكون أنظف (وأكثر أمانًا) من السيارات الجديدة التى يتم بيعها فى أسواق البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

إلا أنه لا بد من التدخل ووضع قواعد لهذه التجارة وذلك لضمان جودة المركبات وتَقليل تلوث الهواء بالمدن ومن ثم تقليل إنبعاثات غازات الإحتباس الحرارى.

فالعديد من الدول النامية ليس لديها أو لديها القليل من التشريعات والقوانين التى تَتَحكم فى جودة وأمان السيارات المستعملة المستوردة، وفى وجود مثل هذه القوانين فإن تفعيل القوانين يكون غائب أو ضعيف التنفيذ، وبالمثل فإن القليل من الدول المتقدمة لديها الحواجز والقوانين لتصدير هذه السيارات المستعملة.

من الممكن أن تَأخذ التشريعات الكثير من أشكال الحظر الكامل مثل تحديد سنة صنع معينة وضع حوافز مالية والتوعية وتشجيع إستيراد السيارات المُستعملة التى تَعمل بالطاقة المتجددة أو منخفضة الإنبعاثات.

وتتضمن تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة الصادر عام 2020 والمُتعلق بالمركبات المستعملة استبيان من نحو 146 دولة 18 دولة منها حظرت استيراد السيارات المستعملة نهائياً لما تسببه من مشاكل بيئية عديدة منها تلوث الهواء ولأسباب تتعلق بسلامة وصحة المواطنين لديها (الأمان) وأيضاً لأسباب تتعلق بحماية الصناعة الوطنية للسيارات لديها. كما وضعت نحو 66 دولة من 146 دولة سنة صنع للسيارة كشرط للإستيراد حيث تتراوح ما بين (3- 15 عام)، كما أن 28 دولة من بين 146 دولة قَامت بوضع مواصفات (معايير) للإنبعاثات الناتجة من المركبات المستعملة ونحو 100 دولة ليس لديها أية معايير للإنبعاثات الناتجة من المركبات المُستعملة.

الأدوات المالية (Fiscal Instrument) من المُمكن أن تكون وسيلة فعالة لتنظيم عملية إستيراد المركبات المُستعملة فعلى سبيل المثال فرض ضرائب على عمر السيارة، ضرائب تَصاعدية بناءً على إنبعاثات ثانى أكسيد الكربون أو على حجم الموتور مع عمل إعفاء ضريبى على أنواع معينة من السيارات مثل السيارات الكهربائية والهجين.

وأوضحت تحليلات البيانات أن ثلثين الدول أى نحو 86 دولة من أصل 146 دولة لديها سياسات ضعيفة أو ضعيفة للغاية للتحكم فى إستيراد المركبات المستعملة ونحو 43 دولة أو ثلث الدولة لديها سياسات تَتَراوح من جيدة إلى جيدة للغاية.

ونشأت الفجوة بين الأسواق المًصدرة والأسواق المستوردة للمركبات المُستعملة من تطبيق سياسات قديمة عفا عليها الزمن ولا تضع المواصفات البيئية فى الإعتبار. 

وبناءً على ما سبق فهناك حاجة إلى مزيد من البحث لمزيد من التفاصيل حول تأثيرات التجارة فى المركبات المُستعملة بما فى ذلك المركبات الثقيلة المُستعملة على البيئة.

تَتَحمل البلدان المُصدرة والمُستوردة المسؤولية المُشتركة لتَحسين وتنظيم إستخدام المركبات المُستعملة لتقليل آثارها السلبية.

كما أنه يجب تشديد اللوائح تدريجياً في السنوات القليلة القادمة والترويج لمركبات منخفضة الانبعاثات وعديمة الانبعاثات كطريقة ميسورة التكلفة للبلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض.

 

 

 

شارك
نشر المقال:
د. عاصم عبد المنعم أحمد