المستقبل

المياه والتقنية .. كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في حل مشاكل المياه

هذا مقال حول المياه والتقنية حيث تكثر مشاكل المياه في الوطن العربي، ولا بد من ايجاد الحلول المناسبة للتغلب على هذا التحدي المستعصي.

قوة البيانات: كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في قطاع المياه؟

خلال الأشهر الماضية انتشرت العديد من المقالات والأبحاث لدراسة تأثير الذكاء الاصطناعي واستخدامه في التكنولوجيا/التقنية النظيفة، يركز آخر ما توصل إليه العلماء حول كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الحفاظ على أهم الموارد الطبيعية في العالم (المياه) وتوفيرها وتوصيلها بشكل آمن للجميع دون الحاجة لاستهلاك احتياطي المياه المحدود في الخزانات الجوفية.

إذا السؤال كيف يمكن للتكنولوجيا النظيفة الذكية باستخدام الذكاء الاصطناعي أن تساهم في تسليط الضوء على قضية المياه واستخداماتها في جميع أنحاء العالم. كيف سيؤثر ذلك على كمية الاستهلاك في المستقبل؟

بناء بنية تحية أفضل: يمكن أن يتيح الذكاء الاصطناعي انشاء أنظمة أكثر كفاءة باستخدام ” المياه الرقمية “. حيث المياه أثناء حركتها وتدفقها في الانابيب وصنابير المياه تحمل معلومات قيّمة يمكن الاستفادة منها في معالجة العديد من المشاكل التي تواجه أنظمة توليد المياه الحالية باستخدام الأنظمة التحليلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وتتكون هذه الأنظمة من مستشعرات لاسلكية (IoT sensors) الفعالة بشكل كافٍ لمتابعة مستويات الطلب على المياه والتنبؤ بها والاستجابة الفورية لأي طارئ.  لا تقتصر العملية على تحليل تدفق المياه خلال الأنابيب وصنابير المياه يوميًا بل الحصول على البيانات الهامة التي ترافق حركة المياه.

يتم الآن معالجة العديدة من المشاكل في أنظمة توليد المياه الحالية باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التحليلية مكونة من مستشعرات لاسلكية (IoT sensors) قوية بشكل كافٍ لتتبع مستويات الطلب على المياه والتنبؤ بها والقدرة على الاستجابة الفورية.

يطلق عليها عادة اسم ” الإدارة الذكية للمياه” أو المياه الرقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إدارة المياه. ترتكز القوة الأساسية للنظام على تحليل كل ما يحدث داخل النظام بشكل فعال. أما الذكاء الاصطناعي فدوره يقوم على التطوير المستمر لفهم أفضل طريقة استجابة. مع وجود الذكاء الاصطناعي يمكن للحكومات والجهات المعنية بناء بنية تحتية للمياه والاشراف عليها واداراتها إدارة شاملة ويمكن اعتمادها كمنهجية حل للتعامل مع المشاكل أو أية حالاتٍ طارئة.

يمكن لهذه الأنظمة أن تحدث فرقًا جوهريًا على صعيد التكلفة وتحقيق الاستدامة في مصادر المياه. تعرض العديد من المشاريع المقامة الإمكانيات الرائدة لهذه المنهجية وفقًا لمختبر Silo.AI ومجموعة الاستشارات الهندسية (Ramboll) من خلال أنظمتهم التجريبية المعتمدة على بنية تحتية باستخدام مستشعرات لاسلكية للوصول لأقصى مدى ممكن من العمليات التشغيلية على مياه يوميًا وتحسينها، وذلك لمنع حدوث أمورٍ غير متوقعة أو حوادث محتملة. وكخطوة مستقبلية يسعى العلماء لبناء أنظمة ذكاء اصطناعية يكون العنصر البشري مساهمًا/ متفاعلًا في العملية.

تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي اجراء عمليات معالجة البيانات ويتعين على الطاقم المسؤول عن العمليات التشغيلية القيام بالعلميات الإدراكية، على سبيل المثال: التحقق من صحة تحليل أنظمة الذكاء الاصطناعي وتفسيرها.

هل يستطيع العالم العربي حل مشكلة ندرة المياه؟

وتنطبق هذه المنهجية على معالجة المياه وأعمال الامدادات. حديثًا اكتشفت شركة المياه الأسترالية ” ملبورن ووتر” عن نجاح تجربة استخدام الذكاء الاصطناعي لقياس الاستخدام الأمثل للمضخات دون الحاجة لتدخل بشري في عمليات الاشراف والرقابة. بناءً على البيانات التي يظهرها النظام يتوقع المبرمج المسؤول عن البرنامج أن يساعد هذا الإنجاز الشركة في توفير الطاقة بنسبة تتجاوز 20%.

المياه والتقنية – مراقبة حركة المياه: يحافظ استخدام الذكاء الاصطناعي على المياه من مرحلة ضخها حتى وصولها للصنبور.

علاوة على قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم تقييم دقيق لمستويات الطلب على المياه وتوفيره، أصبح للذكاء الاصطناعي القدرة على تقليل هدر المياه. هذا بدوره يشكل أهمية كبيرةً خاصةً في الدول التي تعاني من ندرة/شح مصادر المياه مثلًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا-حوالي 60% من السكان المنطقة لا يحصلون على مصدر مياه شرب نقي. كل لتر من ماء يضيع هدرًا نتيجة للتسريبات التي تحصل في الأنابيب أو انفجارها يمكن أن ينقذ حياة أو يحسن مستوى المعيشة لشخص آخر.

هذه القضية لا تتعلق بإقليم دون غيره بالطبع، هي مشكلة عالمية. حيث تشير أحدث التقارير أن الولايات المتحدة الأمريكية تهدر لوحدها 7 مليار جالون مياه شرب يوميًا. إلى جانب أهمية الحد من الهدر الكبير في المياه إلا أن استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في تحليل تدفق المياه في الوقت الفعلي وارسال التنبيهات المتعلقة بالعلميات واغلاق الأنظمة تلقائيًا في حال حدوث أعطالٍ فنية أو تسريبات في الشبكة يساهم هذا بشكل فعال من ترشيد استهلاك المياه وهدرها وبالتالي يقلل من التكاليف التشغيلية عبر التكامل مع العنصر البشري في إدارة العمليات الرقابية ومساعدة في حل/ايجاد المشاكل.

المياه والتقنية – الزراعة (الالكترونية) الذكية: الذكاء الاصطناعي هو جوهر الاستخدام الأمثل للمياه في الزراعة المستقبلية.

وفقًا للبنك الدولي تعتبر الزراعة المسؤولة عن حوالي 70% من اجمالي عمليات السحب مياه على مستوى العالم وهي أكثر قطاع قائم على استخدام المياه والأهم من ذلك، تشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO) أن ما يصل إلى 60% من إجمالي المياه المستخدمة في الزراعة تذهب دون استخدام. أي أن حوالي 42% من اجمالي عمليات السحب مياه في جميع أنحاء العالم.

هذا بدوره يتطلب أن يكون هناك تسريع لاستخدام تقنيات زراعية ذكية مدعومة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر مجموعة واسعة من الأنظمة وتصميم حلول خلاقة لانشاء زراعة الكترونية رقمية لاستخدام الحد الأدنى من المياه وبأقل اهدار ممكن.

تقوم أنظمة التحليل (الذكاء الاصطناعي)  على استخدام مجموعة من البيانات بما في ذلك صور الأقمار الصناعية والمناخ ودرجة الحرارة والرطوبة والتنبؤات الجوية لاتخاذ/اقتراح القرارات الأمثل لإدارة المحاصيل وهدر أقل كمية ممكنة من المياه.

تقوم التربة ومستشعرات الضوء على تزويد البيانات لنظام الذكاء الاصطناعي حول الأوقات الأكثر مناسبة لتزويد التربة بالمياه واستخدام الأسمدة وغيرها. كما ان استخدام أنظمة الري الذكية لها القدرة على توفير مياه بدقة عالية وتعتبر حلًا لمشاكل التسريبات.

المياه والتقنية – يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل المياه

أصدرت شركة PWC في الشهر الماضي تقريرًا يشير إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحقيق مستقبلًا أكثر استدامة إذا ما تم اعتماده بشكل صحيح في أربعة قطاعات رئيسية منها قطاع المياه والطاقة والزراعة. يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في المياه إلى المساهمة بـحوالي 5.2 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي وتقليل الغازات الناتجة من الدفيئات الزراعية بحوالي 4% بحلول عام 2030م.

لذلك يعتبر من الضروري إيجاد حلول لمعالجة القضايا المتعلقة بالمياه (ندرة المياه وتلوقها والهدر في استخدامها) لإصلاح العالم عبر توجيه الجهود نحو استدامة أكبر التي تقوم على اعتماد واسع النطاق لحلولٍ معتمدة على الذكاء الاصطناعي.

يساهم هذا على المدى البعيد على توفير بيئة آمنة لدى المناطق التي تعاني من شح مصادر المياه،إلى جانب نشر الوعي بأهمية الاستدامة. وبمرور الوقت مع بداية ثلاثينيات القرن العشرين من المتوقع أن يتم انقاذ ملايين الأرواح وتحسين المستوى المعيشي نظرًا للمكاسب الاقتصادية والتي تقدر بالتريليونات الدولارات.