التصنيفات: الصحة الجيدة

لماذا لا ينقل البعوض الإيدز ؟

من المعروف أن البعوض من الحشرات التي تساهم بشكل فعال في نقل الأمراض و الأوبئة ، كونها تتغذى بشكل أساسي على دم المعيل ، فلماذا لا ينقل البعوض فيروسHIV المسبب لمرض الإيدز ، بينما يساعد في انتشار أمراض أخرى كحمى الضنك و الملاريا ؟

البعوض ” يهضم” الفيروس المسبب للإيدز

عندما يقوم البعوض بنقل مسبب المرض من شخص إلى آخر ، على مسبب المرض أن يبقى حيا داخل جسم البعوضة إلى أن تتم عملية النقل بنجاح  . الطفيليات التي تنتقل بنجاح بواسطة البعوض تملك بعض الآليات التي تمنع جسم البعوضة من اعتبارها “غذاء”. بعض هذه الطفيليات مقاوم للأنزيمات الهضمية الموجودة في معدة البعوض ، و أغلبها يخرج من المعدة بأقصى سرعة ممكنة لتفادي التعرض لهذه الأنزيمات . طفيليات الملاريا  تعيش داخل جسم البعوضة لمدة تتراوح بين 9 و 12 يوما ، و تُتِم دورة حياتها خلال هذه الفترة ، أما  فيروس التهاب الدماغ ، فإنه يعيش لمدة تتراوح بين 10 و 25 يوما داخل جسم البعوضة بل و يتضاعف بأعداد هائلة خلال فترة الحضانة. و أثبتت الدراسات التي أجريت على الفيروس المسبب لمرض الإيدز HIV أنه يعامل في جسم البعوضة كغذاء ، و بالتالي فإن البعوضة التي تغذت على دم محتوٍ على الفيروس ، تقوم بهضمه خلال يومين على الأكثر ، و يتم تدمير أي جزيء من المحتمل أن يساهم في نقل العدوى. من هنا يظهر أن فيروس HIV لا يملك الآليات اللازمة للبقاء على قيد الحياة حتى موعد الوجبة التالية .

البعوض لا يبتلع قدرا كافيا من الفيروس لنقل العدوى

يجب على مسببات المرض القادرة على الانتقال من فرد إلى آخر عن طريق فم البعوضة الملوث أن تتواجد في مجرى دم المعيل بنسب عالية . عدد “الجسيمات” اللازمة لنقل العدوى تختلف من مرض إلى آخر . الفيروس المسبب لمرض الإيدزHIV يتواجد بنسب أقل في مجرى دم المعيل مقارنة بالطفيليات الأخرى التي ينقلها البعوض . و الأفراد الحاملون ل فيروس HIV نادرا ما يزيد عدد جسيمات الفيروس في مجرى دمهم عن عشر وحدات ، و 70-80%  منهم لديهم نسب متدنية جدا من الفيروس بحيث لا يمكن حتى كشفه. الحسابات تظهر أن البعوضة التي تمت مقاطعتها أثناء تغذيتها من دم فرد يحمل في مجرى دمه 1000 وحدة من الفيروس ، لديها احتمال 10:1 مليون أن تنقل وحدة واحدة من الفيروس إلى شخص سليم ، و بالتالي  فإن الشخص السليم يجب أن تلسعه 10 ملايين بعوضة كانت قد تغذت قبله على دم شخص حامل للفيروس ، لتنتقل إليه وحدة واحدة فقط من الفيروس . الحسابات ذاتها تستخدم لتُظهر أن “سحق” بعوضة ممتلئة بدم ملوث بالفيروس على مكان اللسعة لا يكفي لنقل العدوى . الخلاصة هي أن انتقال الفيروس بهذه الطريقة هو خارج حدود الاحتمال ، و لا يمكن أن يحدث .

البعوض ليس محاقن أو إبرا “متنقلة”

الكثير من الناس يعتبرون آلية لسع البعوض شبيهة بالمحاقن أو الإبر- كتلك التي تستخدم في تعاطي العقاقير – ،و إذا كانت الإبر تحت الجلدية أحد طرق نقل العدوى ، فلابد أن ينقل البعوض الفيروس أيضا ، و هذا ليس صحيحا بالضرورة . كنت قد ذكرت سابقا أن فيروس HIV لا يتواجد في مجرى الدم بنسب عالية لدى حاملي المرض مما ينفي احتمالية نقل العدوى ، لكن حتى و إن تواجد الفيروس بكمية كافية فإن البعوض لا يستطيع نقله بالآلية ذاتها المستخدمة في الإبر و المحاقن . صحيح أن البعوضة تقوم بإفراز اللعاب قبل البدء بامتصاص الدم ، إلا أن القناة اللعابية منفصلة تماما عن قناة التغذية في جسمها ، كما أن جهاز التغذية  لديها يملك بنية شديدة التعقيد بعكس التركيب “التجريدي” للإبرة . بعكس الإبرة ، تقوم البعوضة بإفراز اللعاب خلال قناة و تمتص الدم في الاتجاه المعاكس من خلال قناة أخرى ، و بالتالي فإن الدم لا يندفع باتجاه جسم المعيل و إنما يتحرك دائما في اتجاه واحد –إلى جسم البعوضة- . لذلك ، فإن البعوضة التي تفرز اللعاب في جسمك لا تنقل إلى دمك بقايا الوجبة السابقة.

المصدر: https://www.rci.rutgers.edu/~insects/aids.htm

شارك
نشر المقال:
mtahhan