التصنيفات: الصحة الجيدة

قوارير المياه البلاستيكية ترتبط بارتفاع ضغط الدم

تحذر دراسة جديدة الأشخاص الذين يشربون بانتظام من العلب والقوارير البلاستيكية بأن عليهم إعادة النظر بهذا السلوك، كون نتائج الدراسة أظهرت أن هناك مادة كيميائية شائعة الاستخدام في الحاويات البلاستيكية تسمى (بثنائي الفينول A) أو (BPA) يمكن أن تتسرب إلى المشروبات وتتسبب بارتفاع ضغط الدم في غضون ساعات قليلة.

إن مادة الـ(BPA) تستخدم على نطاق واسع في قوارير البلاستيك والمغلفات البلاستيكية وبطانات علب المواد والمشروبات الغذائية، حيث تشير الدارسات السابقة إلى أن التعرض الطويل لمادة الـ(BPA)، يرتبط بأمراض القلب والسرطان وبمشاكل صحية أخرى، ولكن الدراسة الجديدة هي أول دراسة تظهر أن التعرض مرة واحدة لهذه المادة الكيميائية يمكن أن يؤثر بشكل مباشر وفوري على صحة القلب والأوعية الدموية.

وجدت الدراسة أنه عندما يقوم الأشخاص بشرب الحليب من العلب البلاستيكية، فإن مستويات الـ(BPA) ترتفع في بولهم بشكل كبير خلال ساعتين، وهذا يرتبط بارتفاع ضغط الدم لديهم أيضاً، ولكن حين يقوم هؤلاء الأشخاص بشرب ذات الحليب ولكن من علب زجاجية، فإن مستويات الـ(BPA) لديهم لا تتغير كما أن ضغط الدم لديهم لا يرتفع.

تشير الدكتورة (كارين ميشيلز)، الخبيرة في موادالـ(BPA) من كلية الطب بجامعة هارفارد، بأن التعرض للـ(BPA) لمرة واحدة وارتفاع ضغط الدم لمرة واحدة لا يسبب أي ضرر يذكر، ولكن البحث يركز على الأشخاص الذين يشربون من علب أو عبوات بلاستيكية لمرات متعددة كل يوم، فمع مرور الوقت يمكن أن يسبب التعرض المتكرر للـ(BPA) في تطوير مرض ارتفاع ضغط الدم المزمن لديهم، وتضيف (ميشيلز) بأن هذه الدراسة هي مهمة جداً وواقعية للغاية، كون 30 % من البالغين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وإننا لم نفكر مسبقاً بأن تكون مواد الـ(BPA) هي أحد مسببات هذا المرض، ولكن هذا البحث يوجه الاهتمام نحو المنتجات البلاستيكية المنتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء المعمورة، والتي قد تتسبب بارتفاع ضغط الدم في حال استعمالها بشكل متكرر.

بدأت الصناعات باستخدام مركب الـ(BPA) الكيميائي منذ ستينيات القرن الماضي، حيث يدخل هذا المركب في عدد لا يحصى من المنتجات اليومية البلاستيكية، مثل القوارير البلاستيكية، وحاويات المواد الغذائية، والعدسات اللاصقة، وعبوات الأطفال البلاستيكية، هذه المادة الكيميائية تتسرب إلى الأغذية التي تحويها، وتؤكد الاحصائيات أن الغالبية العظمى من الأمريكيين يتعرضون لمواد الـ(BPA)، كون الفحوصات بيّنت أن البول لديهم يحتوي على مادة الـ(BPA).

إن خطر مادة ثنائي الفينول A معروف على المستوى الدولي كونها تؤدي لاختلال الغدد الصماء، وفي عام 2012، أشارت ادارة الغذاء والدواء الأميريكية أنه لم يعد من المقبول استخدام الـ(BPA) لتصنيع عبوات شرب أو أكواب شرب الأطفال، كما أعلن التشريع الكندي رسمياً عام 2012 بأن الـ(BPA) هو مادة سامة ومنعت جميع منتجات الأطفال من استخدامه.

على الجانب الآخر فإن ليس جميع الأشخاص مقتنعين بأن مادة الـ(BPA) تشكّل خطراً على المستهلكين، فمثلاً يزعم مجلس الكيمياء الأمريكي، بأن مادة الـ(BPA) هي آمنة ولا تضر بصحة البشر، وعارض المجلس المقترحات التشريعية الاتحادية التي تهدف إلى منع استخدامها، فعلى الرغم من أن أغلب الدراسات التي أجريت لمعرفة أثر هذه المادة الكيميائية هي ليست دراسات سريرية صغيرة بل دراسات كبيرة تتم على عينات واسعة من الأشخاص، إلا أن الأشخاص الذين لا يقتنعون بتأثير الـ(BPA) الخطير، يشيرون أن هذه الدراسات تشير ببساطة إلى وجود ارتباطات، ولكنها لا توفر أي أدلة على أن الـ(BPA) هو السبب.

بالنسبة للدراسة الحالية، فهي دراسة قام بها باحثون من جامعة سيئول الوطنية للطب الوقائي في كوريا، وتم نشرها في مجلة (Hypertension) التابعة لجمعية القلب الأمريكية، والدراسة كانت عبارة عن تجربة عشوائية، قام بها الباحثون بأخذ عينات عشوائية من 60 شخصاً، كان معظمهم من النساء، ومعظم المشتركين ليس لديهم تاريخ مرضي مع ارتفاع ضغط الدم، وطُلِبَ منهم شرب حليب الصويا أحياناً من علب أو قوارير زجاجية وأحياناً من علب أو قوارير بلاستيكية، علماً أنه تم اختيار حليب الصويا كونه لا يسبب ارتفاعاً بضغط الدم، ولأنه على عكس المشروبات الأخرى مثل الصودا أو عصير الفواكه لا يرشح من العلب الموجود بها، بالنتيجة تبين أنه عندما شرب المشاركون من القوارير الزجاجية، فإن مستويات الـ(BPA) في بولهم كانت منخفضة، ولكن في غضون ساعتين من شربهم للحليب من علبة بلاستيكية، ارتفعت مستويات الـ(BPA) في بولهم إلى 16 ضعفاً، وبالترافق مع ارتفاع مستويات الـ(BPA)، ارتفع ضغط الدم الانقباضي لديهم بما متوسطه 5 مليمتر زئبقي، علماً أنه بشكل عام، فإن زيادة ضغط الدم الانقباضي بمعدل 20 ملليمتر يضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

يشير الباحثون بأن هذا الأثر الذي تحدثه مادة الـ(BPA) على ضغط الدم، قد تكون راجعة لكون هذه المادة تقوم بتثبيط مستقبلات هرمون الاستروجين المسؤولة عن إصلاح الأوعية الدموية والسيطرة على ضغط الدم، كما أن هذه المادة الكيميائية قد تؤثر أيضاً على ضغط الدم بشكل غير مباشر عن طريق تعطيل هرمون الغدة الدرقية.

يقول الدكتور (يون هونغ تشول)، مؤلف الدراسة ومدير معهد الطب البيئي في جامعة سيئول الوطنية، بأن الأطباء والمرضى – وخاصة المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو من أمراض القلب والأوعية الدموية -، يجب أن يدركوا المشاكل السريرية المحتملة التي يمكن أن يسببها تناول الأطعمة أو المشروبات الموجودة ضمن المغلفات البلاستيكية، كون تناول هذه الأطعمة أو المشروبات يسبب ارتفاع ضغط الدم، لذا فإنه ينصح باختيار الأطعمة الطازجة أو الأطعمة الموضوعة ضمن علب زجاجية، ويضيف (تشول) بأنه من الضروري حث الشركات المصنعة على تطوير واستخدام بدائل صحية للـ(BPA).

أخيراً، فإن الدراسات الكثيرة التي أوضحت خطر هذه المادة الكيميائية أدت إلى تزايد مخاوف المستهلكين، لذا ظهر حالياً بعض المنتجات الغذائية المعلبة بلاستيكياً والتي يروّج لها على أنها خالية من الـ(BPA)، ولكن مع ذلك، فإن هذه المنتجات غالباً ما تحتوي على بدائل مماثلة كيميائياً للـ(BPA)، مثل (ثنائي الفينول S) أو (BPS)، وبعض هذه البدائل تكون أضرارها أكبر من الـ(BPA)، لذا ينصح بتجنب تناول أو شرب الأطعمة المغلفة ضمن علب أو قوارير بلاستيكية، واستعمال المنتجات الطازجة غير المعلبة أو استخدام العلب أو المشروبات الموجودة ضمن قوارير زجاجية.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير
الوسوم: صحةعلوم