التصنيفات: الصحة الجيدة

النباتات تتكلم .. النباتات تسمع ..

على الرغم من أن النباتات لا تمتلك عيون أو آذان أو حتى جهاز العصبي, لكنها مع ذلك تستطيع أن تتكلم و تسمع.

لبرهنة ذلك، فإننا بحاجة إلى حشرة آكلة للنباتات مثل المن (هو عبارة عن كائن صغير نهم يحب أن يتغذى على أوراق النباتات الخضراء الطازجة), ثم نأتي بنبتة فول تحتوي على الكثير من الأوراق الخضراء لتكون وجبة لحشرة المن, ثم نضع المن بعناية على نبتة الفول حيث تستوطن فيها و تبدأ بالمضغ و الانتشار وتقوم بأخذ قضمات صغيرة من سطح الأوراق الخضراء, صانعةً بذلك ثقوب صغيرة فيها.

عندما تتعرض أوراق النباتات للهجوم, فهي لا تقف ساكنة, ففي عام 1983 قام اثنين من العلماء، وهما جاك شولتز وإيان بالدوين بالإشارة في تقرير لهم أن شتلات نبات القيقب إذا ما تعرضت لعضات من الحشرات, تقوم ببث مادة كيميائية في الهواء, هذه المواد لا يمكن للبشر ملاحظتها, ولكنها في الحقيقة تحمل رائحة طفيفة لتنبيه النباتات المجاورة لها, هذه المواد الكيمائية هي بمثابة صرخة صامتة منها، هذه المواد الكيمائية تصدر عن الأجزاء التي تم قضمها من النبات و تبدو بمثابة إنذار بأن النبات يتعرض للهجوم، وهي مزيج من جزيئات عضوية – كحول، وألدهيدات، وكيتونات وإسترات – معروفة باسم المركبات العضوية المتطايرة (VOC).

وفي الحقيقة، وجد العلماء أن جميع أنواع الأشجار والنباتات مثل الميرمية والشعير، والذرة، ونباتات الفول, تقوم بإطلاق مركبات عضوية متطايرة عندما تتعرض للهجوم, وعلى ما يبدو أن النباتات المجاورة تتفاعل مع الصرخة، فعندما تصل المركبات العضوية المنبعثة من النبتة التي تتعرض للهجوم إلى النباتات المجاورة, تقوم النباتات المجاورة بدورها بإصدار مركبات عضوية متطايرة أيضاً, وكأنها تقوم بطلب المساعدة.

طريقة عمل المواد الكيمائية في بعض نباتات الفول هي أن تبقي حشرة المن بعيداً عنها, كون رائحة هذه المركبات كريهة خاصة بالنسبة لحشرة المن, أما الجزء الآخر من نباتات الفول فتبث مواد كيمائية جاذبة للحشرات المختلفة و بهذه الحالة الحشرات المقصودة  هي الدبابير, التي تعتبر العدو الطبيعي للمن, وهنا يصبح المفترس هو الفريسة، بالنتيجة غالباً ما تصاب النبتة الأولى بالغزو بشكل كامل, ولكن النباتات المجاورة لها تبقى مقاومة للآفات, فعلى ما يبدو أنها سمعت ناقوس الخطر وتصرفت على هذا الأساس بالشكل الصحيح.

مازال العلماء لا يعرفون تماماً إن كان ما تبثه النبتة الأولى هو بالفعل نداء تنبيه أم لا, فربما تكون النبتة ببساطة تبكي من الألم (تسمى هذه الحالة علمياً المناجاة), وربما تكون هذه التنبيهات قد وصلت إلى النباتات المجاورة عن غير قصد فأخذت بدورها احتياطاتها لمنع وصول الهجوم إليها.

لا تقتصر التنبيهات التي تصدرها النباتات على المواد الكيميائية المنتشرة في الهواء فقط, فهي تقوم بالتحدث إلى بعضها أيضاً تحت الأرض من خلال جذورها, حيث ترسل موجات فوق صوتية “اصوات نقر” عن طريق جذورها، وأحياناً تتجاوز التنبيهات حدود النوع الواحد, ففي تجربة قام بها العلماء بمحاكاة هجوم ظبي على نبات الميرمية, فعندما قام الظبي بتمزيق أوراق الميرمية, قامت الأخيرة بإرسال مواد عضوية في الهواء فتنبهت بها نبتة تبغ كانت موجودة إلى جانب الميرمية, وعندها قامت نبتة التبغ بإصدار رائحة قوية كانت كافية لإبعاد الظبي عنها و صد هجومه.

في النهاية، يحضرنا ما كتبه (تشارلز داروين) منذ 150 سنة مضت، حيث يقول أن العالم مكان أكثر ضجيجاً وأكثر انشغالاً وأكثر حميمية مما نراه أو نسمعه، حواسنا الضعيفة لا تمكننا من رؤية أو سماع تفاعل العالم مع بعضه، وعبّر عن ذلك بقوله “لنضع في اعتبارانا دائماً، أنه يوجد علاقات متناغمة لانهائية متبادلة بين جميع الكائنات العضوية بعضها مع بعض” .

المقالة الأصلية

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير