غير مصنف

ما لا تعرفه عن المكانة العلمية والصناعية للزنك؟ وعظمته الصحية والطبية

بقلم: أ. د. نصرالله محمد دراز

أستاذ علم المواد والنانوتكنولوجى

[[ المركز القومى للبحوث- الدقى – مصر ]]

الزنك ( الخارصين) من العناصر الحياتية المهمة والتى لها تأثير كبير فى حياتنا على كافة المستويات الصناعية والبيئية والطبية والزراعية ….ألخ. ولكن ماهو الزنك؟ الزنك هو فلز أبيض لامع أحتل مكانه  في المجموعة الثانية عشر من الجدول الدوري. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ولكنه كان عنصرا بللورى هش فى درجات الحرارة العادية تزداد صلابته ويصبح قابلا للطرق والتشكيل بمعالجة حرارية بسيطة تتراوح مابين 110 الى 150 درجة مئوية.ولكن ماهى علاقته بالعناصر الأخرى؟ يتفاعل مع الاكسجين مكونا أكسيد الخارصين كما يتفاعل مع غيره من العناصر الأخرى معطيا مركبات مختلفة. وتميز الخارصين أيضا برفضه التام للصدأ فكان مقاوما له مقاومة شديدة.

وعلى الرغم من كل هذه الخصاص التى تأتى لنا بقيمة مضافة للزنك تعزز بل تعظم من قيمتة نجد أمامنا اللمحة التاريخية لهذا العنصر الهام والتى تؤكد لنا أن الزنك لم يحظ بالاهتمام فى العصور القديمة حتى أدركت البلدان المنتجة له مدى أهميته مع مرور الوقت. وكان فى صدارة الدول المنتجة للزنك، الصين التى تنتج اكثر من ثلث الزنك المتاح ثم جاءت أستراليا فى الترتيب الثانى ومن بعدها بيرو ثم الولايات المتحدة ….الخ وكان ذلك من خلال تقرير لهيئة المسح الجيولوجى الأمريكى. وفى حقيقة الأمر لم ينتشر انتاج الزنك كمعدن نقى الا فى القرن الثانى عشر الميلادى فى الهند التى اكتفت بانتاجه بكميات كبيره فى القارة الهندية دون غيرها حتى انتشر توزيعه بعد ذلك بعدة قرون فى القارة الأوربية. كان الانتاج كبير مع غياب الاقتصاد المعرفى الذى هو هدف وأساس أى معرفه فى عصرنا الحديث ولقد تأكد هذا من خلال الاكتشاف المتأخر للخواص الالكترومغناطيسية التى توصل لها العلماء فى أوائل القرن التاسع عشر الميلادى.

مكانة الزنك الصناعية

احتل الزنك ومركباته مكانة لسيت بالبسيطة فى الكثير من الصناعات. فها هى عملية الجلفنة التى هى عبارة عن طلى المعادن قد اعتمدت بدرجة كبيرة على الزنك لما له من خواص مضادة للتأكل ومن هنا كان طلى الصلب وغيره من المعادن للحماية بل ومنع عمليات الصدأ والتآكل لدرجة أنه فى سنة 2009 كان 50% من الزنك المستخدم فى الولايات المتحدة يوجه لأغراض الجلفنة كما وصلت نسبة الزنك فى النحاس الأصفر الى 45% حتى جعلت من معدن النحاس الأصفر المختلط  معدنا مثاليا لصنع مكونات الكمبيوتر وصمامات المياة والأدوات الموسيقية. هذا ولم تقف مركبات الزنك مكتوفة الأيدى بل توغلت وبقوة فى الصناعة عندما تم أستخدام كلوريد الزنك فى حفظ الأخشاب وفى مكافحة الحريق. وكأن العراك الصناعى بين مركبات الزنك لم ولن ينتهى وخصوصا مع التطور بل الحراك النانوتكنولوجى  الذى مكن كبريتيد الزنك من مد المكونات بالضوء مثل عقارب الساعة والدهانات البراقة وشاشات التليفزيون. علاوة على استخدام أكسيد الزنك فى الدهانات واللدائن والسيراميك والزجاج والأسمنت والمطاط (اطارات السيارات) وفى المعدات الألكترونية لأنه من أشباه الموصلات وكمتحسس للغازات. علما بأن أكسيد الزنك المستخدم تجاريا يصنع تركيبيا لأن أكسيد الزنك أو الزنكيت الموجود فى القشرة الأرضية ماهو الا اكسيد الزنك الأحمر. وهنا كان لعلم وتكنولوجيا النانو عظيم الأثر فى الحصول على أكسيد الزنك النانوى ذو الكفاءة العالية فى التطبيق والانتقائية الكبيرة فى معظم عمليات الحفز الغير متجانس كونه حفاز  ممتاز لإنتاج المواد الكيميائية الدقيقة اعتمادا على أنه حفاز غير مكلف وغير سام وله مزايا بيئية فريدة مثل اعادة تدوير الحفاز وسهولة النقل والتخلص من الحفاز….ألخ. أما عمليات تصنيع أكسيد الزنك ونظرا لأهميته كانت متعددة وذات أليات مختلفة فكان هناك الأليات المختلفة من الطرق الفيزيائية والطرق الكيميائية وتلك البيولوجية والتى تنافست فى الوصول الى أفضل الطرق الاقتصادية من حيث توفير الوقت والجهد والمال.

وفى مجال الحد من التلوث البيئى كان لنا وللمجموعة البحثية التى تعمل معى بالمركز القومى للبحوث بمصر وبجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية مجموعة من الأوراق العلمية المهمة التى نشرت فى مجلات علمية عالمية متخصصة حول انتاج حفاز مكون من خليط من أكسيدى الزنك والنحاس لتحويل أول أكسيد الكربون الملوث للبيئة الى ثانى أكسيد الكربون عن طريق أكسدته بالأكسجين. علاوة على أوراق علمية أخرى تم فيها استخدام كمية قليلة من أكسيد الزنك كعامل اشابة لحفاز أكاسيد المنجنيز والألومنيوم وكانت النتائج كلها تصب فى اتجاه التأثير الكبير فى زيادة كفاءة وانتقائية الحفازات المستخدمة مما يقلل من تلوث الهواء بغاز أول أكسيد الكربون السام. وكان لمجموعتى البحثية مجموعة أخرى من الأوراق العلمية التى أدت الى انتاج مواد مغناطيسية هامة محتوية على الزنك منها فريتات الزنك والمنجنيز التى أظهرت قدرة مغناطيسية عالية على الرغم من أن أكسيد الزنك مادة لامغناطيسية واستخدمت هذه المواد لتخزين الطاقة كما أستخدمت فى شرائح تخزين المعلومات. وكانت مورفولوجيا فريتات المنجنيز والزنك المختلطة اسفنجية الشكل تحتوى على ثقوب وتجاويف كثيرة مما يزيد من مساحة سطحها بالنسبة لحجمها الذى هو أقل من 100نانومتر ك.

عظمة الزنك الصحية أو الطبية أو البيولوجية

الزنك وكأنه الساحر الصغير بالنسبة للانسان يحتاجه بكميات صغيرة (15ملغم للرجال & 12ملغم للنساء يوميا) ولكن تأثيراته مهمة وحساسة لأنه يوجد في جميع خلايا وأنسجة الجسم وخاّصة العضلات والعظام، فيعتبر هو المسؤول عن تحفيز أكثر من 300 إنزيم لتوّلي العملّيات الحيوّية الضروريّة، وأي خلل في نسبة معّدلات الزنك في الجسم سواء بالزيادة أو النقصان يؤدي إلى حدوث اضطرابات داخل الجسم ومشاكل صحّية. ألهذا الحد كانت ولازالت أهمية الزنك؟ نعم فالزنك مادة طبيعية مهمة جدًا في الجسم لأنه يحفز على انتاج البروتين والمادة الوراثية في الخلايا، كما يساعد مع هرمون الأنسولين الموجود في الجسم بشكل طبيعي على حرق الكربوهيدرات. ومن هنا نجد أن فوائد الزنك بالنسبة للانسان كثيرة ومتعددة نسرد بعضها على سبيل المثال لا الحصر:

1- يعمل الزنك على نمو الأعضاء الجسدية وبالتالى البلوغ، كما يزيد من الحيوانات المنوية التي تننتجها غدد البروستاتا عند الرجال من خلال تنظيم هرمون التستوستيرون أو هرمون الذكورة.

2- يعالج الزنك حساسية والتهابات وأمراض الجلد مثل الإكزيما وكذلك الجروح والحروق، لهذا نجد الزنك فى المراهم التخديرية والمسكنة والحيوية.

3- يساعد الزنك الجسم فى إنتاج كريات الدم البيضاء التي تقوي جهاز المناعة.

وخلاصة ماسبق هو ان هناك احتياج دائم من الجسم لعنصر الزنك. ولكن كيف يتناول الانسان هذا العنصر المهم للغاية؟ هذا يكون من خلال  المكّملات الغذائّية التي تحتوي على الزنك او مايسمى بحبوب الزنك،  وهذا ليس كافًيا وحده ويكون فى حالات نقص الزنك بالجسم فقط بمعنى أن هذا هو الاستثناء، علاوة على دعم الجسم بتناول الأطعمة الغنية بالزنك وهذا هو الأصل (الشكل 4) ، ومن هذه الأطعمة المأكولات البحرية وخاصة المحار واللحوم الحمراء والمكسرات والسبانخ والكاكاو والدجاج والأفوكادو. ويجب أن لانسى ماأمرنا الله سبحانه وتعالى به فلقد أمرنا سبحانة وتعالى بالاتزان فى كل شئ بمعنى البعد عن الزيادة او النقص فى أى شئ حتى فى الكلام . ومن هنا هل لنقص عنصر الزنك بالجسم أضرار؟ نعم ولزيادته بالجسم أضرار أيضا منها  منع الجسم من امتصاص المعادن الأخرى علاوة على الشعور بالرغبة في التقّيؤ والغثيان بالاضافة الى التسبب في نقص ماّدة النحاس في الدم  وسهولة  تكّون الحصوة  وسرعة الوصول الى  الفشل الكلوي. أما نقص عنصر الزنك بالجسم  يؤدى الى ضعف عام في نمو الأطفال وضعف في النشاط والشعور بالاكتئاب وضعف في الشهّية، والشعور بالمرار في الفم مع هبوط عام في عملية الشم وتذوق الأطعمة.

بنفس القوة ونفس التأثير نجد أهمية عنصر الزنك بالنسبة للنبات سبحان الله له فى خلقه شؤون. كما أن هناك علاقة طردية قوية بين نقص أو زيادة الزنك فى النبات وهذا النقص أو تلك الزيادة فى الانسان، فنقص الزنك في التربة يؤدى الى نقص  الزنك في الحبة والقشة مما يؤدي الى تغذية سيئة للبشر والحيوانات. فنجد  الزنك من العناصر الصغرى الضرورية للنبات والذي لا تقل أهميته عن أي عنصر ضروري للنبات، لأنه يدخل الزنك في تركيب جدران الخلايا، كما يزيد من تركيز الفوسفور في الأجزاء الهوائية المتشكلة، ويلعب دورا في كمية ونوعية المحصول، وله دور مهم في اصطناع الأوكسينات، وتركيب البروتين والكلوروفيل، ناهيك عن أهميته للانزيمات . كما نجد تمتع عنصر الزنك بخصائص مقاومة للبكتريا.

 للزنك … حديث أخر

هل للزنك حديث اخر؟ نعم للزنك حديث بل أحاديث أخرى فى الصناعة والزراعة والطب والهندسة والصيدلة. لقد ارتبط الزنك فى حديثة البسيط العظيم ارتباطا قويا بكافة مناحى الحياة الصناعى منها والبيئى والطبى.

 

شارك
نشر المقال:
أ. د. نصرالله محمد دراز - Prof. Dr. N. Deraz
الوسوم: الزنك