التصنيفات: الاحتباس الحراري

ما مدى تأثير العواصف الشمسية على الأرض؟ وهل تهدد حياتنا؟

في الأسبوع الأول من شهر أغسطس 2023، تسببت عاصفة شمسية في انقطاع تام للتيار الكهربائي في أمريكا الشمالية، ومن المتوقع أن تتزايد مثل هذه العواصف الشمسية في الأشهر والسنين المقبلة، نظراً لاقتراب اكتمال بلوغ الشمس دورة نشاطها في 2025 م والتي تمتد 11 عاماً. فما هي العاصفة الشمسية وما تأثيرها على الأرض؟ هذا ما سنتعرف عليه في السطور القادمة.

ما هي العواصف الشمسية؟

تحدث العاصفة الشمسية نتيجة حدوث انفجارات شمسية شديدة عبارة عن اندماجات نووية بملايين الأطنان من عنصر الهيدروجين والهيليوم الموجود على سطح الشمس، ما ينتج عنه طاقة حرارية تقدر بملايين الدرجات المئوية في الثانية؛ مما يسبب تسريع ملايين الأطنان من الجزيئات المشحونة أو الفوتونات وانطلاقها في ثوانٍ خارج سطح الشمس في صورة رياح شمسية، فتؤثر على المجال المغناطيسي للأرض. 

أما المادة الحلقية المتوهجة على سطح الشمس فهي عبارة عن البلازما، وهي الحالة الرابعة للمادة فهي عبارة عن غازات ساخنة مكونة من الهيليوم والهيدروجين المشحونين كهربائياً. تتدفق هذه البلازما على شكل بنية متشابكة ملتوية بسبب المجال المغناطيسي الداخلي للشمس. وعندما تصبح هذه الشبكة غير مستقرة تنفجر إلى الخارج وتطلق البلازما مسببة ما يعرف لدينا بالانفجارات الشمسية.

اقرا ايضا

الأنتقال لـ الطاقة المتجددة خيار السودان الأفضلhttps://www.nok6a.net/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84-%d9%84%d9%80-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%ac%d8%af%d8%af%d8%a9-%d8%ae%d9%8a%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88/

يتغير نشاط الشمس عبر مسار دورتها التي تستمر 11 عاماً تقريباً، هذا التغير من ناحية عدد البقع الشمسية ومستويات الإشعاع والمواد المنبعثة منها، وهذه التغيرات تؤثر على طبيعة الرياح الشمسية من حيث سرعتها وحرارتها وكثافتها وخواص غلافها المغناطيسي. 

ومن المتوقع اكتمال دورة نشاط الشمس في يوليو 2025، وحتى هذا التاريخ يتوقع زيادة نشاط العواصف الشمسية حتى تصل لذروتها في 2025. 

يذكر أن شهر يونيو ويوليو الفائتين قد شهدا توهجات للعواصف الشمسية من النوع X، وهي أعلى فئة للتوهجات الشمسية. 

ما هو تأثير العواصف الشمسية على الأرض؟

عند النظر إلى السماء بالعين المجردة، نعتقد أنها هادئة، ثابتة ومستقرة، لكن الحقيقة أنها في حركة مستمرة. فالشمس لا تمنحنا الضوء والدفء فقط، بل إنها تمد الأرض باستمرار وكذلك النظام الشمسي بالمجال المغناطيسي والطاقة على شكل ضوء وجسيمات مشحونة كهربائياً. 

هذا التأثير الذي تحدثه الشمس في النظام الشمسي يعرف بالطقس الفضائي، حيث تنتج الشمس حرارة تصل لمليون درجة مئوية في الثانية، بالإضافة إلى مجالات مغناطيسية شديدة وجسيمات مشحونة تنطلق عبر الرياح الشمسية في الفضاء بسرعة تصل من 800 ألف إلى 5 مليون ميل في الساعة، وتحمل تلك الرياح مليون طن من الجسيمات المشحونة في الفضاء كل ثانية حتى أنها تصل لما هو أبعد من النظام الشمسي، وتؤثر سرعة وكثافة الرياح الشمسية وكذلك المجال المغناطيسي لهذه البلازما على المجال المغناطيسي للأرض.

ما هي أنواع النشاط الشمسي وإمكانية وصوله للأرض؟

ينقسم النشاط الشمسي المؤثر على طقس الفضاء بشكل عام إلى أربعة مكونات: 

  • التوهجات (الانفجارات) الشمسية

 تؤثر على الأرض فقط في حال كانت تلك التوهجات على جانب الشمس المقابل للأرض، لأنها تتكون من فوتونات تنتقل مباشرة من موقع التوهج؛ لذا عند رؤيتنا لموقع التوهج يمكننا فقط في هذه الحالة أن نتأثر به.

  • الانبعاثات الكتلية الإكليلية الناتجة من الشمس (CME)

وهي عبارة عن سحب كبيرة من البلازما والمجال المغناطيسي الخارج من الشمس، تخرج في كل الاتجاهات وتنطلق عبر الرياح الشمسية، وفي حال كانت تلك السحب موجهة نحو الأرض فإنها ستضرب الأرض وتسبب حدوث تأثيرات.

  • الرياح الشمسية عالية السرعة

تنطلق الرياح الشمسية من مناطق على سطح الشمس تعرف بالثقوب الإكليلية، والتي يمكنها أن تتشكل في أي مكان على سطح الشمس، وإذا كانت هذه الثقوب قريبة من خط الاستواء الشمسي فإن الرياح الناتجة عنها يمكنها أن تؤثر على سطح الأرض.

  • الجزيئات النشطة الشمسية

عبارة عن جسيمات نشطة عالية الطاقة، يعتقد أنها تكونت نتيجة التصادمات التي حدثت من التوهجات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية. ولأنها مشحونة؛ فإنها تتبع خطوط المجال المغناطيسي المنتشرة في الفضاء، وتؤثر على الأرض فقط في حال كانت تتبع خطوط المجال المغناطيسي المتقاطع مع الأرض. 

خطورة العواصف الشمسية

عند وصوله الأرض، يؤدي الإشعاع الناتج عن الرياح الشمسية إلى أضرار خطيرة في حياة أي كائن حي، ويعد المجال المغناطيسي للأرض عامل حماية لكل الكائنات الحية من تلك الإشعاعات، حيث يعيد توجيه تلك المواد حول الكوكب فيشتتها نحو الأقطاب المغناطيسية للكوكب مما يتسبب في ظهور الشفق القطبي.

ومن أضرار العواصف الشمسية على الحياة على كوكب الأرض ما يلي:

  • تؤثر العواصف المغناطيسية الشمسية على التيارات الكهربائية الموجودة على سطح الأرض، فتسبب تعطيل شبكات الكهرباء والطاقة وتآكل خطوط أنابيب النفط والغاز.
  • تتداخل التغيرات في الغلاف الأيوني للأرض (تتأين الذرات والجزيئات في الغلاف الجوي وتكون إلكترونات حرة، يمكنها امتصاص موجات الراديو عالية التردد HF) مع الاتصالات اللاسلكية ذات التردد العالي في نظام الملاحة العالمي لتحديد المواقع GPS مما يجعل الاتصال اللاسلكي صعباً أو مستحيلاً.
  • قد تسبب الجسيمات النشطة حوادث خطيرة للطائرات التجارية العابرة للقارات والمركبات الفضائية، فتحدث خللاً موقتاً في أنظمة التشغيل، وتسبب إتلاف الأجهزة الإلكترونية المهمة، وتحدث عطلاً في أجهزة التصوير وأجهزة تتبع النجوم.
  • في حال تعرض رواد الفضاء لعاصفة شمسية خلال تواجدهم في مهمة فضائية، فإنهم قد يتعرضون لجسيمات شمسية مشحونة أعلى من الحد المسموح به في ساعات معدودة فقط، مما يسبب أضراراً بالحمض النووي البيولوجي ما قد يهدد حياتهم.

الجدير بالذكر، أن هذه العواصف الشمسية تتغير شدتها بتغير دورة نشاط الشمس التي تمتد 11 عاماً ارتفاعاً أو انخفاضاً، وقد تسببت عاصفة شمسية في انقطاع خدمة التليغراف عام 1859 م، وفي عام 1989 م تسببت عاصفة شمسية أخرى في كندا في انهيار شبكة الطاقة المائية وانقطاع التيار الكهربائي العام لمدة 9 ساعات مما أثر على حياة 9 مليون شخص. 

يتخوف العلماء من حدوث عواصف شمسية أشد خلال السنوات القليلة القادمة، مما قد يؤثر على الحياة على كوكب الأرض. فهل تعيدنا العواصف الشمسية إلى عصور ما قبل التكنولوجيا؟!

المصادر:

ناسا

ناسا بالعربي

swpc

شارك
نشر المقال:
نورا جمال