التصنيفات: غير مصنف

فحص مستوى السكر بالدم بالليزر بدون آلام

يعمل الباحثون على إيجاد طريقة لاستخدام تكنولوجيا الليزر لقياس مستوى السكر في الدم بطريقة لا تتطلب إجراء جروح من أي نوع، وبالرغم من أنه لا يزال أمام الباحثين طريق طويل قبل أن يتوصلوا لصناعة نموذج محمول لجهاز الليزر يصلح للاستخدام المنزلي، إلّا أنهم متفائلين من قدرته على أن يحل يوماً ما مكان حاجة مرضى السكر لاستنزاف دمائهم عند قياس مستويات السكر في الدم.

يصف فريق من المهندسين الكهربائيين من جامعة برينستون بولاية نيوجيرسي في تقرير تم نشره في مجلة (Biomedical Optics Express)، كيف استطاعوا استخدام النموذج الأولي لجهاز قياس نسبة السكر في الدم عن طريق توجيه الليزر إلى كف الشخص، وقد أشارت كل من  (كلير جيماكل) وهي أحد مؤلفي البحث، و(يوجين هيغنز) أستاذ في الهندسة الكهربائية في جامعة برينستون، أن هذا العمل يهدف إلى تحسين حياة العديد من مرضى السكري الذين يعتمدون كثيراً على مراقبة نسبة الجلوكوز في دمهم.

يعمل هذا الجهاز عن طريق إرسال أشعة ليزر تقوم باختراق الخلايا الجلدية – دون التسبب بأذى – حتى يتم امتصاصها بعد ذلك من قبل جزيئات السكر، والجدير بالذكر أن هذا الليزر لا يستهدف جزيئات السكر في الدم بحد ذاتها، بل كمية السكر الموجودة في السائل النسيجي الجلدي، والتي لها علاقة قوية مع نسبة السكر في الدم، وبذلك فإن الكمية التي يتم امتصاصها من شعاع الليزر تعد مؤشراً لكمية السكر بالدم.

فوجئ فريق البحث بدقة القراءات التي أعطاها جهاز الليزر، فمعظم الأجهزة الحالية لمراقبة السكر بالدم التي يستخدمها المرضى في منازلهم تظهر قراءات لمستوى السكر في الدم تحتمل نسبة من الخطأ تصل إلى 20% من المستوى الفعلي للسكر لدى المريض، أما الجهاز الحالي بإمكانه إعطاء قراءات تصل دقتها إلى حوالي 84%.

ما يزال أمام الفريق العديد من التحديات حتى يتمكنوا في النهاية من تطوير هذه التكنولوجيا والتقليل من حجمها، حيث أنهم عندما بدؤوا بتنفيذ الفكرة كان حجم الجهاز يصل إلى نصف مساحة المختبر ويتطلب نظام تبريد معقد لإبقاءه بارداً، أما الآن فقد استطاع الباحثون حل مشكلة التبريد، حيث أن الجهاز يعمل حالياً في درجة حرارة الغرفة، ولكنهم ما يزالون يحاولون جعل حجمه أصغر، حتى يصلوا إلى حجم يمكن حمله إلى العيادات وإجراء المزيد من الاختبارات عليه هناك.

يستخدم نظام الليزر ضوء الأشعة تحت الحمراء الذي يتخطى طيف الضوء المرئي للعين البشرية، والجدير بالذكر هنا أن الأجهزة الطبية الحالية تستخدم الأشعة القريبة من تحت الحمراء، وهي حزمة تتمتع بموجة ضوئية أطول بقليل من الأشعة الحمراء التي يمكن للعين البشرية رؤيتها، كما أن الأشعة القريبة من تحت الحمراء تستطيع اختراق الماء، لذلك يمكن استخدامها على الجسم، لكنها في الوقت ذاته لا تتفاعل مع المواد الكيميائية في الجلد، ولذلك تم استخدام موجات أطول قليلاً من المنطقة المتوسطة للأشعة تحت الحمراء، بحيث يمكن أن يصبح ضوء الليزر في هذا الطول الموجي قابل للامتصاص من قبل السكريات الموجودة في الدم، في حين لا يتأثر كثيراً بالمواد الكيميائية الأخرى في الجلد.

بهدف جعل ضوء الليزر أكثر دقة وثباتاً ليستطيع اختراق الجلد والانتشار في السائل الجسدي، قام فريق البحث بتجربة جهاز جديد يدعى (quantum cascade laser)، حيث سمح لهم هذا الجهاز باختيار التردد الذي يتوافق مع ضوء الليزر الذي يقع في منتصف الأشعة تحت الحمراء، كما أنه استطاع جعل الشعاع ثابتاً ومستقراً لاختراق الجلد.

وللتأكد من فعالية الجهاز، قام الباحثون بإجراء عملية قياس تجريبية لقياس نسبة السكر في دم ثلاثة متطوعين أصحاء، حيث تم قياس نسبة السكر لديهم قبل وبعد تناولهم ـ 20 حبة هلام، ومن ثم قاموا بمقارنة هذه النتائج مع نتائج اختبار وخز الاصبع التقليدي، وبعد تكرار التجربة لعدة مرات على فترة امتدت لعدة أسابيع، أظهرت النتائج أن متوسط ​​قراءات جهاز الليزر أظهرت نسبة أخطاء أكبر من القراءات المأخوذة بطريقة وخز الاصبع، إلّا أن هذه النسبة من الخطأ ماتزال ضمن نطاق الدقة المطلوبة للاختبارات السريرية.

يبدي الفريق تحمساً كبيراً للإمكانيات التي يمكن أن يقدمها هذا الاكتشاف، فبحسب البروفيسور (جيماكل)، يمكن  تصميم الليزر ليقوم بإصدار الضوء عبر مجموعة من الأطوال الموجية الواسعة جداً، كما أن إمكانياته لا تقف عند حدود استخدامه للكشف عن السكر بالدم وحسب، بل يمكن أن يتم استخدمه أيضاً في العديد من التطبيقات الطبية الآخرى كالاستشعار والمراقبة.

 

 

 

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير