الصحة الجيدة

ما الذي يفعله إدمان الهواتف الذكية بدماغنا

الآثار الاجتماعية المترتبة على الهواتف الذكية موثقة بشكل جيد، فالعمل على الأجهزة الذكية الخاصة تشتت أقاربنا وأصدقاؤنا عن الدخول في محادثة أو قراءة خبر أو مادة ما خارج أخبار الفيسبوك، ولكن تأثير تكنولوجيا الهاتف النقال تذهب إلى ما هو أبعد من العلاقات الشخصية فالهواتف الذكية لها آثار فيزيولوجية ضارة محتملة على وظائف دماغنا، حيث أصبح إدمان الهواتف الذكية اتجاهاً مطرداً يبعث العلماء على القلق بشكل متزايد ويجعلهم يحاولون فهم هذه الظاهرة.

هناك بعض الصعوبات في طرق فهم التأثيرات العصبية للهواتف الذكية, وعلى الرغم من تمسكنا بهذه الهواتف لا تزال هذه التكنولوجيا جديدة نسبياً بل وتتطور باستمرار، هذا التجديد يجعل دراسة تأثير الهواتف الذكية تحدياً أكبر، لكن الباحثين بدأوا في فهم الصورة بشكل أوسع.

الإدمان السلوكي للهواتف الذكية قد يحمل تأثيرات عصبية

النظرة الأكاديمية الأبرز لهذه الظاهرة يقدمها (جيمس روبرتس)، أستاذ التسويق في جامعة بايلور وهي جامعة متخصصة في “الجانب المظلم” من سلوك المستهلك، ففي عام 2014 نشر (روبرتس) هو وعدد من زملائه ورقة عمل بعنوان “الإدمان الغير مرئي: أنشطة الهاتف الخلوي والإدمان بين مجموعة من طلاب الجامعات الذكور والإناث”، كشفت النتائج شرعية مصطلح “الإدمان على الهواتف الذكية”، والذي يمكن أن يكون له آثار كبيرة على الأداء الأكاديمي للطلاب.

قد يشير الاعتماد المتزايد على الهواتف المحمولة بين الشباب وطلاب الجامعات إلى تطور استخدام الهاتف الخلوي من عادة إلى إدمان وفقاً لورقة العمل السابقة، وبشكل عام يمكن القول بأن أي شيء يمكن أن ينتج إحساساً ممتعاً له القدرة على أن يصبح إدماناً، فأي سلوك متكرر يحمل تأثيرات محددة محفزة لمركز المكافأة ضمن الدماغ من خلال عمليات كيميائية حيوية في الجسم، تحمل احتمالية إحداث الإدمان.

إذن، الكلمة المفتاحية هنا هي “الكيمياء الحيوية”، بما أن آثارها تشير الى الانتقال من الإدمان السلوكي النفسي إلى مضار عصبية، ويتناول (روبرتس) في إحدى الدراسات هذا الإطار بشكل أبعد من ذلك وذلك اعتباراً من عام 2011 حيث كان عنوان هذه الدراسة “عندما تتحول سلوكيات الاستهلاك إلى سلوكيات إدمان”.

تقترح هذه الدراسة تطبيقات شائعة تستعمل في الهواتف المحمولة من أمثلة مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني والرسائل النصية التي يحتمل أن تستخدم هذه السلوكيات الاستهلاكية لتفعيل عمليات جسدية إدمانية في الشبكات العصبية البيولوجية مثل التي يفعلها تعاطي المخدرات.

الاعتماد الزائد على الهواتف الذكية يحمل تطبيقاً للتفكير المتكاسل

الهواتف الذكية لا تؤثر على وظائف دماغنا بشكل نظري فحسب بل يرتبط استعمالها أيضاً بالملكات الفردية للتفكير التحليلي، فوفقاً لدراسة من قبل جامعة (واترلو) تم نشرها في الجريدة العلمية بعنوان (الحواسب في السلوك البشري) وجد الباحثون رابطاً بين الاستعمال المفرط للهواتف الذكية و انخفاض الذكاء، حيث تبين بأن الأشخاص الذين يتميزون بانخفاض التفكير التحليلي يستعملون الهواتف الذكية كمحرك بحث ليجدوا إجابات للأسئلة التي يريدون معرفة أجوبتها, أما الأشخاص الذين يتميزون بارتفاع نسبة التفكير التحليلي يستعملون هواتفهم الذكية كمحرك بحث لمعرفة أجوبة أسئلة بشكل أقل و يظهرون وظائف معرفية  أقوى وقدرات استنتاجية أعلى.

أحد الأشياء التي يمكن أن تفعّلها الهواتف الذكية لتسهيل أمورنا هي عدم تمرين دماغنا وفقاً لإحدى الدراسات التي قام بها (بينيكوك)، ويقول أيضاً في هذه الدراسة أن استعمالنا للهواتف الذكية لا يجعل دماغنا يعمل بشكل أسرع أو أبطأ وإنما نستعملها لأننا لا نستعمل دماغنا بطاقته القصوى.

لا يمكن اعتبار أن (بينيكوك) ضد استعمال الهواتف الذكية وفقاً لدراسته، ولكنه قلق بخصوص قدرة الهواتف الذكية على التأثير على وظائف الذاكرة والطاقة المعرفية، فعندما تم اختراع الكتابة سابقاً قال (سقراط) بأن هذه الاختراع سيكون بمثابة النهاية للاعتماد على الذاكرة حيث سيميل الأشخاص لكتابة كل شيء بحيث لا يضطرون للاحتفاظ به في ذاكرتهم.

رغم كافة ما ذكرناه سابقاً، تعد الهواتف الذكية شيئاً مختلفاً حقاً، لأنها تبقى مصدر ذاكرة خارجي بشكل رئيسي, بحيث تلغي الحاجة لتذكر شيء مهم، لكن للأسف لم يستطع العلم حتى الآن معرفة كامل تأثيرات الهواتف الذكية بعد.

شارك
نشر المقال:
Diana