التصنيفات: غير مصنف

كيف تنمو النباتات وتتطور

كانت آلية تشكل الأنسجة النباتية غير واضحة لدى العلماء لفترة طويلة من الزمن، إلّا أن فريق من الكيميائين الحيويين من جامعة فاغينينغين استطاعوا الوصول إلى الجواب، بعد استعانتهم بنموذج بنائي قام زملاؤهم بصناعته، حيث يقوم هذا النموذج بمحاكاة عملية تطور النبات باستخدام أدوات رياضية، وقد تم نشر نتائج هذا التعاون في المجلة العلمية (Science) في الثامن من شهر آب.

بخلاف الحيوانات فإن النباتات لا تستطيع التنقل من مكان لآخر، وذلك لأن جذورها مترسخة في التربة، وأيضاً فإن خلايا النباتات هي الأخرى غير متحركة، وفي حين أن التطور المبكر للحيوانات كان يتميز بهجرة الخلية، إلا أن الخلايا النباتية لا تنتقل كونها ملتصقة ببعضها بشكل متين جداً، ونتيجة لذلك، فإن البرعم النباتي ينمو بشكل أساسي من خلال الانقسامات الخلوية الموجهة بدقة على ثلاثة اتجاهات، وفي الوقت ذاته فإن هذه المجموعات من الخلايا تحتاج للحصول على هويتها المحددة التي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تشكّل كل من الخلايا الخشبية أو الأنسجة الوعائية، والجدير بالذكر أنه حتى الآن لم يكن معلوماً تماماً كيف يقوم النبات بالتحكم بهاتين العمليتين الحاسمتين اللتان تتمثلان في عملية النمو وتشكيل الأنماط الفردية للأنسجة، بطريقة تبقى فيها الأنسجة مستقرة على الرغم من الانقسامات الخلوية المستمرة، ولكن العلماء استطاعوا التوصل إلى أن تشكيل نمط الأنسجة الوعائية، يكون قد بدأ بالفعل عندما يكون البرعم يحتوي فقط على أربع خلايا وعائية أولية.

استطاع فريق البحث من مختبر الكيمياء الحيوية في جامعة فاغينينغين تبيان أن هناك شبكةجينية (وراثية) تتحكم باتجاه انقسام الخلايا خلال تطور الأنسجة الوعائية للنبات، حيث تعمل هذه الشبكة على تفعيل مجموعة من الجينات (المورثات) المسؤولة عن إنتاج هرمون سيتوكاينين ​​النباتي، والذي بدوره يقوم بتنظيم انقسام الخلايا ووجهة تلك الانقسامات، وبهدف اثبات أن الشبكة الجينية هي التي تتحكم في تشكيل الأنماط المختلفة في النبات، قام العلماء بالاعتماد على النموذج الرياضي الذي وضعه مختبر الأنظمة البيولوجية في هذا المجال، وبعد إعادة النظر بالصور المجهرية التي قاموا بأخذها سابقاً، تبين أن الخلايا الوعائية الأولية الأربعة، لا تتلامس مع بعضها البعض، حيث أن زوجاً من الخلايا المتواجهة تتشاركان بقطعة صغيرة من جدار الخلية، وبهذا تكون هاتين الخليتين متمايزتين عن الزوج الآخر من الخلايا، وبالرغم من أن هذا الاختلاف يظهر في كثير من الصور القديمة، إلّا أن الاختلاف لم يثر انتباه أحد من العلماء.

وبالنتيجة، تبين أن مراحل نمو الخلايا الأربعة ليست عبارة عن مجموعة بسيطة من الخلايا المتطابقة، والسر في نمطيتها يعود إلى مزيج من الخلايا الجدارية المشتركة المرتبطة ببعضها، وإلى الاختلافات الطفيفة في تركيز الهرمون النباتي المسمى بالأوكسين، حيث تقوم الدورة الجينية التي تم اكتشافها من قبل الباحثين، بالحرص على مواصلة الخلايا الأربعة لتتطورها بشكل كامل لتتحول إلى أنسجة وعائية تحتوي على أنواع مختلفة من الخلايا، كما استطاع العلماء أيضاً إظهار أن نشاط الشبكة الجينية في تلك الخلايا، المترافق مع ارتفاع مستوى الأوكسين، يؤدي إلى انقسامات في الخلايا المجاورة، وبالتالي تعمل الشبكة الجينية كمنظم لبناء الأنسجة بأكملها، مما مؤداه أن الشبكة الجينية ذاتها تتحكم بالنمو من خلال الانقسامات الخلوية الموجهة، وتتحكم بتشكيل الأنماط التي تؤدي إلى تشكيل أنواع متمايزة من الخلايا.

المقالة الأصلية 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير
الوسوم: علوم