التصنيفات: الصحة الجيدة

ماكدونالدز بريء: معلومات يجب أن تعرفها عن عفن الطعام

 

أغلبنا شاهد فيديوهات مختلفة لأشخاص اشتروا برجر من ماكدونالدز وتركوه معرضًا للهواء الطلق لأسابيع بدون أن يتعفن ذلك البرجر، طارحًا أسئلة خطيرة حول المواد الحافظة التي تضيفها ماكدونالدز إلى مكونات طعامهم، ومطلقًا حملاتٍ واسعة ضد سلسلة الطعام المشهورة، بدون التمهل قليلًا والأخذ في الاعتبار أن مكدونالدز قد تكون بريئة بالفعل!

قبل أن نتناول ما حدث مع ذلك البرجر الخارق يجب أن نوضح مجموعة من الاستفهامات، ابتداءً من:
ما هو تعفن الطعام؟
جميعنا نعرفه، وخاصة عندما تنقطع الكهرباء في يوم صيفي حار، لتفتح الثلاجة وتفاجأ بمزيج الروائح الكريه الذي يقبع منتظرًا بالداخل، أحد أسوأ التجارب التي قد تتعرض لها على الاطلاق. فمن المعلوم لدينا جميعًا أن تعفن الطعام هو تغير في الملمس أو اللون أو الرائحة أو حتى المذاق يحدث للأكل بسبب تعرضه لعدد من الظروف المختلفة التي تتسبب في ذلك.

ولكن ما الذي يحدث بالضبط؟ وماهي العوامل التي تؤثر على ذلك؟

حسنًا، عندما يتم حصاد أي غذاء، كالخضروات والفواكه، أو حتى اللحوم من الحيوانات، فانها تنفصل على الفور من المصدر الذي يعطيها الحياة، أي أنها تبدأ في مرحلة الموت مباشرةً بعد فصلها عن ذلك المصدر، ولكن بعض الأطعمة مثل الخضروات والفواكه تتميز بوجود جدران سميكة من الخلايا تقوم بالحفاظ عليها في حالة صالحة للأكل لعدة أيام وأحيانًا لعدة أسابيع، بينما في بعض الأغذية الأخرى، فان تلك الجدران هشة وتنكسر أمام أي غزو خارجي، وبدون ظروف حماية مناسبة، فانها تنهزم بسهولة أمام البكتيريا الغازية وتبدأ في اكتساب لون مختلف ورائحة سيئة وبالطبع مذاق كريه.

والأعداء الرئيسيون في تلك المعركة هم الهواء، الأوكسجين، الرطوبة، درجة الحرارة والضوء. ضع اثنين من تلك العوامل معًا لأي طعام وسيكونا كافيين تمامًا لإفساد ذلك الطعام وتعفنه.

فمثلًا عندما يتعرض الطعام للهواء، تبدأ الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في كل مكان حولنا بالهبوط على الطعام واستخدام ذلك الطعام لأغراضها الخاصة. أضف على ذلك وجود الأوكسجين مثلًا، وستتكون لديك بيئة مناسبة تمامًا لنمو الكائنات الدقيقة، حيث يعزز الأوكسجين ذلك، لتبدأ في ملاحظة التعفن أو التخمر أو تحلل الدهون والفيتامينات، أو تغير اللون والنكهة.

وكل الطعام يحتوي على نسبة معينة من الماء. بمرور الوقت، تقوم الكائنات الدقيقة باستخدام تلك النسبة الموجودة في الطعام كوقود للتفاعلات الكيميائية التي يحتاجونها والتي تتسبب في دورها بتحلل الطعام وبالتالي حصول الكائنات الدقيقة على الطاقة، ومن ثم النمو.

وحتى اذا قمت بتجفيف شيئ تمامًا ولكن وضعته في مكان ما رطب، فان الرطوبة على السطح الخارجي تسمح للعفن والكائنات الدقيقة بالنمو من الخارج، ثم المرور إلى باقي الطعام عن طريق أي شقوق أو ثقوب موجودة فيه.

في حالات أخرى، عندما يتعرض الغذاء إلى الضوء، تبدأ طبقات الطعام الخارجية أحيانًا بالتعفن في عملية تسمى بالتحلل الضوئي. والتحلل الضوئي يمكن أن يتسبب في تغير لون الطعام وكذلك فقدان نكهته وأهم شيء تحلل الفيتامينات الموجودة فيه ليتحول إلى طعام خالٍ من أي قيمة غذائية.

ومن المعروف بالطبع أن درجة الحرارة تلعب دورًا هامًا في عملية تحلل الطعام، فارتفاع درجة الحرارة هو أمر محبب للغاية للكائنات الدقيقة لأنه يساهم في تسريع التفاعلات الكيميائية التي تتسبب في تعفن الطعام عشرات المرات، ولذلك فإننا نستعين بالثلاجة والفريزر لإبطاء تلك العملية على قدر ما نستطيع.

ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن تعفن الطعام هو أمر سيئ بالكلية، فتلك العملية التي تحدث هي عملية طبيعية جدًا، تقوم بأخذ العناصر الغذائية الموجودة في الطعام وإعادة استخدامها من قبل الطبيعة مرة أخرى، والتي ان استطعت التحكم بها، ستنتج قيمة غذائية جديدة مطلوبة وطعمًا محببًا.

فنحن نتناول طعام متعفن يوميًا، بل ان بعضه يمثل وجبة مفضلة بالنسبة لنا، كالجبن مثلًا، فصناعة الجبن هو فن السيطرة على العفن. حيث يتم جلب الحليب واضافة بكتيريا وانزيمات لجعله يتخثر، ثم اعطاءه الوقت المناسب لتكون الجبن الذي تريد، أحيانًا بضع أيام، وأحيانًا بضع شهور كجبن الريكفورد شديد التعفن، مرتفع الثمن.

الكثير من الأمثلة الأخرى، كالعجين المخمر، النبيذ، وحتى المخلل، كل ذلك هو طعام تم وضعه في ظروف متحكم بها لينتج قيمة غذائية مختلفة أو طعمًا مختلفًا.

في بعض الثقافات يمثل الطعام المتعفن طقسًا بالنسبة لهم، بل أن رائحته الكريهة وطعمه السيئ يمثلان عنصرًا محببًا فيه، كالميسو الياباني، والذي يترك فيه فول الصويا ليتخمر مع اضافة ملح وبكتيريا، لينتج طعمًا لاذعًا ورائحة كالمخلل.

في الوطن العربي، يشتهر الفسيخ المصري الذي يأكله المصريون في شم النسيم والفلسطينيون في غزة في عيد الفطر، كأحد أكثر الوجبات تعفنًا. وهو عبارة عن سمك يترك فترات طويلة للغاية معرضًا للضوء مغموراً في ملح وبعض الاضافات الأخرى حتى يتعفن تمامًا، ليؤكل مع الليمون بعدما يتحول لونه إلى البنفسجي.

 

اذًا، ما الذي حدث مع برجر مكدونالدز الذي ظل صامدًا كل تلك المدة بدون أن يتعفن بشكل واضح مثل البرجر منزلي الصنع؟

لا ندعي تمامًا هنا أن مكدونالدز لا تستخدم موانع تعفن كيميائية “مواد حافظة”، فهذا أمر يحتاج إلى عمل تحليل كامل على قطع البرجر، ولكن ربما كان الأمر كله يتعلق بطريقة اعداد مكدونالدز للبرجر!

ففي تجربة أخرى أعدها أحد الطهاة المدربين، اتضح أن السر هنا كان في مستويات الرطوبة. حيث فقدت قطعة البرغر ربع وزنها خلال الأسبوع الأول، مما يشير إلى أنها قد جفت.

وبدون رطوبة، يستحيل نمو العفن. ولأن برجر مكدونالدز كما يعرفه أغلب مستهلكيه، رقيق بمساحة سطحية كبيرة نسبيًا، فانه يجف بسرعة كبيرة قبل أن يبدأ حتى في التعفن.

الأمر الذي زاد من مصداقية استنتاجه، عندما وضع ذلك البرجر داخل كيس مغلق، ليتعفن بالكامل في أقل من أسبوع!.

هذا لا يعني اطلاقًا أننا نخبركم أن برجر مكدونالدز آمن، فمن ناحية أخرى، وجبة تحوي برجر وبطاطس مقلية ومشروب صودا من مكدونالدز، تحتوي على أربع أضعاف ما يحتاجه جسمك من السعرات الحرارية يوميًا، ووجبات الطعام السريعة هي أحد أخطر مسببات السمنة حول العالم. ولكن فقط ان كنا سنحارب مكدونالدز، لنحاربها للسبب الصحيح.

اذًا ما هي أخطار تناول طعام أصابه العفن؟

أمر متفاوت الخطورة، ولكنه بالتأكيد قد يصيبك بالمرض. والبكتيريا المسببة للعفن في الواقع ليست سبب اصابتك بالمرض، ولكن عندما تتوفر للبكتيريا فرصة النمو، فان هذا يعني توفر نفس الفرصة لمسببات الأمراض الحقيقية، لتأتي أنت بدون دراية -خاصة اذا كان العفن بسيطًا-، وتتناول بكتيريا العفن والبكتيريا المسببة للأمراض في آنٍ معًا.

بمجرد دخول تلك البكتيريا المعدية المسببة للمرض نظامك الهضمي، فاحتمالية اصابتك بالمرض تعتمد على طنٍ من العوامل؛ ككمية ما تناولت، درجة حموضة محتويات المعدة، حالة جهازك المناعي في ذلك الوقت.

كما أن هناك بعض مسببات الأمراض التي يمكن ألا تصيبك ولكن تنتج سموم قبل الرحيل، مثل سم البوتولونيوم مثلًا، السم الأكثر انتشارًا في حالات تسمم الطعام. والذي اذا تناولت كمية كبيرة منه، مع كبد ليس في حالته المثلى، قد يكون قاتلًا.

بل هناك احتمالات أكثر غرابة، على سبيل المثال، المصاب بالتهاب الكبد C لا يصاب بسرطان الكبد بسبب الفيروس وحده، بل يكون هناك عامل آخر يطور الاصابة إلى سرطان في الكبد، أي يعمل كالزناد، أحد تلك العوامل هو نوع معين من السموم ينتج بسبب العفن الموجود في الطعام.

بالطبع تظل هناك احتمالية عدم وجود أي مسبب مرض في الغذاء الفاسد الذي تناولته وبالتالي لا يحدث لك أي شيء غير بعض التقزز بعد تناول ذلك الطعام المتعفن.

اذًا لنلخص الموضوع، هناك أربعة احتمالات لما سيحدث لك بعد تناولك طعامًا فاسدًا:

  • أن تمرض (على الفور أو بعد يومين او ثلاثة) وتلاحظ أعراض ذلك المرض
  • أن تمرض (على الفور أيضَا أو في فترة حضانة من يومين إلى ثلاثة) ولكن هذه المرة الأعراض ضعيفة جدًا فلا تلاحظ مرضك.
  • أن تحدث لك مشكلة صحية مختلفة تمامًا، أحيانًا بعد وقت قريب من تناول الطعام، وفي بعض الأحيان الأخرى بعد سنوات من تناوله، بدون أن تعرف أن تلك الوجبة الفاسدة هي من سبب ذلك.
  • ألا يحدث لك شيء على الاطلاق.

 

لذا حاول أن تكون أكثر حذرًا في انتقائك للطعام الذي ستتناوله، لتتجنب الأعراض الخفيفة كالشعور بالغثيان وألم المعدة وأيضًا المضاعفات الخطيرة كالاصابة بتسمم الطعام أو السرطان.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير