عن الجهاز المناعي للبكتيريا

معرفة الآلية التي تقوم بها البكتيريا بحماية نفسها من الأجسام الغازية بسرعة كبيرة، قد يتيح المجال لمعرفة كيفية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

كان موضوع قدرة البكتيريا على تدمير الفيروسات لغزأ محيراً بالنسبة للعلماء لفترة طويلة، ولكن تبعاً للباحثين في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، فإنهم يملكون الآن صورة واضحة عن الجهاز المناعي للبكتيريا، حيث يشيرون إلى أن شكل الجهاز المناعي الفريد من نوعه، هو الذي يعطي البكتيريا القدرة على التعرف على أعدائها والقضاء عليهم بسرعة كبيرة، والجدير بالذكر أن هذا الاكتشاف هو الأول نوعه الذي يفصّل الآلية الجزيئية للجهاز المناعي للبكتيريا والتي تدعى بالـ (Cascade)، حيث تقوم هذه الآلية بحماية الخلايا البكتيرية، ويتألف الجهاز المناعي للبكتيريا من حبلين يشكلان هيكلاً غير مترابط يشبه شكل السلم، وهذا التصميم يعطي الجهاز المناعي الحرية للقيام بعمله بصورة أسرع، على عكس الشكل الحلزوني المزدوج وهو الشكل الاعتيادي للخلايا.

إن هذه النتائج التي تم نشرها في النسخة الالكترونية من مجلة (Science) في الرابع عشر من آب قد تفيد في معرفة كيفية مقاومة الفيروسات للمضادات الحيوية، أي عندما تتأقلم البكتيريا لدرجة أن المضادات الحيوية لا تعود تجدي نفعاً لعلاجها، وتعتبر منظمة الصحة العالمية (WHO) أن تطور مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية يعتبر تهديداً كبيراً للصحة العامة في جميع أنحاء العالم، وبحسب تعبير الدكتور (سكوت بيلي)، وهو أستاذ مشارك في قسم كلية بلومبرج للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية ورئيس هذه الدراسة، أنه إذا ما استطع المرء معرفة شكل الشيء فبإمكانه معرفة ما الذي يستطيع هذا الشيء فعله، وفي هذه الدراسة استطاع العلماء معرفة هيكل الجهاز المناعي للبكتيريا، وهذا الاكتشاف من الممكن أن يفسر السبب الذي يجعل من الـ (Cascade) يعمل بطريقة جيدة.

من أجل اجراء هذه الدراسة، قام (بيلي) وزملاؤه باستخدام ما يسمى ببلورات الأشعة السينية وذلك بهدف رسم صورة للـ(Cascade)، وهو أحد العناصر الرئيسية في الجهاز المناعي المتطور للبكتيريا والمعروف باسم CRISPR، وفيها يقوم الـ (Cascade) باستخدام المعلومات الموجودة في متسلسل الحمض النووي الريبي (RNA) كطريقة مختصرة للتعرف على الغزاة الغريبين وقتلهم.

كان عمل (بيلي) يتركز على معرفة الكيفية التي يقوم بها الـ (Cascade) بمساعدة البكتيريا في محاربة فيروسات تسمى بآكلات البكتيريا، وقد توصل إلى أن الـ (Cascade) يستخدم حبالاً قصيرة من الحمض النووي الريبي البكتيري لتفحص الحمض النووي التابع للفيروس ، فإذا كان هذا الحمض النووي غريباً، فإن الخلية تقوم بشن هجوم يعمل على مضغ الجرثومة الغازية وقتلها.

بعدها قام (بيلي) وفريقه بتحويل الـ (Cascade) إلى الشكل البلوري، لرؤية الكيفية التي يعمل بها النظام المناعي البكتيري ، ثم قاموا بتوجيه أشعة سينية عالية القوة على تلك البلورات، حيث قامت الأشعة السينية بتوفير البيانات الحسابية للعلماء، سامحةً لهم برسم صورة واضحة للـ (Cascade) ، حيث أظهرت الصورة أن الآلية تتكون من  11 بروتيناً.

كانت النتائج مذهلة للعلماء، فعوضاً عن رؤية كل من الحمض النووي الريبي RNA والحمض النووي DNA يلتفان حول بعضهما البعض لتشكيل ما يعرف باسم الهيكل الحلزوني المزدوج، كان كل من الحمض النووي الريبي RNA والحمض النووي DNA في الـ (Cascade) يمتدان بخطوط أقرب لأن تكون متوازية وتشكل ما يشبه السلم، وبحسب (بيلي) فإنه لو كان الحمض النووي الريبي RNA يلتف حول الحمض النووي DNA فإن عملية فك إرتباطه وتعرّفه على الحمض النووي للغزاة ستأخذ وقتاً طويلاً، أما مع الهيكل ذو الشكل السلّمي، فسيقوم الحمض النووي الريبي  RNA بفحص الحمض النووي للغزاة بطريقة أسرع.

أخيراً، فإن دراسة وظيفته الـ CRISPR، يمكن أن تؤدي إلى إيقاف مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وذلك باستخدام نظام CRISPR كأداة للعلاج أو للتلاعب بالحمض النووي في المختبرات.

المقالة الأصلية

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير