أخبار العلوم

تكنولوجيا قطرات الندى

بقلم: أ.د. نصرالله محمد دراز

أستاذ علم المواد والنانوتكنولوجى

المركز القومى للبحوث – الدقى – مصر

  قطرات الندى هى كرات صغيرة من الماء الصافى تظهر على سطح الأرض وعلى ماعليها من أجسام كالمعادن والصخور والأشجار وأوراق النباتات. تحمل قطرات الندى معها بدايات الصبح الجميل ونهايات الليل المنصرم، كما أنها الوجه الجميل الذى يبعث الأمل فى القلوب المتعطشة للحظة صدق حقيقية ولبصيص من نور منتظر. قطرات الندى ماهى الا حبات من لؤلؤ  تسامت معها الأرواح والنفوس الطيبة ساجدة – شاكرة – حامدة لنعم الله تعالى. كما أن هذه القطرات تشبه القلوب عندما ينام أصاحبها فتجدها طاهرة صافية من غير حقد أو حسد. ان دلالات هذه القطرات كثيرة ومتعددة، يأخذها كل آخذ كما يرى،  فهناك من يرى فيها صفاء النفس والروح ونقاء الفطرة ويستريح لرؤيتها وهناك من يستفيد من علمها المستودع فيها وهناك كثيرون لايعبأون بل لايشعرون بوجودها.

ألية تكوين قطرات الندى

الندى هو ظاهرة طبيعية لها زمان ومكان وآلية تكوين. ظهر مكانها وزمانها عندما ألقت بشباكها على أجسام الأرض فى الفترة مابين الساعات الأخيرة من الليل والساعات الأولى من الصباح الباكر قبل انسياب خيوط الشمس الذهبية.  أما ألية تكوين هذه الظاهرة كان فى تكوين قطرات الندى التى من خلالها تحول بخار الماء الى ماء سائل عند ملامسته لسطح بارد فقد حرارته أثناء الليل بشكل أسرع مما قد يحدث لبخار الماء الموجود فى الهواء. ألية تكوين جاءت من خلال تكثف جوي لبخار الماء بمعدل أعلى من معدل تبخره، انها نقطة تحول جوهرية فى حالة المادة قج فرضت نفسها فرضا عند درجة حرارة معينة وسميت بنقطة الندى. نقطة الندى التى يصبح عندها الهواء عاجز عن حمل كل ما به من بخار ماء، وأمام هذا العجز وعدم القدرة على التحمل فانه (الهواء) يلجأ الى التخلص من بعض هذا البخار المائى من خلال تكثفه اعتمادا على مبادئ الديناميكا الحرارية.

 كيمياء قطرات الندى

داعبت قطرات الندى أوراق النباتات فى شكل شبه كروى واستحت بل وخشيت أن تتخذ أى شكلا أخر غير كونها كرات صغيرة من الماء. ولكن لما الحياء والخشية من اللجوء لشكل أخر؟  أم أنه حكم نهائى فرض الشكل شبه الكروى على قطرة الندى ؟ أم أنه حكم بات أكتسب قوة الشئ المقضى به؟  نعم انه حكم نهائى فرض الشكل الكروى على هيئة قطرة الندى معتمدا فى ذلك على الفرق بين قوى تماسك جزيئات الماء وقوى التلاصق بين هذه الجزيئات وسطح الجسم الملامس لها.  وكأننا أمام ظاهرة فرضت نفسها  وبقوة على ظاهرة أخرى، فتحكمت فيها وأخضعتها لقوانينها، ولما لا؟ وهذه هى ظاهرة الشد أو التوتر السطحى الطاغية على كل حركات وتحركات ظاهرة الندى. فهذه خرزة الماء المتربعة على عرش ورقة النبات، كانت شبه كروية الشكل والملامح  وذلك لأن قوى تماسك جزيئات الماء مع بعضها البعض أكبر من قوى التصاق الماء بسطح الورقة النباتية مع احداث زاوية تماس كبيرة قد تزيد عن 150 درجة.

تكنولوجيا قطرات الندى

علم وفن أداء لظاهرة قطرات الندى ألقى بمخالبها فى محيط التكنولوجيا، فكان الندى مصدرا لرطوبة التربة والنبات حيث عمل على تأخيرعملية تبخر الماء من التربة كما أنه سعى لتأخير عملية النتح من أوراق النبات لمدة قليلة من الزمن. علاوة على أن الندى حفظ النبات ووقاها من الآفات الزراعية التي لا تستطيع دخول أوراق النباتات المبللة. دلالة مستنبطة من ظاهرة قطرات الندى أكدت على أن سطح ورقة النبات هو سطح كاره للماء اعتمادا على فلسفة ظاهرة التوتر السطحى. وعند القاء نظرة عن كثب على دلالة هذه الظاهرة الطبيعية سوف تتجلى لنا تكنولوجيات جديدة محاكية لتكنولوجيا قطرات الندى، كتكنولوجيا الملابس غير القابلة للبلل والأحذية المقاومة له الى غير ذلك من التطبيقات المستقبلية البازعة القائمة على تقنية صد الماء. ان تكنولوجيا قطرات الندى لم ينساها أو يتجاهلها هذا القزم المسمى بالنانو، حيث دأب مفكرى وصانعى النانو على مداعبة الظاهرة  والخروج منها بمواد نانوية كارهه للماء يمكن اضافتها للكثير من الصناعات وتعظيم القيمة الاقتصادية لهذه الصناعات كصناعة الملابس والجلود والمركبات الفضائية والبحرية…………ألخ.

شارك
نشر المقال:
أ. د. نصرالله محمد دراز - Prof. Dr. N. Deraz