التصنيفات: الصحة الجيدة

كيف يؤثر التوتر على الدماغ

يميل الأشخاص لاعتبار أن التوتر ينجم عن المشاكل بشكل مباشر، كأن يحوم رئيس العمل فوق مكتب الموظف، أو يعلق الشخص في الازدحام المروري عند انتهاء يوم العمل، كما أن الاعتقاد الشائع يقول أن الإجهاد ينتج آثاره على المدى القصير، وهذه الآثار تتمثل بالعصبية، والقلق، والتوتر، والتشتت والنسيان، ولكن هذا ليس سوى جزءاً صغيراً جداً من الحقيقة، فمع مرور الوقت، يمكن للمستويات المرتفعة من هرمون الكورتيزول- هرمون الإجهاد – أن تؤدي إلى تدهور صحتنا الجسدية والعقلية والعاطفية، فعلى الرغم من أن العلاقة بين التوتر المزمن واحتمال حدوث حالات صحية عقلية يعتبر من الأمور المؤكدة منذ زمن بعيد، كون التوتر المزمن يمكن أي يؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة، والإجهاد، والقلق، والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات المزاجية، إلّا أن السؤال يكمن في نوع التغييرات التي يولّدها التوتر في الدماغ، هل هي عابرة أم دائمة، وما هي الطرق التي يقوم من خلالها التوتر بتغيير الدماغ.

وللإجابة نقدم إليكم بعض الطرق التي يقوم من خلالها التوتر بتغيير الدماغ:

  • الإجهاد يؤدي إلى تغيير كيميائية الدماغ وجعل الشخص أكثر انفعالاً:

عادةً ما يكون الأشخاص غير لطفاء عندما يكونون واقعين تحت ضغوط شديدة، فقد يصاب هؤلاء الأشخاص بالغضب ويصبحون عصبيين، وتحت الضغوط، يصبح الأشخاص مشتتين ويميلون للنسيان، وهذه الأعراض تعتبر أحد الآثار المدمرة للتوتر في الدماغ، حيث كشف باحثون فرنسيون عن انزيم، يظهر عند الإجهاد، يعمل على مهاجمة الجزيئات التي توجد في الحصين (وهو المنطقة المسؤولة عن تنظيم نقاط الاشتباك العصبي) وعندما يقوم هذا الانزيم بمهاجمة الحصين، يحدث تعديل في نقاط الاشتباك العصبي، مما يؤدي إلى تخفيض عدد الوصلات العصبية التي تتكون في تلك المنطقة، وهذه يؤدي إلى فقدان القدرات الاجتماعية للشخص، مما يدفعه إلى تجنب التفاعل مع الآخرين، إضافةً إلى معاناته من ضعف الذاكرة وضعف الفهم.

  • يمكن للتوتر المزمن أن يقلص من حجم الدماغ:

يمكن للأحداث الحياتية المجهدة أن تؤدي إلى الإضرار بالذاكرة والقدرة على التعلم في الدماغ، عن طريق التقليل من حجم المادة الرمادية في مناطق الدماغ المرتبطة بالعواطف وضبط النفس والوظائف الفيزيولوجية، حيث أن الإجهاد المزمن أو الاكتئاب يمكن أن يسهم في انخفاض حجم المنطقة المتوسطة من قشرة الفص الجبهي للدماغ، والتي ترتبط مع انخفاض في التأثير العاطفي والإدراكي، كما وجد الباحثون أن هذه التغييرات تنطبق بصفة خاصة على الأشخاص الذين يمتلكون علامات وراثية يمكن أن تعطل من تشكيل اتصالات مشابك خلايا الدماغ، وإضافةً إلى ذلك، فقد وجدت دراسة تم إجراؤها في عام 2008 على الفئران، أن التوتر على المدى القصير يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الاتصال بين خلايا الدماغ في المناطق المرتبطة بالذاكرة والتعلم.

  • التوتر نتيجة لحادث واحد يمكن أن يقتل الخلايا الدماغية:

عند تعلمنا لمعلومة الجديدة، نقوم بتوليد توليد خلايا عصبية جديدة في التلفيف الحصيني بطريقة مستمرة – وهي منطقة في الدماغ مرتبطة بالتعلم والذاكرة والعاطفة- لكن التوتر المستمر يمكن أن يوقف إنتاج الخلايا العصبية الجديدة في التلفيف الحصيني، ويمكن أن يؤثر أيضاً على سرعة تشكّل الاتصالات بين خلايا التلفيف الحصيني، وذلك وفقاً لمجلة (Scientific American)، كما أن الدراسات التي اجريت على الحيوانات وجدت أن حدث واحد يدعو للتوتر يمكن أن يدمر الخلايا العصبية التي تم إنشاؤها حديثاً في التلفيف الحصيني.

كما وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا في بيركلي أن الدماغ في حالة التوتر المزمن يولّد المزيد من الخلايا المنتجة للمايلين وعدد أقل من الخلايا العصبية العادية، وهذا يؤدي إلى زيادة المايلين – وهي طبقة كهربائية عازلة توجد حول محور الخلايا العصبية-  في تلفيف الحصين، مما يؤدي إلى الإخلال بوظائف الدماغ.

  • يمكن للإجهاد أن يعطل الذاكرة عن طريق تحفيز الاستجابة التهديدية في الدماغ:

يكون تلفيف الحصين أكثر عرضةً للاضطرابات العاطفية، كون الكورتيزول الذي يتم انتاجه عند التوتر يقوم بإعاقة نشاط تلفيف الحصين، وبالمقابل يعمل الكورتيزول على زيادة حجم ونشاط اللوزة، وهي المركز الرئيسي للاستجابات العاطفية والتحفيزية، فاللوزة هي المسؤولة عن تحفيز استجابات الخوف والتهديد في الدماغ، كما أنها تقوم بتحفيز استجابة الدماغ لمواقف القتال أو الهرب، وإن زيادة نشاط اللوزة الناجم عن الكورتيزول، يجعل الشخص في حالة رد فعل دائمة على تهديد متصور، وهذا يؤدي إلى تعطيل الذاكرة وتقييد القدرة على استيعاب معلومات جديدة، كما يزيد من ردود الفعل العاطفية.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير