التصنيفات: متفرقات

تبعاً للعلم الأشخاص المختلفون لا يتكاملون

النظرية التي تقول بأن الأشخاص ينجذبون إلى نقيضهم هي مجرد أسطورة، ففي الدراسة التي تم نشرها في مجلة (Personality and Social)، وجد العلماء بأن الأشخاص ينجذبون فقط لأولئك الذين يحملون نفس وجهات نظرهم وقيمهم.

في النتائج التي اعتبرت على أنها “نقلة نوعية” في فهمنا للعلاقات، وجد الباحثون أن الأشخاص المتماثلين في التفكير ينجذبون إلى بعضهم، في حين يمكن أن يبتعدوا عن أولئك الذين لا يحملون ذات معتقداتهم، وأشاروا إلى أن الأشخاص الغرباء والذين يسعون لإقامة عميقة مع لآخرين، يمكن أن ينجحوا بذلك بشكل أكبر إذا ما استغلوا نقاط تشابههم معهم، بدلاً من محاولة إقناع الشخص الآخر بالصفات التي تجعلهم فريدين من نوعهم.

تبعاً لـ(أنجيلا باهنز) أستاذة علم النفس في كلية وليسلي، تصور شخصين غريبين يريدان البدأ بحديث على متن طائرة، أو شاب وفتاة في موعد تعارف، من اللحظات الأولى، يمكن لمدى تماثل الشخصين أن يلعب دوراً وعلى الفور في تحديد مستوى التفاعلات المستقبلية، ويحدد فيما إذا كان الشخص الآخر سيعاود الاتصال أو يبتعد، فهذه التشابهات التي تظهر في وقت مبكر هي من يحدد حقاً هذا القرار.

تضيف (باهنز) بأن الدراسة تناقش فكرة أن اختيار الأشخاص لآخرين مماثلين لهم كشركاء حياة هو أمر شائع للغاية –لدرجة أنه يمكن وصفه بأنه افتراض نفسي.

لمعرفة مدى أهمية التشابه في تشكيل العلاقات، قام الباحثون من كل من وليسلي وجامعة كنساس بدراسة أكثر من 1500 علاقة بطريقة عشوائية، بما في ذلك علاقات الزواج والصداقة والمعرفة، حيث طُلب من أطراف العلاقة ملء استمارة استقصائية عن القيم التي يحملونها والأحكام المسبقة التي يمكن أن يطلقونا على الآخرين، والمواقف وسمات الشخصية.

بعد ذلك تمت مقارنة المعلومات لمعرفة مدى التشابه أو الاختلاف في كل علاقة لمعرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يمتلكون أكبر قواسم مشتركة هم الذين كانوا يمتلكون العلاقات الأطول، وتبين بأن جميع الأقران كانوا يمتلكون آراء حياتية مماثلة حتى لو كانوا قد التقوا للتو.

بحسب البروفسور (باهنز) فإن الأشخاص كانوا يمتلكون صفات متماثلة تقريباً في جميع الأمور التي تم سؤالهم عنها تقريباً، لدرجة أن هذا يلغي مبدأ الصدفة، كما كان جميع الأقران متشابهين بشكل خاص في الأمور التي تهمهم شخصياً.

في التجربة الثانية، قام الباحثون بدراسة الأقران الذين التقوا للتو في فصل دراسي جامعي، ومن ثم أجروا لجميع الأقران مسحاً في وقت لاحق، ومن خلال ذلك تبين بأنه لم يكن هناك أي تغيير في المعتقدات على مر الزمن، وهذا يعني بأنه إذا ما قرر أحد ما الخوض في علاقة مع شخص يخالفه في الآراء على أمل تغييرها في يوم ما، فإن هذا من غير المرجح أن يحدث.

تضيف البروفيسور (باهنز)، أنه انطلاقاً من أن فكرة “الشركاء يؤثرون على بعضهم” تعد أمراً أساسياً في مجال البحوث والعلاقات، فقد وجدنا بأن عدد كبير من الأصدقاء لم يظهروا سوى القليل جداً من التغير في الشخصية والمواقف والقيم، ومجموعة مختلفة من السلوكيات الاجتماعية ذات الصلة.

تشير (باهنز) أن الباحثين لم يكونوا يعنون القول بأن التأثير الاجتماعي لا يحدث في العلاقات، ولكن مجال التأثير يكون أكبر عندما يكون الأشخاص متماثلين في بداية العلاقات، كما أن أي شيء يمكن أن يعكر صفو العلاقة، مثل الخلافات وخاصة فيما يتعلق بالمواقف والقيم أو التفصيلات التي تعتبر مهمة، من المرجح أن تستمر، فالتغيير صعب ولكنه ليس مستحيل، لذلك فمن الأسهل اختيار الأشخاص الذين تتوافق معهم في الاحتياجات والأهداف من البداية.

من جهة ثانية، يحذر الباحثون من أن السعي من أجل إيجاد الأشياء المتشابهة في الأصدقاء يمكن أن يؤدي إلى عدم الانفتاح على الأفكار والقيم ووجهات النظر الأخرى.

يضيف (كريس كراندال)، أستاذ علم النفس في جامعة كانساس، بأن الأشخاص عادة ما يحاولون خلق عالم اجتماعي يشعرون فيه بالارتياح والنجاح، ويكون لديهم ضمنه شخص يمكنهم الوثوق به ويمكنهم أن يتعاونوا معه لتحقيق أهدافم، وللوصول إلى هذا يمكن للبحث عن الأشخاص المشابهين أن يكون مفيداً جداً، ولكن الاختلاط مع أشخاص مغايرين لك في التفكير قد يكون مفيداً حقاً.

أخيراً وعلى الرغم من أن الأصدقاء يجب أن يحققوا لنا الراحة وأن يكون التعامل معهم سهلاً ولا يكون هناك الكثير من التحديات في معاشرتهم، ولكن لا يمكنك دوماً السعي لتلبية هذه الحاجات، فأنت بحاجة أيضاً للتعرف على الأفكار الجديدة، وإلى أشخاص يصححون لك خطأك عندما تخطئ.