التصنيفات: الصحة الجيدة

مدينة صناعية لا ترى بالعين المجردة

نعم ..إنها مدينة صناعية كاملة متكاملة ، تعمل بدقة متناهية ونظام يقاس بأجزاء الثانية و برمجة فريدة تضاهي أعقد البرمجيات الرقمية الذكية على الإطلاق.

هذه المدينة الصناعية هي الخلية بنوعيها الخلية النباتية و الحيوانية ، ولكني سأركز هنا على الخلية الحيوانية وهي التي تعتبر الوحدة الأساسية في بناء أجسامنا وأعضائنا.

وتعتبر الخلية عالماً يتنافس العلماء في إكتشاف أدق الأسرار التي تشغل النظام المتكامل فيها ، فكل العضيات الموجودة فيها تمثل مصنعاً منفردا ولكنها تترابط فيما بينها وكل منها يكمل وظيفة الأخر ، وإذا تتبعنا النموذج المعروف في الخلية فسنجد إن العضيات تتناثر حسب ترتيب هندسي عالي الدقة وكأنها في مجالات تترابط فيما بينها وتتبع كلها لقبلة واحدة تسيرها وهي النواة العقل المدبر الذي يدير جميع المنظومة بإسلوب تواصلي مذهل .

توصل العلماء لدراسة أدق التفاصيل في تركيب النواة وبعض الأسرار التي تشمل تنظيم العمل الخلوي والوراثي وهما أساس التباين والإختلاف من خلية لأخرى حسب إختصاصها في الجسم من خلال منظومة جينية غاية في التعقيد تختلف بإختلاف الخلية والإختلاف الوظيفي.

وهذه المنظومة الجينية ليست حكرا على الخلية بل أيضاً تمرر إلى الخلايا المجاورة فيصبح هناك تواصلا وتناغماً بين الخلايا في النسيج الواحد.

فمثلا عند إرتفاع نسبة السكر في الجسم تبدأ السيالات العصبية بإرسال إشارات إلي خلايا البنكرياس يإفراز الأنسولين ، ولكن هل الأنسولين جاهز في خزانات كما يظن البعض ويتم ضخه عند الحاجة ؟

الإجابة هي : لا ..

عند حاجة الجسم للأنسولين تبدأ السيالات العصبية المرسلة من الدماغ تباعاً لمواجهة حالة الطوارىء ، تطلق خلايا بيتا في البنكرياس أيضاً جرس الإنذار وتنتقل الإشارات إلى النواة ، تبدأ منظومة متكاملة من الجينات خاصة بإنتاج الأنسولين والتي تعرف الإشارات الحيوية Insulin signal transduction pathway ، ومن جين المرسل من خارج الخلية إلي المستقبلات الموجودة على الغشاء السيتوبلازمي للخلية يتم التحقق منها هويتها وتعطى التصريح بالدخول برفقة مساعدات تنطلق في طرق خاصة ويتم تسليمها إلي المستقبلات على النواة ثم إلي النوية يبدأ الخط الإنتاج بفك شيفرة المرسل ، من ثم عملية التعبير الجيني للأنسولين ، وطبعا البروتينات يتم توفيرها من مصنعها في الرايبوسومات وأجسام جولجي وعملية شحن هذه البروتينات إلى النواة تحتاج إلى طاقة فتوفرها الميتوكندريا ويتم أخيراً إنتاج الأنسولين وينقل بواسطة ناقلات خاصة من خلال الثقوب النووية إلى السيتوبلازم وهكذا إلي الوسط بين الخلوي إلى الجسم لتخفيض نسبة السكر في الجسم .

كل هذه العملية لا تستغرق ثواني ، يتم الإنتاج بمواصفات عالية إلا إذا كان هناك خلل في الخلايا المنتجة فتتعرقل عملية الإنتاج وبالتالي تصبح الخلية غير قادرة على إنتاج الأنسولين وعندها يطلق الجسم حالة الخطر وبالتالي يستعان بإنسولين من مصادر خارجية .

ولك أن تتخيل مدى دقة العمل في الخلية حيث تنتج بإنتظام ألالاف من البروتينات والهرمونات والأجسام المضادة الخاصة بالمناعة وغيرها وكل له خطه الإنتاجي الخاص به من الجينات والمستقبلات والناقلات ، لذلك الخلية هي أساس الكائن الحي وأي خلل فيها هي أساس الأمراض بأنواعها المختلفة.

https://m.youtube.com/watch?v=B_zD3NxSsD8&feature=youtu.be

شارك
نشر المقال:
علياء كيوان