بقلم: أ. د. نصرالله محمد دراز

أستاذ علم المواد والنانوتكنولوجى

[[ المركز القومى للبحوث- الدقى – مصر ]]   

 ان عملية التلبد الحرارى للحفازات من العلمليات التى لها تأثير قوي على كل من المساحة السطحية النشطة والمواقع النشطة  للحفازات الصلبة الغير متجانسة. ولما كان التلبد كانت آلية الهجرة سواء الذرية أو البللورية هى العامل الأساسى لحدوث هذه العملية وكان الانتشار الحراري هو القوة الدافعة لهذه الهجرة أو امكانية التنقل. ومن هذا المنطلق كان لدرجة حرارة تكوين الحفاز تأثيرا كبيرا فى ظهور عملية التلبد. بالاضافة الى هذا، كانت هناك عوامل مختلفة تؤثر في تلبد الحفاز مثل القترة الزمنية لحرارة تكوين الحفاز وطبيعة الغلاف الجوي المستخدم أثناء عملية التكوين وكذلك حرارة التفاعل المرغوب في الحصول عليه. وتعتبر عملية التلبد هي العامل الرئيسي في تعطيل أو نقص نشاط وكفاءة الحفاز. هذا التعطيل أو النقص يرجع فى الغالب الى الخسارة الكبيرة فى المواقع أو المراكز النشطة على سطح الحفاز. علاوة على ذلك قد ينتج عن عملية التلبد مايسمى بالتفاعل فى الحالة الصلبة بين المراكز النشطة والمادة الحاملة أو الداعمة ، وبالتالى نجد أنفسنا أمام تأثير جانبي على نشاط الحفاز. من هنا كان لعلماء الحفز أعمال مختلفة لتقليل التأثير السلبي لعملية التلبد. أظهر هؤلاء العلماء محاولات متعددة من خلال التحكم في تشتت وإعادة هيكلة المكونات النشطة على سطح الحفاز.

عملية التلبد

عملية تلبد المواد هى عملية معقدة من خلالها يتم ضغط وتشكيل المادة الصلبة عن طريق الضغط أو الحرارة دون الوصول الى درجة انصهار المادة. وفى الغالب يستفاد من هذه العلمية، والتى تسمى فى كثير من الأحيان بعملية التكلس، كما فى صناعة السيراميك والبلاستيك وكأننا أمام عملية تشكيل. ففى تقانة الحفازات نجد هذه العملية قد تعود بالخسارة على القيمة الاقتصادية للحفازات الناتجة من تدهور القيمة العملية أو ما يطلق عليه بالكفاءة الحفزية وهى الناحية الفنية فى صناعة الحفازات. وكأن دمار الحفاز فى وجود عملية التلبد، دمار شامل يلتهم مساحة سطح المواقع النشطة المتواجدة على سطح الحفاز والتى تشترك ولها دور فعال فى انجاز التفاعل المرغوب فيه.  دمار أدى الى تقلص مساحة سطح الحفاز من خلال تجمع حبيبات مادة الحفاز أو نموها مما يجعلها تخرج من المواد ذات الحجوم الصغيرة والخواص المميزة حفزيا الى المواد ذات الحجوم الكبيرة ذات الخواص الأقل كفاءة. وقد يزداد تأثير هذا الدمار بظهور تأثير جانبى أخر من خلال التفاعل فى الحالة الصلبة بين المراكز النشطة والمادة الحاملة أو الداعمة للحفاز ( التى تزيد من تشتت أو توزيع حبيبات الحفاز على سطحها). حرب ضروس يخوضها الحفاز فى عملية التلبد التى يجب اتخاذ كافة التدابير الاحترازية لمنع حدوثها أو على الأقل التقليل منها أو تخفيف آثارها.

صروح تلبد الحفازات

وكأنها صروحا أثرت وبكل قوة فى عملية تلبد الحفاز، فهى تلك العوامل التى تغير مجرى عملية التلبد. كانت درجة الحرارة هى الصرح الرئيسى فى عملية التلبد والتى بدونه ماكان لهذه العملية وجود، فعملية التلبد ترتبط ارتباطا وثيقا بدرجة الحرارة من حيث الوجود والعدم. صرحا تهاجر به الذرات والبلورات على المستوى الأفقى فتتجمع حبيبات الحفاز أو تنمو بشكل واضح، وعلى المستوى الرأسى فتتغير اقامة حبيبات الحفاز من على سطحة الى داخله من أعلى الى أسفل. بالاضافة الى الصرح الرئيسى نجد صروحا ثانوية مهمة كالاشابة بتركيزات صغيرة جدا من عناصر أخرى غير المكونة للحقاز، علاوة على المصادر المختلفة للعناصر المكونة للحفاز ودرجة تركيز عناصر الحفاز،بالاضافة الى التفاعل القائم بين المواقع النشطة على سطح الحفاز والمادة الحاملة لها. صروحا أدت فى النهاية الى نقص انتشار أو تشتت المواقع النشطة على سطح الحفاز، علاوة على النقص الشديد فى كمية الأكسجين المشترك فى تكون أكاسيد الحفازات ومن ثم نقص مسامية الحفاز ومساحة سطحه الكلية.

طبيعة تلبد الحفازات

عملية تلبد الحفازات هى عملية معقدة مابين فيزيائية وكيميائية، فنجدها فى الحفازات الغير محملة تكون عملية فيزيائية أقرب من الكيميائية فى حين نجدها مختلطة ما بين الفيزيائية والكيميائية نظرا لاحتمال وجود تفاعل فى الحالة الصلبة بين المراكز النشطة والمادة الحاملة  ومن ثم نجد رياح التلبد تأتى لنا باعادة هيكلة الحفاز مع تغيير واضح فى مساميته ومساحة سطحه وكفاءته الحفزية. وفى حقيقة الأمر، ان معدل تلبد الحفازات يتناسب تناسبا طرديا مع درجة الحرارة المستخدمة سواء فى تحضير الحفاز أو التفاعل المرغوب فيه.

أليات تلبد الحفازات

هناك آليتين لتلبيد الحفازات قائمتين على هجرة الذرات أو البلورات المكونة للحفاز. النظام الأول لتلبيد الحفاز (نظام نضوج أوستفالد) وهو عبارة عن هجرة بعض الذرات  أو الجزيئات الموجودة على سطح الحفاز لتصطدم مع أخرى ثابتة وكبيرة نوعا ما فتختلط معها منتجة نمو أو تجمع وتكتل لهذه الحبيبات من خلال قوى فان دير فال. أما النظام الثانى لتلبد الحفاز فيعبر عن هجرة بللورات الحفاز لتصطدم بأخرى ثابتة مع وصولها لدرجة الانصهار مكونة مادة ثانوية كمركب جديد. ولقد أثبتت كافة المخطوطات العلمية الحديث منها والقديم امكانية حدوث هاتين الآليتين فى حالة الحفازات المدعومة او المحملة على مادة اخرى لزيادة مساحة سطحها.

التغلب على تلبد الحفازات

كما قلنا أن الحفاز أمام عملية التلبد يكون أمام  حرب ضروس لن يخرج منها الا خاسرا أغلى ما يملك بل كل ما يملك من كفاءة حفزية اعتمد عليها فى قيمته الاقتصادية. وهنا كان لعلماء الحفز دور حيوى وفعال كقادة الجيوش فى الميدان،  فخططوا وحاكوا الكثير من الحيل العلمية التى أدت الى هندسة علم الحفز  والخروج ببعض التدابير التالية: (1) العمل على أن تكون مكونات الحفاز ثابتة حراريا، فيجب الا تتغير طبيعتها بتغير درجة الحرارة. (2) السعى الى تحضير الحفازات عند درجات حرارة منخفضة، وهناك الكثير من طرق تحضير الحفازات كطريقة السول جل. (3) الاختيار الجيد لزمن حرارة التحضير علاوة على البيئة المناسبة المحيطة بالمواد المحضرة كالضغط المستخدم وكذلك مصادر المواد المستخدمة فى تحضير الحفازات، نترات أو كلوريدات….. ألخ. وفى النهاية نستطيع القول بأن التغلب على عملية تلبد الحفازات بل محاولة تجنب عملية التلبد من البداية يعتبر تقدم كبير على المستوى الصناعى والاقتصادى وتنمية مستدامة فى صناعة الحفازات .

بقلم: أ.د. نصرالله محمد دراز

أستاذ علم المواد والنانوتكنولوجى

المركز القومى للبحوث- القاهرة- مصر

 

شارك
نشر المقال:
أ. د. نصرالله محمد دراز - Prof. Dr. N. Deraz