أخبار العلوم

رحلة البشر لاستعمار الفضاء

يُعد موضوع استعمار البشر لكواكب أُخرى غير الأرض أحد أهم المواضيع التي تشغل الساحة العلمية والعالمية هذه الأيام وكان ظهور مصطلح استعمار الفضاء لأول مرة عن طريق رائد الملاحة الفضائية الروسي قسطنطين تسيولكوفسكي  أوَّل من ذكر مفهوم استعمار الفضاء في كتابه الصادر عام 1903 الذي حمل عنوان ( الصاروخ في الفضاء الهائل) و أخذت الفكرة تستحوذ على تفكير عدد كبير من العلماء ويعد عالم الفيزياء الفلكي السويسري فريتز زفيكي Fritz Zwicky والفلكي الأمريكي كارل ساغان Carl Sagan هما أول من وضعوا فكرة إعادة تأهيل بعض الكواكب من أجل تغيير ظروف الحياة عليها, كي تتمكن البشرية من استعماره. وفي عام 1975، بدأت إهتمامات ناسا بفكرة استعمار الفضاء حيث قامت بنشر سلسلة من الدراسات عن هذا الموضوع أجريت بالتعاون مع عدة جامعات كما طوَّر الفيزيائي الأمريكي جيرارد أونيل في كتابه الصادر عام 1977، الحد الأعلى : مستعمرات بشرية في الفضاء فكرة استعمار كثيف مع مواطن فضائية ضخمة. ومع توقف سباق الفضاء الذي كان مرتبطًا بالحرب الباردة، بدأ مفهوم استعمار الفضاء يصبح أقل طموحاً ولكن أكثر واقعية، وذلك بإنشاء المحطة الفضائية الدولية ثم قواعد دائمة على القمر ومن ثم على المريخ .وفي عام 1992 حدث تطور كبير في طريق البشرية لاستعمار الفضاء ، حيث اكتُشف أول كوكب صالح للحياة حول نجم آخر، ومنذ ذلك الحين وجد العلماء أكثر من 3500 كوكب  خارجي في أكثر من 2700 نظام نجمى  ولكن تظل فرص الوصول إلي تلك الكواكب صعبة بشكل كبير بسبب المسافات الكبيرة التي بينها وبين الأرض والمدة الزمنية الطويلة التي ستستغرقها أي رحلة من الأرض إلي تلك الكواكب لذلك يعد أهم مشروعين الأن هم مشروع استعمار القمر والمريخ.

 

مشروع استعمار القمر  

من زمن بعيد والقمر يشغل حيز كبير من تفكير العلماء والباحثين من أجل استكشاف هبوط المركبة الفضائية لونا 2 التابعة للاتحاد السوفيتي في 13 سبتمبر 1959 وتبعتها المهمة “البعثة” أبولو 11 التابعة للولايات المتحدة هي أول مهمة مأهولة تهبط على سطح القمر في 20 يوليو  1969، ومر الوقت من ذلك الحين ولم يعد اهتمام البشر بعدها بشكل كبير إلي القمر خاصة بعدما وجدوا مكوناته الفقيرة التي لا تصلح للحياة و أبُعدت الأنظار البشرية لفترة طويلة حتى عادث ناسا من جديد لطرح مشروع تحت عنوان سنعود إلى القمر ولكن هذه المرة سوف نبقى! فقد وضعت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا على خطةٍ جديدةٍ بالكامل لاستعمار القمر تتضمّن هذه الخطة الجريئة: تخطيطًا جديدًا لهبوطٍ وانتشارٍ بشريٍّ طويل المدى على سطح القمر. ويري العلماء إنه يمكن للبشرية بناء مستعمرة تعمل بكامل طاقتها على سطح القمر بحلول عام 2022 ، ولن تكلف الكثير من المال. ووفقاً للتقديرات ، يمكن للإنسانية إنشاء قاعدة قمرية في أقل من عشر سنوات مقابل 10 مليارات دولار فقط. على عكس مهمة أبولو التى كلفت 25.4 مليار دولار اأي ما يعادل 150 مليار دولار اليوم. وذلك بسبب التكنولوجيا المتقدمة التي لدينا اليوم هي ما يجعل هذا المشروع رخيصًا نسبيًا. ويعتبر علماء ناسا إن إنشاء مستعمرة على القمر سيكون نقطة انطلاق رائعة لاستكشاف مزيد من الفضاء السحيق واستعمار المزيد من الكواكب والاجرام وذلك بسبب قربه من الارض وسهولة التواصل والتنقل.

مشروع استعمار المريخ  

يتشابه المريخ مع الارض فى عدد كبير من النقاط يوم المريخ ” قريب جدًا من مدة يوم الأرض. اليوم حسب التوقيت الشمسي على المريخ هو ٢٤ ساعة و ٣٩ دقيقة و ٣٥,٢٤٤ ثانية. المريخ لديه مواسم تشبه كثيراً الأرض ، لكن مدة تلك الفصول هى ضعفى فترة فصول الأرض, لأن سنة المريخ تساوى ١,٨٨ سنة للأرض, و ذلك لبعد مداره عن الشمس.  كما تؤكد الإستكشافات الأخيرة التي أجرتها مرس إكسبريسMars Express  التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية و Phoenix   Lander  فونيسكس ليندر التابعة لوكالة ناسا، إلى وجود جليد مائي على سطح المريخ. تلك المقومات التي تجعل المريخ مناسب للأستعمار المستقبلى جعل العديد من المنظمات الخاصة والعامة بإجراء أبحاث حول جدوى جهود الاستعمار طويل المدى واتخاذ خطوات نحو وجود إنساني دائم على سطح المريخ ولكن يحتاج الإستعمار إلى إنشاء موطن أو بيئة دائمة يُمكنها فيما بعد أن تتمدد وتتمكن من الإكتفاء الذاتى وهناك الكثير من النقاش حول إمكانية إعادة تأهيل المريخ للسماح لمجموعة متنوعة من أشكال الحياة ، بما في ذلك البشر، بالبقاء دون مساعدة التكنولوجيا على سطح المريخ ، بما في ذلك التقنيات اللازمة للقيام بذلك. وحتي ذلك الوقت يحتاجون إلى توفير الأدوات والمواد المناسبة ففكرة تموين المستعمرات بالمواد الغذائية وغيرها المستمر من الأرض مكلفاً جداً لذلك يقوم العلماء حاليا بدراسة طرق جديدة لتأمين الطعام والاحتياجات اللازمة بطرق أكثر سهولة لحين استصلاح الكوكب وتحقيقه للاكتفاء الذاتى. حيث سيتطلب إستعمار المريخ مجموعة واسعة من المُعدات – الأجهزة لتقديم الخدمات المباشرة إلى البشر ومعدات الإنتاج المُستخدمة لإنتاج الغذاء والوقود والماء والطاقة والأكسجين القابل للتنفس – من أجل دعم جهود الاستعمار البشري. كما يقوم العلماء بدراسة أنسب الأماكن المُقترحة للإستعمار وتوصلوا حتى الان إلى ثلاثة مناطق هم منخفضات فاليس ماريناريس The depths of Valles Marineris و منطقة غيل كريتر Gale Crater و منطقة مديس فوسا Medusae Fossae

 

ما يزال أمام العلماء والباحثون والفلكيون الكثير حتى انطلاق أول رحلة بشرية إلى القمر ومن بعدها إلى المريخ التحضيرات والاستعدادت تجري على قدم وساق فاستعمار الفضاء رغم صعوبته ولكنه تحدي مهم لبقاء البشرية واستمرارها فأصبح مشروع استعمار الفضاء الأولوية القصوى لكل شركات استكشاف الفضاء الحكومية والخاصة ومع مرور الأيام  ومحاولات العلماء يقترب تحقق الحلم البشري باستعمار الفضاء عام 2022 يقترب وتقترب عودة الانسان من جديد إلى القمر ليس لزيارة ولكن لبقاء دائم.

 

إعداد : محمد حسام

شارك
نشر المقال:
نادي الفلك جامعة قطر