التصنيفات: فضاء

اذا سقطت الأقمار الصناعية .. ماذا سيحدث؟؟

اليوم، أصبحنا معتادين على العيش في عصر الفضاء، ربما لم نصل لدرجة لأن نقضي اجازاتنا على سطح القمر، ولكن حياتنا تصبح يوماً بعد يوم أكثر اعتماداً على التكنولوجيا التي تقدمها لنا الأقمار الصناعية، فالمراقبات العسكرية والاتصالات كلها تعتمد على معدات تدور في الفضاء، كما هو الحال أيضاً بالنسبة للتلفاز وأجهزة التوجيه التي نستخدمها في سياراتنا.

ولكن ما لا يعلمه معظم الناس أنه حتى الهواتف المحمولة والإنترنت وآلات الصرافة الآلية وسوق الأوراق المالية وخدمات الطوارئ وشبكة المعلومات الوطنية، ناهيك عن العديد من المزارع تعتمد جميعها في عملها على الأقمار الصناعية.

فماذا سيحدث إن فقدنا هذه الوظائف التي تعتمد على قواعد فضائية, إن هذا السؤال ليس بالسؤال الافتراضي, حيث أن كل من شاهد فيلم Gravity (الجاذبية) الذي تم إصداره في العام الماضي, يعلم أن المدار المنخفض للأرض الذي هو المدار الذي ترسل إليه الأقمار الصناعية, ممتلئ بحطام عشرات الآلاف من الخردوات والعزقات و المسامير و الخردة الصناعية إلى القفازات التي يرديها رواد الفضاء  والتي تطوف في الفضاء بسرعة 17000ميل/سا ويمكن أن تتسبب بأضرار جسيمة فيما إذا اصطدمت بجسم آخر, ففي هذه الحالة حتى بقعة من الطلاء يمكن أن يكون لها آثار خطيرة.

فإذا تحطم أحد الأقمار الصناعية فإن الشظايا التي ستنتج عنه ستصطدم مع قمر صناعي آخر, و إذا تولدت سلسلة من ردود الفعل الاصطدامية  يمكن أن تكون نتيجة ذلك على الأغلب دمار قدر كبير من الأقمار الصناعية التي توجد في مدار الاصطدام, وفي احتمالية أخرى, ربما تقوم الشمس بإرسال توهج شمسي ضخم – موجة ضخمة من الجسيمات المشحونة حيوياً – نحو الأرض, فإن حدث ذلك فإن هذه الموجة لن تقوم بتعطيل الأقمار الصناعية الموجودة في المدار القريب من الأرض فحسب بل ستعطل الأقمار الصناعية الموجودة في مدارات أكثر علواً بالنسبة للأرض, كالأقمار التي تستعملها كل من       BSkyB وBBC.

و في تكهن آخر، فإن الحطام الفضائي يمكن أن يشعل حرباً نووية، وذلك بسبب الاستياء من سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الفضاء – تمتلك الولايات المتحدة حوالي 45% من الأقمار الصناعية الموجودة في الفضاء, و معظمها يستخدم لأغراض التجسس العسكري – حيث بدأت بعض البلدان مثل الصين بالاستثمار بكثافة لتصنيع أسلحة مضادة للأقمار الصناعية, و تقوم حالياً بتجربتها بتفجير الأقمار الصناعية القديمة, و نتيجة لذلك جاء في تقرير مجلس العلاقات الخارجية, أن عواقب هذه التجارب ستكون وخيمة, حيث أن الحطام الناتجة عن تدمير الأقمار الصناعية القديمة يمكن أن يقوم بسهولة بتدمير الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية.

قد يبدو ما سبق وذكرناه بعيداً عن الواقع الحالي ولكن إليكم ما سيتحول إليه العالم بدون وجود الأقمار االصناعية:

العالم سيتوقف عن العمل

معظمنا يعلم أن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) هو عبارة عن مجموعة من الأقمار الصناعية التي توفر بيانات مسؤولة عن أنظمة الملاحة وتنقلها إلى أجهزة موجودة في سياراتنا, و خلال ثواني, يمكنها تحديد مكانك من العالم في بضعة امتار, و بصرف النظر عن الحالات التي تسبب بها (GPS) في مواقف محرجة, إلا أنه إجمالاً ساعد العديد من السائقين للسير على الطرقات الأفضل موفراً بذلك الكثير من الوقت.

و قد أظهرت دراسة قامت بها جوجل, أن الوقت الذي نمضيه في قيادة السيارة قد انخفض عالمياً لأكثر من مليار ساعة في السنة وهذه الزيادة في الكفاءة ترافقت مع انخفاض في مستوى استعمال الوقود بمقدار مليار غالون عالمياً, و بذلك تم توفير حوالي 22 مليار دولار من المال المصروف على استهلاك الوقود سنوياً, وقد أشارت الدراسة أيضاً أن الاستجابة السريعة لخدمات الطوارئ التي وفرها استخدام نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية أنقذ حياة أكثر من 150 شخص في العام في المملكة المتحدة فقط, وكذلك بالنسبة للجيش -الذي تم اختراع نظام تحديد المواقع لأجله في الأساس- يقوم باستخدام نظام الملاحة باستخدام الأقمار الصناعية, للقيام بالمهام التوجيهية ولتنفيذ عمليات توجيه الصواريخ بدقة أكثر.

ولكن استخدم نظام تحديد المواقع لا ينحصر فقط في الملاحة و الحروب, فهذا النظام يعمل عن طريق استقبال المعلومات المرسلة بذات وقت الإرسال من قبل عدة أقمار صناعية في الوقت نفسه, و لجعل ذلك ممكناً, تم تزويد كل جهاز يعمل بهذه التقنية بساعة ذرية لديها هامش خطئ لا يتجاوز الثانية كل 300000 عام, و لهذا السبب فإن العديد من المنظمات التي تحتاج إلى إشارات توقيت دقيقة جداً تقوم باستخدام هذه الأنظمة, مثل شركات الهواتف الذكية و شبكات توزيع الطاقة أو أسواق الأوراق المالية و آلات الصرافة الآلية, كما تستخدمها العديد من الشركات في نظم تكنولوجيا المعلومات لديها, فإذا تعطل نظام ((GPS, فإن أسواق الأوراق المالية ستغلق, و ستتوقف الهواتف و آلات الصرافة الآلية عن العمل, و مخزوننا من الطاقة سيتقلص.

الطائرات ستهبط من السماء

تعتمد الطائرات التي نركبها للذهاب في رحلات عمل أو في العطل على الـ( (GPSالآن أكثر من أي وقت مضى, حيث سمحت هذه التقنية للطيارين بأن يقودوا الطائرة بطريق مباشر ليصلوا من المطار الذي كانوا قد انطلقوا منه إلى النقطة التي سيحطون بها, بدلاً من اتباع تعليمات الملاحة الأرضية عبر الراديو, والتقرير الصادر عن ادارة الاتحاد الطيران في الولايات المتحدة, يفيد بأن دمج المعلومات الصادرة من الأقمار الصناعية في أنظمة إنذار قمرة الطيار، ساهم أيضاً بخفض نسبة الحوادث بحوالي 40%, و عند حدوث اصطدام فإن أنظمة الأقمار الصناعية تستطيع المساهمة في عمليات البحث عن الحطام وعن الصندوق الأسود, و مؤخراً ساهمت العديد من الدول بتوفير الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية التابعة لها في عملية البحث عن حطام الطائرة المفقودة للخطوط الجوية الماليزية MH370.

سيصبح الازدحام خانقاً في الطرقات

في عام 2005 أصبحت المانيا اول دولة تستخدم الأقمار الصناعية لحل مشكلة الازدحام, حيث تم تزويد الشاحنات بمستقبلات تتتبع حركتها و تقوم بتغريم السائقين باحتساب الوقت اللازم لقطع المسافة التي يسافرونها على الطرقات المعروفة, وكثير من الناس يفضلون هذه التقنية عوضاً عن ورقة المخالفة التي يمكن أن تعطى لهم عند عبورهم من دون قصد لمنطقة محظورة, أو إن قاموا بتخطي شارع أو اثنين خلال فترة الازدحام.

سيزداد عدد الصيادين الغير شرعين

الاقمار الصناعية التي ترصد الأرض لا تقتصر مهمتها على مراقبة تطورات الطقس لإخبارنا أن يوم غد سيكون ماطراً أم لا, بل تقوم أيضاً بتتبع الكوارث الطبيعية المحتملة كالأعاصير و الحرائق الغابات, و توفر بذلك إنذاراً مبكراً عن المكان الذي ستضرب فيه هذه الكارثة و متى ستحدث, كما أن الحيوانات البرية المهددة بالإنقراض مثل الحوت الصائب الجنوبي يتم تعقبها بالأقمار الصناعية أيضاً, حيث يتم تجربة تقنية جديدة حالياً في كينيا باستخدام شبكة من الكاميرات موصولة بالأقمار الصناعية التي تتنبه بصوت إطلاق النار, حيث تقوم بأخذ صور فورية للصيادين و تقوم بإرسالها إلى خفر السواحل في ذات وقت التقاطها موفرة بذلك فرصة أكبر للإمساك بالمجرمين و هم متلبسين.

سيضيع الآلاف من البشر

يمكن استعمال أجهزة تتبع الحركة المرتبطة مع الأقمار الصناعية لمراقبة أماكن تواجد الجناة الذين يخضعون لإطلاق السراح المشروط أو حتى للمرضى الذين يعانون من مرض الخرف, موفرة بذلك الوقت على الشرطة أو أفراد العائلة للبحث عن الأشخاص الذين يتعرضون للضياع بشكل مستمر, كما تستخدم هذه الأجهزة من قبل المتزلجين حيث يمكن أن يستخدموها لطلب المساعدة عند حدوث انهيارات ثلجية.

ولكن ربما التطبيق الأكثر إثارة للاهتمام هو الذي يجري اختباره حالياً من قبل شرطة ولاية ايوا في فلوريدا, فبدلاً من مطاردة الهاربين بملاحقة عالية السرعة مما يعرض المواطنين للخطر, فإن سيارات الشرطة ستكون مجهزة بأجهزة تتبع, تطلقها من قاذفة للهواء المضغوط على السيارة الهاربة, يلتصق الجهاز بالسيارة التي يتم ملاحقتها بقوة كبير و بعد ذلك عندما يتم القبض عليها فإن الشرطة لا يكونون بحاجة لمذكرة توقيف لان الجهاز يظل ظاهراً للجميع, ويأمل القائمون على المشروع أن يقوم المجرم الفار بتخفيض سرعته عندما يرى أن سيارات الشرطة تتراجع، في الوقت الذي تكون به الشرطة قد لحقت به إلى منازله.

ستنخفض الإنتاجية الغذائية

لقد أحدث الـ ( (GPSثورة في عالم الزراعة, فالأقمار الصناعية سمحت للمزارعين بتشغيل جرافاتهم حتى في الظروف الغير مناسبة, مثل المطر و الضباب أو حتى في الظلام, فإذا تم إدخال احداثيات الحقل وإدخال الطرق و معدات الري بدقة إلى نظام التوجيه، عند ذلك يستطيع النظام توجيه الجرار تلقائياً, و القيام بأعمال الحراثة وزرع البذور, و قد أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن استخدام هذه التقنية جاءت بأرباح تقدر بحوالي من 20 مليار دولار من إنتاج المحاصيل في السنة.

إضافة إلى ذلك فإن الصور التي توفرها الأقمار الصناعية تستخدم لرصد المحاصيل في الحقول, فالتصوير المداري للحقول الزراعية يمكن أن يقوم بتحديد العديد من المشاكل في الأرض, مثل التشبع بالمياه أو تصريف المياه الضعيف, كما أن القليل من التحليل على الصور التي يوفرها هذا القمر الصناعي يمكن أن تبين لنا ما يحتاج إليه النبات أثناء نموه, فيما إذا كان مثلاً يعاني من الجفاف أو من نقص في النايتروجين, و يمكن أن يحسن ذلك من انتاجية المحاصيل الزراعية, مع التقليل من استخدام الأسمدة الصناعية و المبيدات الحشرية, و هذا بالتأكيد سيعود بفائدة كبيرة للبيئة أيضاً.

ستبقى العديد من الكنوز الأثرية غير مكتشفة

إن الصور التي توفرها الأقمار الصناعية تسمح بالكشف عن المواقع الأثرية المحتملة في المواقع النائية من العالم, و الكثير من بيانات هذه المواقع متوفر مجاناً, فعلى سبيل المثال في عام 2012 وجد فريق من جامعة بريستول المخيم الصحراوي السري الذي اعتاد توماس إدوارد لورنس(ضابط بريطاني اشتهر بدوره في مساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية) على استعماله لشن عملياته الحربية ضد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى, وقد كانت قاعدة لورنس العرب قد اختفت لمدة قرن تقريباً حتى أعيد اكتشافها عن طريق مقارنة رسوم تقريبية تعود لعام 1918 كانت موجودة في الارشيف الوطني مع صور من صحراء الاردن قام Google Earth بتوفيرها, وعندما تم الانتقال إلى الموقع بمساعدة الاحداثيات التي تم تحديدها من قبل الـ( (GPS وجد فريق البحث مجموعة من القطع الأثرية التاريخية بالإضافة إلى خراطيش مستهلكة لبندقية و قوارير مشروب جن مكسورة.

وكذلك الأمر بالنسبة للآثار الموجودة في المنطقة الصحراوية للمملكة العربية السعودية, حيث أنه بسبب قلة الصور الجوية,لم يستطع العلماء رصد هذه الآثار، ولكن أحد علماء الآثار من جامعة ويسترن أستراليا استطاع تحديد ما يقارب 2000 موقع أثري محتمل، قد يصل عمر بعضها لاكثر من 9000 سنة, عن طريق الصور التي يوفرها Google Earth وهو جالس وراء مكتبه.

المستثمرين سيخسرون المليارات

تسمح الأقمار الصناعية للمستثمرين أن يتفحصوا أماكن الاستثمارات المحتملة، وخاصة تلك التي تقع في مناطق نائية مما يجعل زيارتها أمر بغاية الصعوبة, و بذلك يستطيعون تقدير مقدار الخطر الذي يمكن أن يتعرضوا له قبل الاستثمار بمشروع مماثل,حيث يمكنهم بواسطة الأقمار الصناعية أن يتابعوا التقدم الجاري في مشاريع البناء, أو تحديد أي من المشاريع المطروحة هو الأفضل من حيث الربح المادي، على سبيل المثال تقيم إنتاج منجمين متجاورين من الفحم.

كما و يمكن استخدام ذات المبدأ المطبق في تقنيات الزراعة المدارية عن طريق الأقمار الصناعية، على الاستثمارات الزراعية، حيث يمكن أن تستغل للحصول على معلومات مسبقة عند المضاربة في أسواق السلع أو التفكير في الاستثمار في شركة زراعية, ففي عام 2010 قام مستثمرون من شركة UBSبتحليل الصور المأخوذة من الأقمار الصناعية لفروع وول مارت الأمريكية للمتاجر الكبرى, حيث قاموا باحصاء عدد المركبات التي تتواجد في موقف السيارات لديهم, ومن هذه البيانات استطاعوا تقدير إيرادات عائدات المخزن لديهم وبذلك التنبؤ بالأرباح الفصلية للسلسلة.

المقالة الأصلية 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير