تقنية

فضلات من الكهرباء .. هذه البكتيريا تريد أن تقتحم بطارياتك المستقبلية

البكتيريا ترتبط في رأسك بالأمراض والمضادات الحيوية، لكن فريقاً من العلماء نجح مؤخراً في ابتكار بكتيريا تخرج فضلات من الكهرباء دون الحاجة لمصدر طاقة خارجي مستمر، وربما هذه البكتيريا سوف تغزو البطاريات يوماً ما، بدل المعادن النادرة التي تدخل في صناعة البطاريات، من يدري؟

5 أيام من الكهرباء .. دون تدخل إنسان

تقوم فكرة خلايا الوقود الميكروبية على قيام البكتيريا بتكسير الطعام أي الطاقة الكيميائية، لتخرج فضلات من الإلكترونات نعتمد عليها في الحصول على الطاقة الكهربية، لكن المشكلة أن ذلك يحتاج إلى إمداد مستمر من الغذاء، أي عملية ضخ مستمرة تحتاج إلى طاقة، فإذا توقف الإمداد الغذائي توقفت الإلكترونات، لهذا بقي العلماء لمدة سنوات مضطرين لاستخدام طاقة خارجية لإبقاء الخلايا تعمل، وهكذا لم تكن هذه الخلايا مفيدة بشكل جدي في الحصول على الكهرباء. الشئ الجديد الذي قام به هذا الفريق القادم من جامعة ولاية أيوا، أنهم ابتكروا خلية وقود ثلاثية الأبعاد من الورق، تستطيع أن تمد البكتيريا بشكل أوتوماتيكي بالغذاء، دون حاجة لبذل الطاقة في عملية ضخ.

الفريق أثبت أنه يستطيع باستخدام خلية الوقود البكتيرية الجديدة التي ابتكرها أن ينتج التيار الكهربي لمدة 5 أيام متواصلة، دون استخدام مصدر طاقة خارجي أو تدخل إنسان.

مستوحاة من الشعيرات الدموية .. سر خلية الوقود

لكي نفهم الطريقة التي تعمل بها الخلايا الميكروبية الجديدة علينا أن نفهم أولاً طريقة عمل خلايا الوقود الميكروبية التقليدية، والتي تتكون من 3 أجزاء مثل البطاريات العادية، الآنود والكاثود والإلكتروليت، حيث تدخل الإلكترونات إلى الكاثود سالب الشحنة، ثم تسيّر عبر الإلكتروليت حتى تصل إلى الآنود، لتغادره بعد ذلك بدورها لتمد شيئاً ما بالطاقة قبل أن تعود إلى الكاثود مرة ثانية، وسوف تبقى قادرة على العمل ما دام إمداد مادة الإلكتروليت مستمراً، الشئ الجديد في خلية الوقود البكتيرية هذه، هو أن الإلكتروليت عبارة عن مزيج من بكتيريا تسمى شيوانيلا أونديسيس Shewanella Oneidensis MR-1، أما الغذاء الذي تعتمد عليه فهو potassium ferricyanide بوتاسيوم سيانيد الحديديك.

الفريق تمكن من جعل كليهما يتدفقان إلى بعض، عن طريق حفر قنوات صغيرة في ورقة، تقوم بتوجيه حركة السوائل لأنها رقيقة جداً، مستوحاة من طريقة دفع الشعيرات الدموية في أجسادنا للدم إلى الأمام، وبمجرد أن تسبب القنوات التقاءهما، تقوم البكتيريا بهضم بوتاسيوم سيانيد الحديديك، وتقوم بتكسيره إلى الإلكترونات التي تصدر التيار الكهربي.

ويمكنك أن ترى بالأسفل صورة للخلية، حيث توجد بكتيريا شيوانيلا أونديسيس في طبق البتري الأصفر، أما طبق البتري الآخر فهو يحتوي على بوتاسيوم سيانيد الحديديك، ويوجد بينهما غشاء لتبادل البروتون في المنتصف للسيطرة على تدفق الإلكترونات:

هل أستطيع شحن هاتفي بهذه الخلية؟

خلية الوقود البكتيرية المصنوعة من الورق استطاعت إنتاج 52.25 ميكرو أمبير و 1.3 ميكرو واط من الطاقة من جهاز يعتبر 52.5 ميكرولتر، ما يعني أنها قادرة على إنتاج 25 واط من الطاقة لكل متر مربع من البكتيريا والغذاء، وهو الشئ الذي لا يعد كمية كبيرة، أي إنه بالتأكيد ليس كافياً لشحن هاتفك الآيفون أو الحاسوب المحمول، لكن الباحثين سوف يستفيدون من هذه الخلية لصنع خلايا أفضل في المستقبل بتجريب تحسين أشياء معينة فيها مثل درجة حرارة التخزين أو معدل التدفق، كما إنهم سيحاولون تقليصها أو استخدامها في منتجات استهلاكية للجمهور مثل البطاريات.

لكن هناك استخدامات فورية محتملة لهذا المنتج، فمحطات معالجة مياه الصرف تبحث حالياً عن خلايا وقود بكتيرية تساعدها في إنتاج الكهرباء، ففي هذه الحالة يمكن أن تكون مياه الصرف هي غذاء خلايا الوقود البكتيرية، لتقوم البكتيريا بتكسير الفضلات وتنقية المياه، وفي نفس الوقت تنقي المياه، هذا أشبه بضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد ! ومع إنه لا يزال لدينا الكثير من الوقت قبل أن نرى هذه البكتيريا تمرح في البطاريات وتقوم بعملها، إلا إن البدايات تبدو مبشرة وواعدة جداً.