التصنيفات: متفرقات

تأثير الزرنيخ العضوي على البيئة والبشر

في عام 2008، طرح الجيولوجي (كوشينج جين)، وهو أستاذ في جامعة ولاية أوريغون الجيولوجية قسم العلوم، فرضية غريبة مفادها بأن هناك نوع من البكتيريا التي تعمل على تحفيز إنتاج الزرنيخ في طبقة المياه الجوفية في جنوب وادي يلاميت في ولاية أوريغون، وقد أظهر البحث الذي قام (جين) وفريقه بنشره في مجلة (Nature Geoscience) عمل هذه البكتيريا على أرض الواقع، مشيراً إلى أن مراقبة المستويات الإجمالية للزرنيخ للتأكد من سلامة المياه الجوفية ليس بالأمر الكافي.

تبعاً للدراسة التي قام بها (جين) فإن هناك أشكال من الزرنيخ العضوية، والتي تعتبر أقل سمية عموماً، يجب التركيز عليها بشكل أكبر في طبقات المياه الجوفية في جميع أنحاء العالم، حيث لا يتم الربط بين الزرنيخ الذي يتشكل على سطح الماء وذلك الذي يوجد في المياه الجوفية، لأنه عادة ما يتم تجاهل هذا الشكل العضوي من الزرنيخ في المياه الجوفية، ويتم التركيز دائماً على الأشكال الغير عضوية منه المتواجدة على السطح.

بشكل عام يمكن اعتبار المياه صالحة للشرب عندما يكون مجموع مستويات الزرنيخ فيها أقل من 10 ميكروغرام لكل لتر، وإذا ما تخطى هذا المستوى فإنها تعتبر خطيرة ويمكن أن تؤدي للإصابة بالسرطان، كما أن الزرنيخ يعتبر من العناصر الطبيعية التي توجد بوفرة في القشرة الأرضية، والزرنيخ العضوي، ينتج عن سلسلة من الأشكال التي تحتوي على الكربون.

عادة ما يكون الزرنيخ بشكل فلز نقي شبيه بالمعدن، وغالباً ما يغير شكله وفقاً لتحركه ضمن بيئته، كما أنه يستخدم في بعض المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والمواد الحافظة للخشب وعلف الدجاج.

الزرنيخ العضوي الذي لفت انتباه الفريق هو ثنائي ميثيل الأنيلين (DMA)، وهو يعتبر مرحلة متوسطة مؤلفة من الأشكال العضوية الذائبة من الزرنيخ إلى جانب الزرنيخ الغير عضوي والزرنيخات التي تعوم ضمن المياه.

إن تركيز الـ (DMA) – والذي يتجاوز في كثير من الأحيان مستويات الـ 10% من الزرنيخ الغير عضوي-  يرتبط دائماً مع مستوى الزرنيخ العام، وبالنهاية قد تؤدي عملية التحول إلى تحويل الزرنيخ إلى الأرسين، وهو غاز متقلب مماثل لفوسفيد الفلورسنت الذي ترتفع مستوياته نتيجة لتحلل الجثث في المقابر.

شمل العمل الميداني الذي قام به (جين)، بتمويل من مؤسسة العلوم الوطنية، عينات من المياه تم تجميعها من أعماق تراوحت ما بين 20 إلى 40 متر (66-131 قدم) من حوالي 23 بئر تقع في أماكن ريفية بالقرب من كريسويل في ولاية أوريغون، وبينت النتائج وجود تركيزات مرتفعة من الـ (DMA) تصل إلى حوالي 16.5 ميكروغرام لكل لتر في 10 من الآبار التي تم اختبارها.

تتكون طبقة المياه الجوفية من حجر رملي بركاني وطفة بركانية ورماد السليكا، مغطاة بواسطة تدفقات الحمم البركانية والرواسب النهرية، وتعود تلك الطبقات إلى ما يقارب 33 مليون سنة، والجدير بالذكر هو أن الزرنيخ العضوي الموجود في طبقة المياه الجوفية والذي لاحظ الباحثون وجوده، هو مماثل للزرنيخ الذي يوجد في طبقات المياه الجوفية في أغلب مناطق العالم.

للتأكد من الفرضية التي تشير إلى أن دورة الزرنيخ تحدث نتيجة لوجود نوع من البكتيريا المحلية، قام طالب الدكتوراه (سكوت سي. ماجوفين) بسلسلة من ثلاث تجارب مخبرية تتضمن الزرنيخ المنحل والزرنيخ المأخوذ من الآبار في منطقة الدراسة، حيث تم إضافة الإيثانول لهما في التجربة النهائية مما أدى إلى تحفيز نشاط البكتيريا، وبالنتيجة ازدادت تركيزات الـ(DMA) لتصبح أعلى بكثير من تلك التي وجدت في منطقة الدراسة.

في هذا السياق، يعبر (جين) عن قلقه إزاء تأثير هذه العملية الدورية على طبقات المياه الجوفية، حيث يشير إلى أنه إذا كانت هذه العملية مؤثرة كما ظهر للعلماء من خلال التجربة، فإنها ستؤثر على مصير المياه الجوفية، وذلك على اعتبار أن العديد من أشكال الزرنيخ العضوية غير مستقرة ومعرضة للانتشار بسهولة، وهذا يجعلنا قلقين إزاء انتقال هذا الزرنيخ إلى السطح.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير