التصنيفات: ملف رمضان

صيام الأطفال وكيف نشجعهم على التعلق بشهر رمضان؟

متى يصوم؟ هل ألح عليه في الصلاة؟ هل ألومه إذا فعل الخطأ أم أتغاضى عنه لكي اكسب وده وصداقته؟ هل استوعب معاني آيات القرآن التي حفظها؟ متى يجب علي شرح المفاهيم الربانية؟ ماذا افعل حين يكذب؟ كيف أُنمي فيه الرحمة والإنسانية؟ ما هي الطريقة المثلى لتقويم سلوكه وضبط نفسه؟

أسئلة كثيرة تشغل مساحات عظيمة من تفكيري باعتباري أم ومربية في ذات الوقت والإجابة عليها تزداد صعوبة كل يوم أكثر. فربما يظهر سطحياً أن وسائل التربية والموارد التعليمية والدينية وأساليب التربية الإيجابية قد باتت منتشرة وسهلة التعلم والاستيعاب، هذا بالإضافة لمباديء الدين والقرآن والسنة. لكن في حقيقة الامر فالأمر اصبح أصعب وليس أسهل، فكلما زادت الخيارات والمناهج والأساليب  كلما زادت الحيرة، وكلما صدقت في مبدأ معين للتربية كلما ظهر آخر ينفي أهمية الأول ويُظهر به عيوب. فنجد أنفسنا نحن المربيين مشتتين بين هذا وذاك وغالبا ما نقرر تحليل المبادئ وانتقاء ما يصلح منها لمجتمعنا وديننا وبيئتنا ويتوائم كع طبيعة الطفل وشخصيته وميوله. وها نحن على مشارف شهر رمضان الكريم ويأتي السؤال الأهم بالنسبة للمربيين والذي يتصدر قائمة الأولويات. متى أجعل طفلي يصوم من الفجر وحتى المغرب؟ 

الحيرة بين المنع والسماح بـ صيام الأطفال

مثل كافة الأمور في الدنيا بشكل عام وتربية الأطفال بشكل خاص،  فالاتفاق على مبدأ واحد من المستحيلات. فنجد بعض الآباء يمنعون أولادهم من الصيام رغم رغبتهم به خوفاً عليهم من عدم التحمل وتأثر صحتهم سلبياً ومنهم من يفعلون هذا مع أولادهم الذين تتخطى أعمارهم العاشرة وربما الثانية عشر. وآخرين يجبرون أولادهم على صيام اليوم كامل وهم دون الثامنة رغبة منهم في إرضاء الله وتعويد ابناءهم على فريضة الصيام دون النظر إلى قدرتهم ومدى مشقة الصيام عليهم. وأحياناً تجد كلتا الفئتين تنتقض بعضهما البعض وغالباً ما يتخذون قرارهم تحت ضغط اجتماعي. فمنهم من يُتهم بالتقصير في دينه وإفساد ولده إذا منعه من الصيام ومنهم من يُتهم بالتعنت والتعامل بشكل عسير في تطبيق الدين إذا أجبره على الصيام في سن مبكرة. وفي رأيي أن دين الإسلام واضح ومرن وعقلاني إلى أبعد الحدود وكل ما يلزم هز القراة والفهم لتطبيق ما يأمرنا به الله وهو ومما لا شك فيه لا يضر بأطفالنا

حكم الدين في صيام الأطفال: (متى يجب الصيام على الطفل)؟

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ» رواه البخاري.

كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ»

وهنا يجب أن مفهم أن الصيام فرض على كل مسلم لكنه أوضح أيضاً أن الله يتجاوز في فرضه على بعض الأشخاص بسبب حالتهم التي تخرجهم عن الوضع الطبيعي، مثل فقدان العقل، أو النوم، أو صغر السن.

ويقع الأطفال هنا تحت تصنيف صغر السن ولكني اعرف أنكم تفكرون الآن انها كلمة واسعة ونسبية وقابلة للفهم بطرق عديدة وانا معكم في هذا الرأي. ولذا يجب أن تعرفوا انه وبحسب تفسير الفقهاء فإن الطفل مكلف بالاتزام بالصيام من وقت بلوغه وهو ما يرتبط بالاحتلام عند الأولاد أو الحيض عند البنات أو بلوغ خمس عشرة سنة قمرية حتى لو لم يبلغوا.
إذا فهل معنى هذا ألا يصوم الأطفال قبل البلوغ او سن الخامس عشر؟ الإجابة لا. فهنا نتكلم عن وجوب الصيام والالتزام بالفريضة بمعنى أنه ابتداءً من هذا السن يُعامل الأطفال معاملة البالغين في الصيام كأباه وأمه والبالغين من حوله. أما الصيام دون ذلك السن فهو غير إلزامي ولكن ضروري ممارسته ليعتاده الطفل ولأنه يكسبه حسنات، فهو مثل تمرين للطفل ويجب أن نشجعهم عليه ليحبوه مع مراعاة بعض المعايير: 


1- يصوم الطفل جزء من اليوم وليس من الفجر للمغرب

2- يتدرج الطفل في الصيام. ففي اليوم الأول يصوم بضعة ساعات ثم يزيدهم على قدر تحمله 

3- إذا قدر الطفل على صيام يوم كامل طواعية فيجب ألا يصوم اليوم التالي حتى لا تتأثر صحته 

4- السن الذي يمكن السماح للطفل بتجربة صيام يوم كامل هو سن الإطاقة للصيام، وهو يختلف باختلاف بنية الولد، وقد حدَّه بعض العلماء بسن العاشرة

صيام الأطفال: التدريب أولًا

  1. التحدث مع الأطفال عن الصيام وأهميته عند الخالق وفوائده الروحية والصحية لنا
  2. إشراك الطفل في الاعمال الخيرية في رمضان كمساعدة في الإطعام وتوزيع شنط رمضان وإعلامه أن هذه الأعمال تتضاعف أجرها ونحن صائمين. وإشراكه أيضاً في شراء ما يلزم البيت قبل بداية الشهر وتعليق زينة رمضان وعمل ألعاب وحرف ( (craftsبالاعتماد على الموارد والأنشطة التعليمية الموجودة على الإنترنت من مصادر موثوقة (وهو ما سنأتي لذكره لاحقاً)
  3. تدريج مدة وحجم الصيام للطفل وفي ذلك مدارس مختلفة، فيمكن وهو في السادسة من عمره أن يفطر صباحا ثم يصوم من بعدها لموعد الإفطار وممن أن يصوم عن الطعام مع السماح بشرب المياه خاصة إذا كان شهر رمضان في الصيف ويمكن أن يصوم الطفل من الصباح وحتى الظهر أو العصر. كل بحسب طاقته وصحته، على أن نشرح بوضوح للطفل أن الصيام الصحيح هو الامتناع عن الأكل والشرب من الفجر للمغرب ولكنه يتدرب ليصبخ مع الوقت لديه القدرة على الصيام مثل الكبار
  4. عدم تأنيب الطفل إذا لم يستطع استكمال المدة التي كان من المقرر صيامها بل مدحه للمحاولة وتشجيعه على استكمال المدة غداً
  5. مواصلة تحفيز الطفل على الصلاة وعدم ارتكاب الأخطاء لأن الصيام بلا صلاة لا يجوز وأن الصيام معناه الامتناع عن فعل الخطأ وليس فقط الصيام عن الطعام والشراب
  6. إشراك الطفل في تحضير سفرة الطعام والإفطار مع الصائمين وحتى وإن كان قد أكل وجبة في منتصف اليوم
  7. وأخيرا، سرد ما قيل عن الثواب والمكافأة التي يرصدها الله للصائمين مثل:

عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون ” . رواه البخاري ( 3017 )

و عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري (الإيمان / 37)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين ” . رواه البخاري ( 3035 ) ومسلم ( 1793 )

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يقول اللهُ عزَّ وجلَّ: الصومُ لي وأنا أَجزي به، يدَعُ شهوتَه وأكلَه وشُربَه من أجلي، والصومُ جُنَّةٌ، وللصائم فرحتانِ: فرحةٌ حين يفطِرُ، وفرحةٌ حين يَلْقَى ربَّه، ولخُلوفُ فَمِ الصائمِ أطيبُ عند اللهِ من رِيحِ المسكِ”. 

مشاركة الأطفال لعمل الأنشطة والألعاب وزينة رمضان 

بعد الحديث عن وجوب الصيام وكيفية موازنة الأمر مع الصحة الجسدية والنفسية للطفل وأساليب تدرج الصيام وتشجيع الأطفال على ممارسته في السن الصغير، فحديثنا هنا عن ربط شهر رمضان الكريم بأرواح الأطفال وقلوبهم وربطه بذكريات جميلة ومبهجة تبقي معهم حتي يكبروا وهو ما له أثر مباشر على التزامهم بالصيام وتقبله بصدر رحب. يمكن لأفراد الأسرة المشاركة معًا في تحضير الطعام للإفطار، وقراءة القرآن، وأداء العبادات المشتركة، وإعداد الوجبات الإفطار والمشاركة في توزيعها. ومن الضروري أيضاً مشاركة القيم والمفاهيم الرمضانية مع أطفالنا بطريقة تفاعلية ومحفزة. لذلك، تأتي أهمية استخدام الموارد التعليمية والأنشطة المرتبطة بالشهر الكريم. فتجربة التعلم المفعمة بالمرح والإثارة تكون أكثر فاعلية في تعزيز فهمهم له. يمكن استخدام الموارد التعليمية مثل القصص القرآنية المصورة، والألعاب التعليمية، والأنشطة الحرفية لنقل المفاهيم الدينية والأخلاقية بطريقة بسيطة وممتعة. 

من خلال مشاركة الأطفال في الأنشطة التعليمية والأنشطة الثقافية المتعلقة برمضان، يتمكنون من بناء انتمائهم لدينهم ويشعرون بالفخر بشهر رمضان وينتظرون قدومه. فاستخدام الموارد التعليمية فرصة لتطوير التعلم العملي لدى الأطفال مثل صناعة الهدايا الرمضانية، وتعليق زينة رمضان وعمل فوانيس ورقية فيتمكنوا من استغلال وقت فراغهم بشكل إيجابي مثل أوقات الانتظار للإفطار أو السحور مما يجعل الوقت المخصص للعب والتسلية أكثر فائدة وقيمة.

أبرز 4 مواقع إلكترونية متخصصة تمد الأطفال بموارد تعليمية عن رمضان

في ظل التطور التكنولوجي السريع، توفر العديد من المواقع والتطبيقات موارد تعليمية عن شهر رمضان، وتقدمها بطرق مبتكرة وممتعة للأطفال. إليكم بعض المواقع التي يمكن للأهالي الاستفادة منها لمساعدة أطفالهم على التفاعل مع شهر رمضان وتقوية الروابط الأسرية في آن واحد: 

موقع بالعربي :
يقدم الموقع مجموعة متميزة من الألغاز وأوراق عمل للتلوين وعبارات وأحاديث يتعلم منها الطفل آداب وسنن الصيام لشهر رمضان ومعلومات عن شهر رمضان للأطفال.

موقع توينكل:
الموقع يقدم مجموعة متنوعة ومسلية من الموارد الرمضانية من حيث المحتوى وشريحة العمر المستهدفة مثل قائمة مشتريات رمضان وإنجازاتي في رمضان وأوراق تلوين فوانيس رمضان بالإضافة للألعاب والزينة الرمضانية

موقع فكرة :
فِكرة  هو موقع الكتروني معرفي بمثابة موسوعة إلكترونية عربية متكاملة ، حيث انطلق الموقع في شهر أغسطس من عام 2017 يزود القارئ معلومات موثقة في كافة المجالات الحياتية التي يبحث عنها ، ويضم موقع فكرة عدد من المقالات المبتكرة والمفيدة . ويقدم هذا الموقع مجموعة متنوعة من الفوازير الدينية وأوراق التلوين بالإضافة لجدول رمضان وتعليم آداب الصيام للأطفال لأن الأطفال لهم سياسة خاصة للتعامل معهم في رمضان سواء المفطرين أو الصائمين ، وهذا الأمر يشغل بال الآباء والأمهات.

موقع super family :
يقدم مجموعة من الأنشطة والقصص التفاعلية التي تهدف إلى تعريف الأطفال بأهمية شهر رمضان وتعليمهم القيم والتقاليد المرتبطة به مثل يوميات عثمان في رمضان وكتاب رمضان الامل ويوميات عمر في رمضان. والموقع يقدم دعمًا متكاملًا لتعليم الأطفال القراءة والكتابة ,والقاعدة النورانية ونور البيان بأساليب مبتكرة وفعالة.

بالطبع هذه مجرد بعض الأمثلة على المواقع التي يمكن الاستفادة منها لتوفير موارد تعليمية ممتعة ومفيدة للأطفال حول شهر رمضان لكني أشجع الأهالي على استكشاف المواقع المختلفة واختيار الأنشطة والموارد التي تناسب احتياجات واهتمامات أطفالهم.

وباستخدام هذه الموارد التعليمية والأنشطة، يمكن للأطفال الاستمتاع بتجربة رمضان بشكل ممتع وتفاعلي، وتعزيز فهمهم وتعلقهم بهذا الشهر الفضيل بطريقة تربوية مثمرة. تشجيعهم على المشاركة في هذه الأنشطة والاستفادة من الموارد المتاحة يساهم في بناء أسس قوية لفهمهم لقيم الإسلام وتعزيز هويتهم الدينية.

شارك
نشر المقال:
سارة سعيد