التصنيفات: علم النفس

عن رسومات الأطفال و الذكاء في المستقبل

تم اجراء اختبار قام فيه الأهالي بالطلب من أطفالهم الذين يبلغون من العمر أربعة سنوات أن يقوموا برسم صورة لطفل، ليتم بعدها اعطاء كل رسمة علامات تتراوح بين الـ 0- 12، وذلك اعتماداً على صحة وجود أعضاء الجسم وصحة عددها، مثل وجود الرأس والعينين والأنف والفم والأذنين والشعر والجسم والذراعين الخ، فعلى سبيل المثال إذا ما قام الطفل برسم ساقين وذراعين ورأس وجسم من دون قيامه برسم ملامح للوجه، فإن هذا الرسم سيعطى له علامة 4، وبعد ذلك تم إجراء اختبار ثان على الأطفال ما بين عمر الرابعة أو الرابعة عشرة القيام يتضمن اختبارات ذكاء لفظية وغير لفظية.

عند مقارنة نتائج هذه الاختبارات معاً، وجد الباحثون أن الأطفال الذين سجلوا علامات أعلى في اختبار رسم صورة طفل، كانوا هم أصحاب الدرجات الأعلى في اختبار الذكاء وكان ذلك لكلا الفئتين العمريتين، وقد كان ارتباط هذه العلاقة بين اختبار الرسم والذكاء وسطياً في سن الرابعة بنسبة (0.33) وفي سن الرابعة عشرة بنسبة (0.20)، الجدير بالذكر أن اختبار رسم الطفل قد تم ابتكاره في عشرينيات القرن الماضي، وذلك لتقييم ذكاء الأطفال، وبالتالي فإنه من المنطقي أن يرتبط هذا الاختبار بمقدار ذكاء الطفل في عمر الأربع سنوات، ولكن ما كان مفاجئاً للباحثين هو استمرار هذا الرابط بين الاختبارين بعد مرور عقد من الزمن عند الأطفال.

بحسب الدكتورة (روزاليند أردن)، وهي المؤلف الرئيسي للبحث من مركز البحوث العلمية لتطوير الطب النفسي الوراثي والاجتماعي (SGDP) ، أنه بالرغم من أن الرابط بين الاختبارين كان توافقياً، إلّا أنه لا يجب على الآباء أن يقلقوا إذا ما كان رسم أحد أبنائهم سيء، فالقدرة على الرسم لا تحدد مستوى الذكاء، فهناك عوامل لا تعد ولا تحصى تتدخل في هذا الموضوع، فالعامل الوراثي والعامل البيئي على سبيل المثال يؤثران أيضاً على مستوى الذكاء في مراحل الحياة المبكرة.

قام الباحثون أيضاً بمقارنة الجينات المورّثة لرسم الشخصيات لدى كل من التوائم المتطابقة التي تتشارك في جميع جيناتها، والتوائم الغير متطابقة التي لا تتشارك سوى بـ 50% فقط من جيناتها، إلّا أن كلا الزوجين كانا يحظيان بتربية وبيئة اسرية متماثلة، ولديهما إمكانية الوصول إلى ذات الموارد.

وأشارت نتائج التجربة أنه عموماً في سن الأربعة سنوات، كانت الرسومات التي صنعها التوأم المتطابق تشبه بعضها أكثر من التي صنها التوأم الغير متماثل، ومن هنا استنتج الباحثون أن الاختلافات في رسومات الأطفال لها علاقة هامة بالجينات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن وجود هذه العلاقة ما بين الرسومات والمورثات، لا يعني أن هناك جينات خاصة بالرسم، فقدرة الطفل على الرسم تنبع من العديد من القدرات الأخرى، كالمراقبة والتمرس على الامساك بقلم الرصاص وغيرها الكثير من الأمور المعقدة، فبحسب قول (أردن) أنه ما يزال أمام الباحثين شوطاً طويلاً ليقطعوه قبل فهم كيفية تأثير الجينات على مختلف هذه الأنواع السلوكية.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن الرسم يعد من السلوكيات الأولى التي قام بها الإنسان، حيث أنه يعود إلى ما قبل 15000 سنة، ومن خلال الرسم يقوم الإنسان بإظهار ما يدور بذهنه للأشخاص الآخرين، حيث أن القدرة على إعادة تشكيل الأشخاص تعتبر قدرة إنسانية فريدة ودليل على نمو قدرته المعرفية، كما هو الأمر بالنسبة للكتابة التي استطاعت تحويل هذه القدرة لدى الجنس البشري لتخزين المعلومات وبناء الحضارة.

المقالة الأصلية

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير
الوسوم: أطفالعلوم