ما هي الأفانتازيا، أو عدم القدرة على التخيل؟

في 22 نيسان، أشار المؤسس المشارك في فايرفوكس (بليك روس) إلى أنه يعاني من حالة تسمى الـ(أفانتازيا) أو عدم القدرة على التخيل.

في حين أن معظم الأشخاص يمكنهم بسهولة تصور كل شيء من مثلث أحمر بسيط لمشهد شاطئ معقد كامل مع المظلات، والأمواج، والأشخاص السعداء، يصر (روس) على أنه لا يستطيع أن يرى شيئاً، حيث أشار أن بإمكانه التفكير في كل هذه الأمور التي قد توجد في مشهد الشاطئ، ولكن عقله لا يستحضر التمثيل البصري المرافق لهذه الفكرة، ولا يمكنه عرض الصورة في ذهنه.

استطاع (روس) تشخيص حالته بعد أن قرأ مقالاً في مجلة (نيويورك تايمز) في عام 2015 حول مريض وصف حالته في دراسة حالة تم إجراؤها في عام 2010، حيث كان هذا المريض قد خسر قدرته على التخيل في سن الـ 65 بعد إجرائه لعملية جراحية في القلب، ولكن الأشخاص مثل (روس) وغيره من الأشخاص الذين وصفت حالتهم في الدراسات والأبحاث يشيرون إلى أن هناك نوع من هذه الحالة يبدأ منذ الولادة أيضاً.

لم يتأكد الباحثون بعد تماماً من سبب الإصابة بحالة الأفانتازيا، وذلك على الرغم من العديد الكبير من المرضى الذين يعانون من هذه الحالة منذ عام 1880، وهذا يعود في جزء كبير منه إلى ندرة هذ الحالة، حيث أشار (ستيفن كوسلين)، عالم الأعصاب الإدراكي في كلية مينرفا بالمعهد العالي، بأن العثور على المرضى الذين لديهم هذه الحالة حقاً صعب للغاية.

في حالة المريض الذي جاء ذكره في تقرير النيويورك تايمز، وجد الباحثون أن عرض صورة لرئيس الوزراء البريطاني السابق (توني بلير) عليه، أدى إلى تنشيط نمط معين في دماغه كان بإمكانهم رؤيته من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي، وفي حين أن الطلب من معظم الأشخاص أن يتصوروا (بلير)، سيؤدي إلى جعل الباحثين يرون ذات النشاط الدماغي في ذات المناطق مرة أخرى، حتى ولو لم يكن النشاط بذات القوة، ولكن دماغ ذلك المريض بالتحديد لم يظهر شيئاً عندما طلب منه تصور (بلير).

بحسب الباحثين، فبغض النظر عن الحالة الواردة في تقرير نيويورك تايمز، وعدد قليل من التقارير الأخرى، فنحن لا نعرف الكثير عن حالة الأفانتازيا، وهذا البيان كان قد صدر في العام الماضي، وحتى الآن لم تنشر الكثير من الأبحاث التي تتحدث عن كيفية نشوء هذه حالة أو ما يحدث في دماغ الأشخاص المصابين بها.

يعتقد (كوسلين) أن حالة الأفانتازيا يمكن أن تكون فردية لدى كل شخص يعاني منها،حيث يقول أن الدماغ لديه “مسارات” مختلفة لمعالجة الصور المرئية، أحدها لمعالجة الشكل واللون، وآخر للمساحة والموقع، فعلى سبيل المثال، يمكن للشخص الجيد في التصورات التي تعتمد على الموقع أن يخبرك بسهولة باليد التي تحمل الشعلة في تمثال الحرية، في حين أن الشخص الجيد في التصور الذي يعتمد على الشكل واللون سيكون من الأسهل عليه تذكر أنواع الحيوانات التي تمتلك آذان منقطة.

ولكن الكثير من الأشخاص الذين يعانون من الأفانتازيا لا يدركون بأن هناك شيء غريب يعانون منه حتى وقت لاحق من حياتهم، فبشكل مشابه للأشخاص الذين يعانون من مشكلة في القدرة على التعرف على الوجوه، أو الذين يربطون معنيين مختلفين ببعضهما البعض، عادة ما يكون الأشخاص المصابين بالأفانتازيا جيدين جداً في تطوير آليات تجعلهم يلتفون على عجزهم لدرجة أنهم لا يدركون بأنهم يعانون من الحالة، حيث أنهم يفترضون أن كل الأشخاص مثلهم، وغالباً ما ينصدمون عندما يدركون بأنهم مختلفين.

يؤكد (كوسلين) أن الأفانتازيا لا تشكل عجزاً بالنسبة لمعظم الأشخاص، حيث يقول بأن الدماغ مرن بشكل لا يصدق، وغالباً ما يكون هناك أكثر من طريقة واحدة لفعل الشيء، وعلى الرغم من أن آليات الالتفاف على العجز قد تتطلب بذل المزيد من الجهد في بعض الأحيان، ولكن النتيجة النهائية تكون نفسها إلى حد كبير، لذلك قد لا ينزعج المرء جداً إذا ما اكتشف أنه لا يمتلك القدرة على التصور العقلي.

يبدو وكأن (روس) يعاني من شكل حاد نسبياً من الأفانتازيا، فبحسب روايته، فإنه لا يستطيع حتى تخيل أصوات الأشخاص أو حتى إبصارهم في أحلامه، وهو شيء يبدو بأنه يمكن أن يحدث مع الأشخاص الذين يعانون من الأفانتازيا، لكنه يأمل أن تساعد مشاركته لتجربته مع الجمهور المزيد من الأشخاص في إدراك حالتهم والمساهمة في الأبحاث عن طريق التواصل مع العلماء الذين يدرسون هذه الحالة.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير