التصنيفات: الصحة الجيدة

كيف تستخدم الشوكولاته لتعزز من قوة إرادتك

هل حدث وأن أخلفت بالوعد الذي قطعته على نفسك بأن تقلل من تناول المأكولات الدسمة؟ إذا كان هذا قد حصل لك بالفعل فهذه ليس مفاجأة، فلطالما كانت المعارك بين تحقيق الأهداف البعيدة المدى والتمتع بالملذات الآنية معركة غير عادلة، حيث أن ردود الفعل الانعكاسية التي تحبذ الملذات الآنية غالباً ما يكون لها الغلبة على الاستجابات المنطقية التي تحكم الأهداف البعيدة المدى.

على مدى العقد الماضي، حاولت مجموعة من الباحثين إيجاد طريقة لمكافحة وباء السمنة، وذلك من خلال إعادة هندسة الوصلات العصبية التي تتحكم بدوافع الحركات الغريزية، وقد قام الباحثون بالعديد من التجارب حتى تمكن مؤخراً باحثين هما (كاتريجن هوبين) و(أنيتا يانسن) من جامعة ماستريخت في هولندا من تقديم بحث يضم أدلة جديدة على أن هذا التحول يمكن أن يحدث، ويشرح الآلية التي تقود هذا التغيير المرحب به.

قام الباحثون في تجربتهم باستخدام أحد الأطعمة التي يجد الكثير منا صعوبة في مقاومتها، وهي الشوكولاته، وبيّنوا أن مقاومة الدوافع ليست بالضرورة أن تكون عملية صعبة، بل يمكن جعلها تحدث بشكل تلقائي، كما أضافوا في المقالة التي نشرت في مجلة (Appetite)، أن التدريب على كبت النفس تجاه بعض الأغذية “المعينة” يمكن أن يكون له نتائج فعالة بشكل مدهش.

أجرى الباحثون هذه الدراسة على 52 طالبة من اللواتي أفدنَ أنهن يفضلن تناول الشوكولاته بشكل منتظم، وتم اخضاعهن لاختبار يتضمن الضغط على مفتاح المسافة في لوحة المفاتيح عند ظهور إشارة معينة على شاشة جهاز الكمبيوتر ، والامتناع عن الضغط عندما تكون الإشارة غير موجودة، حيث كانت إشارة البدء عبارة عن حرف “p” أو “f” يتم عرضها بشكل عشوائي على إحدى زاويا الشاشة.

بعد ذلك، تم الطلب عشوائياً من المشتركات للقيام بإحدى مهمتين، في المهمة الأولى كانت صور الشوكولاته مترافقة مع عدم الضغط على مفتاح المسافة، في حين كان أمر الضغط على مفتاح المسافة يترافق مع صور الأطباق الفارغة، وهذا الاختبار سمي باختبار (لا للشوكولاته) كونه يتضمن عدم أداء أي فعل عندما تظهر صور الشوكولاته، أما المهمة الثانية (نعم للشوكولاته) فكانت بعكس المهمة الأولى تماماً، حيث كانت تترافق صور الشوكولاته مع أوامر الضغط على مفتاح المسافة، وتترافق صور الأطباق الفارغة مع عدم الضغط على مفتاح المسافة.

ولرؤية النتائج تم تقديم ثلاثة أطباق مليئة بأنواع مختلفة من الشوكولاته للمشتركات، وتم ايهامهن بأنهن يجب أن يقيموا طعم الشوكولاته الموجودة داخل هذه الأطباق كجزء من اختبار للطعم، وطبعاً اختبار الطعم هو اختبار وهمي يهدف بالحقيقة لاختبار الكمية التي ستتناولها المشتركات من الشوكولاته بعد الاختبار الأول والثاني، ومن ثم طلب من المشتركات تعبئة استمارة شرحن فيها بالتفصيل مخاوفهن حول زيادة الوزن ورغبتهن في اتباع النظم الغذائية المختلفة، ومدى رغبتهن العامة لتناول الشوكولاته.

بينت النتائج أن المشتركات اللواتي اتبعن اختبار “لا للشوكولاته” كان معدل استهلاكهن لها أقل بكثير أثناء اختبار الطعم مقارنة مع المشاركات اللواتي اتبعن اختبار “نعم للشوكولاته”، حيث أن المشتركات من المجموعة الأولى تناولن ما معدله 29.45 غراماً من الشوكولاته، مقارنة مع 37.91 غراماً للمشتركات اللواتي ينتمين للمجموعة الثانية.

تبعاً للباحثين فإن جلسة واحدة لم تكن كافية لإحداث رابط تلقائي بين”الشوكولاته”و”إشارة التوقف”، ولكن هذا الاختبار كان كافياً لتضييق الرابط التلقائي ما بين التلذذ بالطعم الحلو للشوكولاته والدافع الذي يقود إليه، ويبقى السؤال : هل سينكسر هذا الرابط التلقائي تماماً في حال تم اتباع دورات متسلسة من هذا الاختبار ؟ إن الإجابة على هذا  السؤال ستنبع من البحوث المستقبلية.

أخيراً، فعلى الرغم من أن إعادة تدريب الدوافع التلقائية لدينا بهذه الطريقة قد يكون لها آثار مقلقة وغامضة متعلقة بالسيطرة على العقل، ولكن نظراً للمشاكل الشخصية والمجتمعية المرتبطة بالسمنة، فقد تكون هذه التجربة الشجاعة أمراً يستحق الخوض فيه.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير