التصنيفات: أخبار العلوم

ثقافة المواد

بقلم أ. د. نصرالله محمد دراز

الثقافة هى عنوان المجتمعات والشعوب، فبها ومنها تصنف الأمم الى أمم متقدمة وأمم لازالت تتعثر خطاها فى مستنقع من الجهل والظلام. الثقافة هى مجموعة من السمات التي تميّز أيّ مجتمع عن غيره، وهى التى يكون لها تأثير قوى ومهم للغاية على سلوك أفراد هذا المجتمع. فالثقافة تشمل فى معناها الاطلاع الواسع في مختلف فروع المعرفة ومن ثم نجد الدول المتقدمة والدولة النامية. فنجد أن الأمم المتقدمة تمتلك من الثقافة ما يؤهلها الى الاستفادة من ثرواتها بل وتسخير ثروات الأخرين لصالحها، فى حين نجد الكثير من الأمم النامية قد تمتلك الكثير من الثروات التى قد تهدرها بجهلها وضحالة ثقافتها.  

الثقافة والمواد == المواد هى مكونات غير حية، بل تكاد تكون هذه المواد أكبر الثروات التى يمتلكها الكائن الحى سواء كان انسان أو حيوان. هذه المواد تمتلك من الثقافة ما يجعلنا نقف أمامها طويلا لنتعرف عليها ونكتشفها كى نستفيد بها ونفيد البشرية جمعاء. ثقافة المواد لن تختلف كثيرا عن ثقافة الانسان لأنها ما هى الا  مجموعة من السمات والصفات التي تميّز أيّ مادة عن غيرها. وتزداد أهمية ومكانة المادة كلما ازداد تشعبها واشتراكها فى مختلف فروع المعرفة.

مكونات ثقافة المواد == أولا: لغة ثقافة المواد، لكل مادة ثقافات متعددة تختلف باختلاف فروع المعرفة المختلفة. ومما لاشك فيه أن لكل فرع من فروع المعرفة لغة لا يفهمها ولا يتقنها ولا يعلم أسرارها الا رواد ومحترفى هذا الفرع. فهذه ثقافة الزنك أو الخارصين التى يفهم لغتها الكيميائى والطبيب والصيدلى والزراعى ….ألخ، فنجد الكيميائى يستخدم الزنك فى عملية الجلفنة التى هى عبارة عن طلى المعادن.  فى حين نجد الطبيب والصيدلى يعالجا بالزنك حساسية والتهابات وأمراض الجلد مثل الإكزيما وكذلك الجروح والحروق، لهذا نجد الزنك فى المراهم التخديرية والمسكنة والحيوية. ثانيا: مادية ثقافة المواد تتضح هذه المادية من خلال التقنيات الحديثة التى تمكن العلماء من الغوص فى أعماق هذه الثقافة لاستبيان كافة ملامحها والعثور وانتشال معظم كنوزها. فتقنية حيود الأشعة السينية تمكن الباحث العلمى من السباحة فى محيط الشكل البللورى للمادة واصطياد ملامح هذا الشكل والوقوف على مميزاته بل واجراء الكثير من التغييرات فى هذا الشكل بهدف الوصول الى ميزة معينة. ثالثا: تعلم ثقافة المواد، من الأهمية بمكان أن يتعلم الباحث ثقافة المواد، فبمقدار هذا التعلم تتقدم الأمم وتصبح سمات المواد أكثر وضوحا.

خصائص ثقافة المواد == أولا: اجتماعية ثقافة المواد، تعد ثقافة المواد ظاهرة اجتماعية من الدرجة الأولى لأنها نتاج أجيال متلاحقة من العلماء والباحثين. ثانيا: ديناميكية ثقافة المواد، تتغير ثقافة المواد بتغير المجتمعات بل وبتغير الأجيال نظرا لاختلاف درجة الفهم والوعى بين الشعوب المعتمدة على ما أتيح لهذه الشعوب من تقنيات مادية تؤهلها لاكتشاف مضمون ثقافة المواد. ثالثا: استمرارية وتراكمية ثقافة المواد، هذا لأن هذه الثقافة تنتقل من جيل الى جيل مع صيرورة اضافة ملامح وسمات جديدة الى كل ثقافة سابقة. وكأننا أمام تشييد صرح كبير، نضع فى بنيانه لبنة بعد لبنة كل فترة أو حقبة زمنية.

 أهمية ثقافة المواد == عندما تسطع شمس ثقافة المواد فى سماء أمة ما، سوف تجد الوجوه مستنيرة وكل سبل الراحة متوفرة والحياة بسيطة وسهلة بل وعجلة التقدم سريعة. فمعنى الحياة يصبح واضحا كالشمس الساطعة فى وجود ثقافة المواد التى تؤدى بدورها الى وجود اعلى درجات المعرفة بل وانضباط الفرد داخل المجتمع والأكثر من هذا وذاك هو أن ثقافة المواد تؤدى الى فهم الذات وحماية الأجيال الموجودة والمقبلة على حد سواء. ففهمنا لثقافة عنصر الحديد ادت بنا الى تشييد المصانع والكبارى ومحاربة الكثير من الأمراض ومقاومة تلوث البيئة…ألخ

جغرافية ثقافة المواد == جغرافيا المكان وتاريخية الزمان تؤثر وبشكل واضح فى ثقافة المواد لأن من يعيش فى منطقة نائية وزمن بعيد لابد ان يختلف عن من يحيا فى الحضر وفى زمن حديث لكل ثقافته الذاتية وبالتالى ثقافة المواد التى يستخدمها.

شارك
نشر المقال:
أ. د. نصرالله محمد دراز - Prof. Dr. N. Deraz