كيف يمكن للزراعة على المريخ أن تساعد على تحسين الزراعة على الأرض

في حالة كنتم تتساءلون عن السبب الذي جعل التقرير حول نجاح تجربة زراعة ناسا للخس على محطة الفضاء الدولية يلاقي كل تلك الضجة الإعلامية، فإليكم الإجابة؛ تبعاً لناسا فإنه من المقرر أن ينتقل أربعة أشخاص على متن رحلة (Mars One) إلى الكوكب الأحمر في عام 2025، وهؤلاء الأشخاص سيعيشون أيامهم المتبقية على سطح المريخ ولن يعودوا أبداً إلى الأرض، لذلك فإذا كانوا يريدون تذوق المنتجات الطازجة مرة أخرى، فسيكونون بحاجة لكي يتعلموا كيفية زراعة النباتات في بيئة جديدة ينعدم فيها الأكسجين أو الماء السائل، وتكون فيها أشعة الشمس قليلة ومحدودة.

في الوقت ذاته سنكون نحن البشر الذين ما نزال على الأرض نحاول البحث في كل ركن من أركان كوكبنا لزراعة المحاصيل الغذائية في محاولة لتلبية طلب السكاني المتزايد، حيث يتوقع أن يصل عدد البشر إلى تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050، لذلك فمن المرجح أن تساعد الزراعة على سطح المريخ في التغيير من مستقبل الزراعة على الأرض.

يقوم حالياً القائمون على المزارع في المحطة الفضائية الدولية والقائمون على المزارع الحضرية بمناقشة مصالحهم المشتركة من خلال استخدام بحوث قيّمة مثل تجربة (Veg-01) لتطوير تقنيات زراعية منخفضة في استهلاك الطاقة على الأرض، ومن ضمن هذه النقاشات مدى إمكانية الضوء الأزرق على إنتاج محتوى أعلى من مضادات الأكسدة في النبات (حيث يعتبر الفيتامين (K) من الفيتامينات التي تزول مع مرور الزمن ولا يمكن تخزينها في الغذاء، لذلك عادة ما يحس رواد الفضاء بالضعف باستمرار) وكيف يمكن الحد من طاقة وكتلة هذا النظام المتنامي بحيث يولد أقل قدر ممكن من الحرارة ( وهذا يعتبر من الأمور الهامة في ظل ارتفاع درجة حرارة الأرض والموارد المحدودة، والسيطرة على درجات الحرارة في محطة الفضاء).

في مثال آخر في على التعاون الحكومي، تعمل وكالة ناسا بالتعاون مع وزارة الزراعة لزراعة أشجار صغيرة من الخوخ يمكن أن تثمر بسرعة في الفضاء، وبهذا يمكن للمستوطنين الجدد أن ينتجوا المزروعات الحلوة المذاق أيضاً، وعلى الرغم من أن مختبر الأغذية التابع لناسا يوفر حوالي 200 طبق، إلّا أن التنوع بالطعام قد يكون أمراً حاسماً عندما تمتد المدة التي سيقضيها رواد الفضاء على سطح المركبة الفضائية من أشهر إلى العديد من السنوات.

من الناحية الدولية، يعمل مشروع الاتحاد الأوروبي (MELiSSA) لزراعة المحاصيل الغذائية في الفضاء أيضاً على تطوير تطبيقات أرضية تحسباً لحدوث تغيّر في المناخ العالمي يضعف من قدرة الكوكب على الزراعة، فمثلاً تقوم ألمانيا باستخدام حاوية شحن في القطب الجنوبي لاختبار الزراعة المريخية وتطبيقاتها المحتملة على الأرض، كما تلعب كل من روسيا واليابان دوراً أساسياً في هذا المجال، وكذلك الأمر بالنسبة للصين التي رفعت من معايير هذا التطوير من خلال بنائها للقصر القمري والذي يقوم فيه الطاقم بزراعة الذرة والفول السوداني والعدس في محطة قمرية تحاكي البيئية الأصلية.

يعتبر الوقت من أكثر العوامل التي يمكن أن تشكل عائقاً في وجه الزراعة الفضائية، حيث أن رواد الفضاء على متن محطة الفضاء لا يملكون الست أو السبع ساعات اللازمة شهرياً لإجراء التجارب على زراعة الخضروات التي من شأنها أن تؤدي إلى تكوين المعرفة اللازمة لزراعة المنتجات الزراعية بكميات كبيرة بحلول عام 2025، وإذا ما كنتم تتساءلون حول ما يجب عليهم القيام به في محطة الفضاء كل يوم، فالإجابة هي الكثير؛ وسكان المريخ الأوائل سيكون لديهم المهام ذاتها التي يقوم بها أعضاء أي مجتمع بدائي، حيث أنه يجب عليهم الاهتمام بكل شيء (محركات، وأبواب، إلكترونيات، وغيرها) وذلك لأنهم سيكونون وحدهم هناك، ولا يوجد أحد ليستدعوه عندما يتعرض أي شيء للعطب، أو إذا مرض أحد ما، وإذا كنت تعتقد أن مهمة غسل الأطباق تستغرق بعض الوقت ليتم إنجازها، فإن الأمر يستغرق وقتاً أطول في الفضاء، وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك قائمة بالأشياء التي يتوجب على رواد الفضاء القيام بها كل يوم، مثل ممارسة الرياضة لمدة ساعتين في اليوم، استخلاص عينات من الدم واللعاب وإجراء تجارب أخرى، وإجراء مقابلات مع وسائل الإعلام، كتابة يوميات مفصلة، جمع البيانات، تجهيز كل وجبات الطعام، القيام بالتنظيف الفوري، وإصلاح العديد من المعدات، والقفز باستمرار ذهاباً وإياباً للوصول إلى السفينة الفضائية.

في النهاية تجدر الإشارة إلى أن ناسا بدأت تسمح تدريجياً للشركات التجارية بتولي جميع الأمور المتعلقة بالمدار المنخفض حول الأرض – ومن ضمنه كل ما يتعلق بمحطة الفضاء الدولية  التي تبعد 249 ميلاً فوق الأرض أو أقل-، وهذا التفويض سوف يساعد ناسا على التركيز فقط على استكشاف الفضاء العميق، والمناطق التي تقع بعد المحطة الفضائية مثل القمر والمريخ، وما بعدهما.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير