الصحة الجيدة

كيف يعمل جهاز المناعة في جسمك لمحاربة كورونا .. وكيف يمكن أن تساعده؟

جسد الإنسان مثل القلعة، يعمل جهاز المناعة كجيشها الحصين المتكون من عدة عناصر تقوم بأدوار مختلفة متوازنة ومدروسة لكي تدافع عنها بإتقان، وليس كما قد يتراءى للبعض أن المناعة وظيفة واحدة قد نتناول لها أدوية معينة تزيد من جودتها وينتهي الأمر، بل هو جهاز أكثر تعقيدا من ذلك، فأنت لا تريد أن تنمي عنصرا معينا عن الحد المطلوب على حساب البقية، فينتج ذلك نتائجا عكسية، مثل أن يضعف من أداء بقية العناصر ويحدث خللا في أداء الجهاز كله.

لنتخيل الأمر بشكل أوضح ونفهم كيف ندعم مناعتنا علينا أن نستوضح أكثر كيف تعمل من الأساس.

 

كيف تعمل مناعتي؟

خطوط الدفاع الأولى تمنع دخول الميكروبات الجسد بطرق شتى،

-فالجلد والأغشية المخاطية يمثلون حواجزا أمامها،

-التجلطات الدموية تسد الجروح المفتوحة لتمنع دخول أي شيء غير مرغوب فيه،

-البكتيريا النافعة على الجلد وداخل تجويفات الجسد تحد من المصادر المتاحة لتدعم حياة أي كائن ضار،

الإنزيمات ومضادات الميكروبات التي تحتوي عليها الدموع واللعاب لتقتل البكتيريا الضارة والفيروسات.

-السوائل المخاطية والأهداب أو الشعيرات الصغيرة التي تحدد المجاري التنفسية، فتلتصق بالأجسام الغريبة وتدفعها خارج الجسد عن طريق السعال أو العطس،

-الأحماض الهضمية في المعدة التي تقضي على الأجسام الغريبة التي ابتلعت مع الطعام.

فإذا تمكن المكروب من تخطي هذه الخطوط، يأتي دور الخلايا البلعمية أو “Phagocytes”، وهذا هو الخط الثاني.

وهي خلايا تتحرك باتجاه الجسم الغريب ثم تبتلعه داخلها وتتمكن إنزيماتها من القضاء عليه في عملية تعرف ب

“Phagocytosis”.

وإذا لم تتمكن تلك الخلايا من القضاء على الجسم الغريب، يترجم ذلك جهاز المناعة إلى تهديد يحفز رد فعله الذي يكون خط الدفاع الأخير، كما يبدأ الميكروب في هذه المرحلة إظهار أعراض المرض بسبب تفاعل أجهزة الجسم معه.

تحمل الخلايا البكتيرية أو أجساد الفيروسات بروتينات على أسطحها تكون خاصة بكل نوع على حدة وتعرف بمصطلح “Antigens”، وهذه البروتينات هي ما تميز أي جسم غريب يدخل الجسد، فتستخدمها الخلاية المناعية للتعرف على نوع الميكروب المتسبب في العدوى.

تتعرف الخلايا الليمفاوية على تلك البروتينات التي تقع على سطح الجسم الغريب الذي يهدد مناعة الإنسان، وتنتج أجساما مضادة خاصة لها تعرف باسم “Antibodies”، والتي تتصل بالبروتينات مثل المفتاح الذي يدخل في قفله، فتدمرها وتستدعي نوعا من أنواع الخلايا البلعمية لتأتي وتبتلع الميكروب وتدمره تماما بواسطة إنزيماتها.

 

ماذا يمنعنا عادة من أن نصاب بنفس العدوى مرة أخرى؟

ذلك لأن جهاز المناعة يكون مع العدوى الأولى خلايا ذاكرة خاصة بالميكروب الذي تسبب في المرض سابقا، تمكنه من التعرف على البروتينات الخاصة بذلك الميكروب مباشرة عند التعرض إليه مرة أخرى وإنتاج الأجسام المضادة المناسبة له بسرعة تمكنه من القضاء عليه قبل أن يتسبب في المرض مرة أخرى.

 

كيف تعمل اللقاحات مع جهاز المناعة؟

يعمل اللقاح على أن يجعل الجسد ينتج الأجسام المضادة الخاصة بالميكروب وأن يحفظها في خلايا ذاكرة لها ولكن من دون أن يمر بأعراض أو أن يتسبب له الميكروب في مرض.

وذلك عبر أن يتم حقن الإنسان بميكروب معدل معمليا بحيث يكون ميتا أو ضعيفا فلا يؤذي خلايا الجسد، ولكنه يمتلك نفس بروتينات السطح التي يمتلكها الميكروب القوي الذي يتسبب في المرض، مما يحفز جهاز المناعة على إنتاج أجسام مضادة له ولكن بدون مرض.

 

هل تقوي المضادات الحيوية مناعتي؟

المضادات الحيوية مواد تقوم بقتل البكتيريا أو توقف نموها وتكاثرها لتمكن جهاز المناعة من القضاء عليها بسهولة عندما تؤخذ بوصف من مختص وطبقا لتعليماته.

ولكنها تستخدم فقط لعلاج العدوى البكتيرية ولا تؤثر في العدوى الفيروسية مثل أدوار الأنفلونزا، كما أن فعالية كل نوع من المضادات الحيوية خاص بأنواع معينة من البكتيريا، وليست دواء سحريا يؤثر على أي نوع منها.

وأخذها في غير موضعها ضرره أكثر من نفعه، فغير أن لها أضرارا جانبية عديدة مختلفة الحدة، إلا أنها قد تتسبب فيما يسمى بالمقاومة البكتيرية، وهي أن تنتج سلالات حصينة ضد المضاد الحيوي الذي تمت إساءة استخدامه مما يوقف فعاليته ويجعل القضاء على تلك السلالة أصعب.

 

كيف أساعد مناعتي؟

كما علمنا أن جهاز المناعة يتكون من عناصر عدة متشابكة، فهو أيضا يتأثر بعوامل عديدة مثل عدد وأنواع العدوى التي تعرض لها على مر الزمان، صحة الجسد وما يؤثر بها مثل معدلات الضغط النفسي وتوازن الغذاء والنوم الكافي والمواظبة على الرياضة البدنية.

وصحيح أن ليس هناك دواء أو أعشابا أو فيتامينات سحرية ستأخذها لترفع مناعتك إلا أن هناك بعض الأمور التي تستطيع أن تفعلها لتعطي مناعتك الفرصة للقيام بوظيفتها على أكمل وجه:

أولا: تقليل الضغط النفسي

و ذلك عبر تعلم طرق التعامل مع التوتر والقلق و القيام بتمارين التأمل واليقظة.

فوفقا لدراسات عدة، من ضمنها واحدة أجريت في جامعة أوهايو، يؤثر الضغط النفسي على المناعة ووظائف الجسد، فقد قام الأطباء بإحداث جروح بسيطة في أيدي بعض الأزواج المتطوعين وطلبوا من جزء منهم التحدث في أمور مبهجة، ومن الجزء الآخر التحدث في بعض الخلافات، فوجدوا أن الأزواج الذين شغلوا وقتهم بالخلاف قد احتاجت جروحهم بمعدل يوم إضافي للالتئام أكثر من الأزواج الذين قضوا وقتا لطيفا، كما أن الأزواج الذين أظهروا سلوكا عدوانيا احتاجوا بمعدل يومين إضافيين.

ثانيا: الحصول على ساعات نوم كافية

فقد أجريت دراسة على 162 شخص على استعداد للتعرض لفيروس الإنفلونزا، ووجد العلماء أنه لم يصب الجميع بالمرض ولكن الذين يناميون أقل من 6 ساعات يوميا كانوا أكثر عرضة للعدوى بمعدل 4.2 مرة مقارنة بمن يحصلون على ما يقارب 7 ساعات من النوم.

ثالثا: الحصول على غذاء متوازن وتعويض نقص المعادن والفيتامينات

لم يجد الأطباء حتى الآن دليلا علميا قويا على أن مادة غذائية معينة لها أثرا قويا على المناعة.

كما أن المكملات الغذائية مشكوك في مدى فعاليتها، حيث أن العلماء اتفقوا أن أفضل مصدر للمعادن والفيتامينات هو كل ما هو طبيعي، لأنه حتى إن تم تناول المواد الناقصة على هيئة مكملات غذائية مركزة، فامتصاص الجهاز الهضمي لها سيكون متفاوتا طبقا لعوامل عدة.

لذلك من المهم علاج أي نقص غذائي بجرعات وخطوات مدروسة مع مختص، وتناول الغذاء المتوازن الذي يوفر احتياجات الخلايا المناعية من معادن وأملاح وفيتامينات لتقوم بوظيفتها بالشكل المطلوب.

 

المصادر:

شارك
نشر المقال:
NadeenYasser