حصان طروادة جديد .. هل يتمكن القراصنة من اختراق البشر مثل الحواسيب؟

حين تحمل برنامج يعمل كـ”حصان طروادة”، وتكتشف فجأة أن القراصنة أصبحوا يتحكمون بحاسوبك عن بعد  مثل دمى الخيوط، تصاب بحالة من الهلع والعصبية، لأن القرصنة مرتبطة بالإيذاء دائماً، لكن فريق العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قرروا أن يقوموا بقرصنة من نوع آخر، قد تنقذ حياتك يوماً ما !

في الحواسيب، عندما يقوم الأشخاص بتنزيل ملف صورة أو فيديو أو لعبة مدمج بها برنامج قرصنة “تروجان”، فإن الضحية لا يرى إلا اللعبة التي قام بتحميلها، بينما يقوم التروجان بنسخ نفسه في ملفات نظام التشغيل “الويندوز”، ويغير في وظائف الجهاز بحسب ما يريد القرصان، مثل أن ينسخ الصور أو كلمات السر، أو يوقف تشغيل البرامج، وهو نفس ما قام به العلماء هنا.

العلماء استطاعوا اختراق الخلايا الحية، وتمكنوا من التحكم فيها وبرمجتها لأداء المهام التي يريدونها، وذلك عن طريق استخدام لغة برمجة بسيطة على الكمبيوتر، مثلما يفعل قراصنة الإنترنت، وبذلك فتحوا الباب لأي شخص كي يفعل نفس الشئ يوماً ما، وبذلك، إذا كنت طالباً في المدرسة الثانوية، تستطيع أن تدخل على موقع معين على الإنترنت، وتكتب البرنامج الذي تريده، والذي بدوره يترجم إلى تسلسل الحمض النووي المناسب DNA الذي تريد أن تدخله إلى الخلية بضغطة زر، وتغير وظائفها، وهو الأمر الذي كان يتطلب سنوات من العمل حتى الآن.

المهندس البيولوجي في معهد ماستشوستس “كريستوفر فويتس” قال إن الأمر “هو لغة برمجة للبكتيريا حرفياً”، يحاول عبرها العلماء أن يغيروا وظائف الخلايا كي تنتج دواء مضاداً للسرطان في مواجهة ورم مثلاً، أو يسمحوا لخلايا نباتية بإطلاق المبيدات الحشرية عندما تهاجمها الآفات.

منذ خمسة عشر عاماً والمهندسون البيولوجيون يقومون بترقيع الشفرة الوراثية لتغيير خلايا البكتيريا بشكل يدوي، لكن هذه الطريقة صعبة، وتنطوي على قدر كبير من التجربة والخطأ، أما مستخدمي طريقة لغة البرمجة الجديدة، فلا يحتاجون إلى معرفة خاصة بالهندسة الوراثية، يمكنك أن تكون مبتدئاً تماماً، وهذا اختلاف جوهري.

علم “البيولوجيا التخليقية”، هو مجال أبحاث يمكن فيه تغيير وظائف الكائنات الحية، بعد التلاعب بها، وقد استطاع الفريق فعل ذلك هنا عن طريق التلاعب في تركيب الحمض النووي DNA بعد أن ضمنوه شفرة ما يسمى “المستشعرات”، كي يجعلوا الخلايا تقوم بسلسلة من الخطوات عند تعرضها لمؤثرات معينة. على سبيل المثال، إذا قلت درجة الحوضة pH أقل من مستوى معين، فإن ذلك يعمل كزر تشغيل للجينات، كي تنتج المزيد من الإنسولين، والفضل للتعديل الذي تم إدخاله.

لغة البرمجة التي استخدمها العلماء استندت على لغة برمجة موجودة بالفعل تسمى “فيريلوج”، وهي لغة برمجة يشيع استخدامها في برمجة رقائق الكمبيوتر، ولكي يحصل الباحثون منها على نسخة مناسبة للخلايا، صمموا دوائر منطقية يمكن تحويلها إلى أجزاء DNA، تسمى البلازميدات.

هذه البلازميدات، هي بمثابة حصان طروادة، الذي يقوم بإدخال الشفرة المطلوبة إلى نظام بكتيريا الإيشريشيا كولاي، والطريقة بسيطة، لدرجة أن أي شخص ليست لديه خبرة في الجينات يستطيع أن يصمم شفرة DNA، وقد تمكن الفريق من تصميم سلسلة من البوابات المنطقية، التي تعبر عن سلسلة من الخطوات، ثم حولوها إلى شفرة DNA، قاموا بنقلها بنجاح إلى البكتيريا.

هذه الشفرات قادرة على كشف مؤثرات محيطة مختلفة، مثل الأوكسجين أو الجلوكوز، الضوء أو الحرارة أو درجة الحموضة، بالإضافة إلى ظروف بيئية أخرى، وقد أعلن الفريق أن أطول دارة قاموا بتصميمها كانت قادرة على تنفيذ سبع خطوات.

ومع إن النظام حتى الآن، تم تصميمه خصيصاً لبكتيريا “الإيشريشا كولاي”، إلا إن العلماء يخططون للتلاعب بالحمض النووي لأنواع بكتيريا أخرى تعيش في أمعاء الإنسان، كما إنهم يأملون أن يستطيعوا الحصول على دارات أو شفرات يمكنها أن تقوم بسلسلة خطوات أكثر.

بعد أن أصبح الأمر الذي كان يستغرق سنوات، ببساطة زر، فإن هذا يتركنا في تساؤل، هل يأتي اليوم الذي تصبح فيه قرصنة خلايا الإنسان ممكنة؟