التصنيفات: أخبار العلوم

زيادة وقت النوم بعد الصدمة النفسية يمكن أن يخفف من الآثار السيئة

أن زيادة مقدار وقت النوم الذي يقضيه المصابون بـ الصدمة النفسية المؤلمة مثل الأفراد العسكريين وضحايا الحوادث والكوارث الطبيعية والعنف وسوء المعاملة، بعد تجربة تعرضهم للصدمة مباشرة قد يخفف من أي عواقب سلبية لهم بعد ذلك.

جاء ذلك في دراسة علمية أجراها باحثون من كلية إلسون س. فلويد للطب بجامعة ولاية واشنطن ونشرتها نشرة التقارير العلمية التابعة لدورية نتشر البريطانية.

العلاج بالنوم 

يقول ويليام فانديرهايدن، أستاذ الأبحاث المساعد في كلية إلسون س. فلويد للطب بجامعة ولاية واشنطن والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن دراستهم تساعد في بناء حالة لاستخدام علاجات النوم بعد التعرض للصدمات، وكذا تحسين النوم للتخفيف من الأثار النفسية اللاحقة للصدمات، كما أنها تحمل نتائج واعدة بالنسبة لأولئك الذين يتعرضون بشكل روتيني للصدمات.

ووفقا لبيان  كلية إلسون س. فلويد فأن هذه الدراسة تأتي بعد سلسلة من التجارب على الفئران ،حيث قام الفريق العلمي بفحص العلاقة والارتباط بين قلة النوم واضطراب ما بعد الصدمة post-traumatic stress disorder (PTSD) وهو نوع من أنواع المرض النفسي حسب النظام العالمي للتصنيف الطبي للأمراض والمشاكل المتعلقة بها، والتي  يعاني فيها الأشخاص المصابون باضطرابات ما بعد الصدمة والمتمثلة في كثير من الأحيان بالكوابيس وأنواع أخرى من اضطرابات النوم ، مثل الاستيقاظ المتكرر والأرق،  إذ أن اضطرابات النوم هذه قد تسبب المزيد من الضعف الإدراكي وتزيد من سوء آثار اضطراب ما بعد الصدمة أو الصدمة الأولية.

تجربة العلاج بالنوم على الحيوانات 

وحول الخطوات لتي تم اتباعها في إجرائها، قال فانديرهايدن : لقد استخدمنا في دراستنا طرقًا تمت مراجعتها والموافقة عليها من قبل لجنة رعاية الحيوان المؤسسية واستخدامها في جامعة ولاية واشنطن ، والتي تشرف على جميع إجراءات أبحاث الحيوانات الجامعية لضمان المعاملة الإنسانية للحيوانات طوال دورة حياتها. 

وفي تجاربنا التي أجريناها على بعض الحيوانات مثل القوارض لدراسة اضطراب ما بعد الصدمة، ومن خلال تطبيق تقنيات علم البصريات الوراثي Optogenetics، إحدى تقنيات علم الأعصاب التي تسمح بالتحكم بخلايا الدماغ الحية باستخدام كابلات الألياف الضوئية، حيث تعتبر طريقة لتعديل العمليات العصبية باستخدام مزيج من التقنيات البصرية والوراثية.

وبحسب فانديرهايدن فقد استخدم الفريق العلمي واحدة من تقنيات علم البصريات الوراثي وهي تقنية التحفيز البصري الجيني Genetic visual stimulation التي تم تطبيقها على الفئران وهي تقنية تستخدم بروتينات حساسة للضوء للتحكم في نشاط خلايا الدماغ.

لقد قام الباحثين بتقسيم الفئران إلى مجموعتين، وفي إحدى المجموعات، استخدم الباحثون التحفيز البصري الجيني لتنشيط هرمون تركيز الميلانين Melanin Concentrating Hormone (MCH) وهي نوع من خلايا الدماغ المعززة للنوم .

 وعلى مدى سبعة أيام كانت الحيوانات في المجموعة الثانية بمثابة عناصر تحكم وبمقارنة المجموعتين، وجد الباحثون أن التحفيز البصري الجيني زاد من مدة نوم حركة العين السريعة Rapid EyeMovement(REM)  أي مرحلة النوم التي يُعتقد أنها مهمة للتعلم والذاكرة  عبر مراحل راحة الفئران ومراحل النشاط.

ثم قام الباحثين بتقييم سلوك الفئران في تجربة تكييف كلاسيكية مدتها ثلاثة أيام تتضمن مراقبة الذاكرة، حيث لاحظوا في اليوم الأول، إن الفئران تعلمت ربط نغمة مسموعة بالتجربة غير السارة إلى حد ما لتلقي صدمة صغيرة في القدم فور سماع النغمة.

وبعد عدة مرات، كانت الفئران تتجمد بعد سماع النغمة، وتوقع صدمة القدم.

 وفي اليوم الثاني، سمعوا النغمة 30 مرة دون أن يصابوا بالصدمة، مما سمح لهم بإخماد تلك الذكرى تدريجياً. 

أما في اليوم الثالث، شغّل الباحثون النغمة 10 مرات لاختبار مدى توقف انقراض الذاكرة في اليوم السابق، ووجدوا أن الفئران التي تلقت التحفيز البصري الجيني لزيادة وقت نومها نجحت في إطفاء الذاكرة، حيث تجمدت أقل من الفئران الضابطة.

نتائج التجربة 

وتعليقا على ملاحظات هذا التجربة قال فاندرهايدن: “إن هذه الملاحظات التي لاحظناها تبين أن هناك نافذة حساسة للوقت تدخلت لتحسين النوم، حيث أنه من المحتمل أن تتجنب الآثار السلبية للصدمة.

 وعلى العكس من ذلك، أنه يبدو من المحتمل أنه إذا بقيت مستيقظًا بعد التعرض لصدمة ما، فمن المحتمل أن يكون هذا ضارًا لوظيفتك الإدراكية، على الرغم من أننا لم نختبر هذا بشكل مباشر كجزء من دراستنا.

وكمثال على ذلك، فأن ضحايا حوادث المرور، الذين قد لا يحصلون على فرصة كبيرة للنوم، يتعرضون للضغط والضغط والفحص والعلاج بعد دخولهم المستشفى.

وأضاف فانديرهايدن :  وعلى الرغم من أن إعطاء الأولوية للنوم قد لا يكون مجديًا في الضحايا الذين يعانون من إصابات قد تهدد حياتهم ، إلا أنه يمكن عمليًا زيادة النوم لدى الناس الذين يتعرضون لأنواع أخرى من الصدمات .

 وبناء على نتائج هذه التجربة قال فاندرهايدن إنه يمكن تشجيع الأفراد العسكريين العائدين من الدورية على النوم وربما إعطائهم أدوية تعزز النوم لمساعدتهم على تجنب أي صدمة يتعرضون لها أثناء دوريتهم.

وفي ختام تصريح فانديرهايدن الذي تضمنه البيان الصادر من كلية إلسون س. فلويد للطب بجامعة ولاية واشنطن قال: أنه على الرغم من أن تجاربنا تشير إلى أن التلاعب بالنوم مباشرة بعد الصدمة قد يكون مفيدًا، إلا أن مثل هذا التدخل قد يكون أو لا يكون فعالًا للتجارب الصادمة التي حدثت في الماضي البعيد، وبالتالي فأننا بحاجة إلى التعمق في الآليات الجزيئية التي تعمل على تحسين تطبيقات الاستجابةً لزيادة النوم.

المصادر :

    Increasing sleep time after trauma could ease ill effects

https://news.wsu.edu/2020/10/22/increasing-sleep-time-trauma-ease-ill-effects

/

Optogenetic sleep enhancement improves fear-associated memory processing following trauma exposure in rats

https://www.nature.com/articles/s41598-020-75237-9
شارك
نشر المقال:
عبد الحكيم محمود