الصحة العقلية

كيف يؤثر طعامي على صحتي العقلية والنفسية؟

يعمل عقلك مثل محرك السيارة، إن مونته بوقود ذو جودة عالية، ستحافظ على فعاليته وإمكانياته، والعكس صحيح، فالوقود الرديء يدمر ذلك المحرك شيئا فشيئا.
طعامك هو وقود عقلك وجهازك العصبي، كما أنه وقود بقية أجهزة جسدك أيضا، فكلما كان مصنعا ومشبعا بالدهون ومليئا بالسكريات البسيطة، كلما زاد أثره السلبي على الجسد حتى يؤدي إلى أمراض عضوية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري و”وباء” السمنة وغيرهم، الذين بدورهم يؤثرون أيضا على الصحة النفسية بالحد من قدرات الإنسان وإمكانيات جسده وجودة حياته، مما يصيبه بالإحباط والضغط النفسي والمشاعر السلبية وصولا إلى الاكتئاب.

5 طرق يؤثر بها الطعام على الصحة النفسية:

1-أثر الطعام على الجزء المتحكم في الذاكرة والانفعالات والاضطرابات العاطفية في المخ الذي يعرف ب”الحصين أو Hippocampus” :

أثبتت دراسة بجامعة ديكن بأستراليا أن جودة طعام الأفراد مرتبطة بحجم ذلك الجزء في مخ الإنسان.
فقد وجد أن الأشخاص الذين يتناولون طعاما صحيا ذو قيمة غذائية عالية، مثل الحبوب الكاملة والفواكه والألياف والزيوت الطبيعية، يكون حجم جزء “الحصين” في مخهم أكبر ممن يتناولون أغذية مصنعة أو معالجة، مثل الوجبات السريعة والدقيق الأبيض والزيوت المهدرجة.

2-أثر غذاء الأم الحامل على صحة الطفل النفسية والعقلية:

اتضح من عدة أبحاث، أحدها كان من جامعة كينج بلندن، أن غذاء الأمهات الحوامل وطبيعته يؤثران على صحة الأطفال العقلية والنفسية ومعدلات ظهور سمات مرض التوحد في الأطفال، خاصة أن كثيرا من الأمراض النفسية والعصبية تبدأ قبل سن الرابعة عشر.

3-أثرالطعام على البكتيريا المفيدة بالأمعاء وعلاقتها بمادة السيروتونين:

السيروتونين هو مادة كيميائية تعمل كناقل عصبي يعدل المزاج ويجعله مستقرا، ومن طرق علاج مرضى الاكتئاب أن يصف لهم الطبيب أدوية تزيد من مستواه في المخ.
90% من هذه المادة في الجسم تنتجها البكتيريا الحميدة في الأمعاء.
جودة الطعام وطبيعته تؤثر على فعالية تلك البكتيريا وأعدادها وكذلك نوع الطعام الذي يححد توفر المواد الخام لها لكي تصنع السيروتونين الذي يحتاجه الجسم.
كما أن من وظائفها الصحية أن تقاوم التهابات الأمعاء و الجسد والتي تؤثر على المزاج والوظائف المعرفية للمخ.
من المهم أن نعرف أيضا أن بعض الناس قد يعاني تحسسا من الجلوتن أو من منتجات الألبان، والذي يسبب التهابا في الجهاز الهضمي ويدمر تلك البكتيريا النافعة والذي بدوره يؤثر على مستويات السيروتونين في الجسم.

4-أثر الطعام على جينات الأمراض النفسية ومرونة المخ (وهي قدرته على التكيف والتعافي ) :

وجدت بضع دراسات على الحيوانات، من ضمنها واحدة أجريت بجامعة ديكن بأستراليا، أن إطعام الأمهات الحوامل أطعمة غير صحية أثر لاحقا على نظام المكافأة والإنجاز بدماغ الطفل، كما أثر على تفاعلاته العقلية والنفسية مع الضغط، وأيضا على الجينات المسؤولة عن تصنيع الناقلات العصبية التي يؤدي أي خلل في مستواها إلى اضطرابات نفسية مختلفة.

5-أثر الطعام على نمو المخ وبروتيناته وإنزيماته:

تناول الطعام الصحي الذي يوفر العناصر الضرورية يساعد على النمو الطبيعي للمخ وتجديد خلاياه.
كما يحافظ على مستوى الإنزيمات والبروتينات التي يحتاجها المخ لتصنيع المواد الكيميائية التي تجعله يقوم بوظيفته بشكل فعال مثل أن يحافظ على استقرار المزاج والقيام بالوظائف المعرفية والإدراكية.

أظن أنه بعد ذكر ما سبق عن علاقة الطعام بالصحة النفسية من الناحية الفسيولوجية، لن يكون غريبا أن نعرف أن درو رامزي -وهو طبيب وأستاذ مساعد بجامعة كولومبيا- يقول أن خطورة الإصابة بالاكتئاب تزيد بنسبة 80% في المراهقين الذين يتناولون الأغذية المصنعة والمعالجة، كما تتضاعف عندهم احتمالية الإصابة باضطراب نقص الانتباه.

أكثر المواد المؤثرة في الصحة النفسية والعقلية ومصادرها الطبيعية:

-الزينك

وهو عنصر أساسي لكل العمليات الكيميائية في المخ وإنزيماتها، فأثره يظهر في احتياجات كل المراحل السنية على اختلافها، من النمو العقلي في الرضع حتى تدهور الأمراض العصبية أو تحسنها، مثل الألزهايمر والسكتات الدماغية والصرع.
نحصل عليه من أطعمة مثل الحبوب الكاملة والمكسرات واللحوم والبيض.

-أوميجا 3

وهي مادة تساعد على استقرار المزاج وتزيد القدرة على التركيز وتحسن الذاكرة.
ونحصل عليها من أطعمة مثل سمك الماكريل والسالمون والسردين والأنشوجة والكافيار.

-فيتامين ب 12

بالإضافة لأهميته للانقسام الطبيعي للخلايا ووظائف الأعصاب، أثبتت دراسة أجراها الطبيب رامزي وزميله ونشرت في مجلة Current psychiatry 2013، أن انخفاض هذا الفيتامين يزيد من احتمالية التدهور المعرفي مع كبر السن والإصابة بمرض الألزهايمر، كما يزيد نسبة ضمور المخ مع كبر السن حتى خمس أضعاف.
نحصل عليه من أطعمة مثل الكبدة واللحوم والساردين وسمك التونة وسمك السالمون والمحار والألبان والبيض والتوت.

-فيتامين سي

أثبتت نفس دراسة تم اجراؤها في الصين عام 2018 أن نقص فيتامين سي قد يؤدي إلى قصور في الحركة والوظائف المعرفية أيضا.
وأن تناوله بنسبة مناسبة له أثر علاجي ووقائي من أمراض نفسية مثل الاكتئاب والألزهايمر والسكيزوفرينيا.
نحصل عليه من أطعمة مثل الجوافة والتوت والفلفل الأخضر أو الأصفر أو الأحمر والبرتقال والليمون والبابايا والكيوي والبروكولي والتوت والفراولة.

-الأطعمة المخمرة

مثل الزبادي والخضروات المخللة ومخلل الملفوف (أو الكيمشي) والزيتون والجبن.
تحسن هذه الأطعمة حالة الجهاز الهضمي وتفيد البكتيريا النافعة به التي تزيد مستويات السيروتونين كما ذكرنا سابقا.

ولكن لا ينبغي أن نقلل أو نوقف استخدام الأدوية الموصوفة من طبيب أو نستبدلها بتلك الأطعمة، أو حتى مكملات غذائية تحتوي على تلك المواد، دون مراجعة الطبيب.
مع العلم أن الأدوية تعمل بشكل أكثر فعالية في الأجساد الصحية أكثر من الأجساد الغير صحية.

المصادر:

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/24074470?fbclid=IwAR1tnjRum7x4rBf5kEyfzEr54oiwy6_6tHYq-7vL-ejlz52A7aR9YGNpFfc

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4563885/?fbclid=IwAR0_g-qid_7-utbP0NxawituhpF4yC-szQr7f1uaTOdJgzTZ6tMZXaGdmWI

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4050338/?fbclid=IwAR1nfBP-VtSIcgiV_FmyK4ep__Mb0f0MdGOBNu5_uJYI9Oa3sR7tCXvXdrc

https://www.britannica.com/science/hippocampus?fbclid=IwAR0BEMBoV7zaKERUMjThXAA8a7o8KDtLGmXlMPzXxsplwmFoanSJ123fgCI

https://www.sciencedaily.com/releases/2019/09/190906092809.htm

https://scitechconnect.elsevier.com/what-is-brain-plasticity-why-so-important/

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3757551/?fbclid=IwAR3S0VSp0TmVLmN8sOg-dBgoGX6rNpLV7z0CmQeq0daLxk9prk24btlC8Xk