المستقبل

المادة المضادة antimatter والسفر إلى النجوم

في عام 1928 تنبأ الفيزيائي البريطاني بول ديراك( 1902 – 1984 ) بوجود المادة المضادة (antimatter) وقال : إن لكل جسيم من المادة العادية جسيما مضادا ذا كتلة مساوية لكتلة الجسم ولكنه يحمل شحنة كهربائية مختلفة بالإشارة.

ولم تمض أربع سنوات على تنبؤ ديراك العجيب حتى اكتشف كارل أندرسون (1905 -1991 ) من معهد كاليفورنيا للتقانة ، أول جسيم مضاد وهو الإلكترون الموجب أو البوزيترون (POSITRON) أثناء دراسته الأشعة الكونية وهي جسيمات عالية الطاقة واردة إلى الأرض من الفضاء الخارجي أما العثور على البروتونات المضادة فكان أمرا محيرا . ولم يتحقق إلا عام 1955 عندما شكلت هذه الجسيمات باستعمال مسرع معجل الجسيمات في مختبر لورنس بركلي كما استطاع المختبر الأوربي للفيزياء الجسيمات في العام نفسه تركيب ذرات الهيدروجين المضاد لفترة قصيرة من الزمن لدمج البوزيترونات والبروتونات المضادة في مسرع الجسيمات.

إذا يمكن أن تتجمع الجسيمات لتشكل أشياء مقابلة لكل شيء موجود في الكون نجوما مضادة ومجرات مضادة وحتى بشرا مضاداً. وعندما يصدم جسيم بجسيمه المضاد يفنى كلاهما وتنطلق أشعة ذات طاقة عالية جدا أسمها غاما (GAMMA RAY) فلو تصافح إنسان و إنسان مضاد فان الانفجار الحاصل سيكافئ ألف انفجار نووي قوته ميغا طن ( مليون طن ) . يكفي الواحد منها لتدمير مدينة صغيرة وقد أصبحت هذه الطاقة مصدرا محببا لكتاب الخيال العلمي فهو الوقود الذي استعمل لتزويد السفينة الفضائية في المسلسل التلفزيوني ( الأسفار بين النجوم ) كما أن فكرة السفر إلى النجوم فرضت نفسها على العيد من المظاهر الثقافية من الشارع الروماني إلى الموسيقى الشعبية للقرن الشرين وقد اتخذت هذه الفكرة في الثقافات معنى معينا فإذا كتب روائي أو شاعر شيئا عن السعي للوصول إلى النجوم فقد كان يفهم ذلك أنه تعبير ثقافي مختزل عن محاولة تحقيق ما لا يمكن تحقيقه ومع أن الترحال بين النجوم مازال حلما مستقبليا جميلا فان مجموعة صغيرة من المهندسين والعلماء تقوم فعلا بدراسة بعض الأفكار والتجارب قد تؤدي إلى تقانات قادرة على دفع سفن فضائية لتبلغ سرعات عالية تمكنها من تخطي حدود نظامنا الشمسي فربما تمكنت محركات تستمد وقودها من نتيجة لحدوث التقاء يبن المادة والمادة المضادة لإيصال سفن فضائية إلى النجوم القريبة إلينا والتي أقربها إلينا هو نجم قنطورس القريب الذي يبعد عنا مسافة قدرها (270000) وحدة فلكية ( تساوي الوحدة الفلكية 150مليون كم ) وهي متوسط المسافة بين الأرض والشمس وتكمن جاذبية هذه الأنماط القريبة الدفع في الكميات الهائلة من الطاقة التي يمكن تحررها من كتلة مفروضة من الوقود فهنا تتحول كامل المادة إلى طاقة الأمر الذي لا يتوفر في الأنواع الأخرى من الوقود المستعمل بالإضافة إلى سرعة الدفع التي يتحرك بها تعتبر أكبر سرعة حدية ممكنة في الطبيعة هي سرعة الضوء فمثلا لو حدث ذلك لكان بالإمكان توليد (20 كوادر يليون ) أي ( 20× 150) جول من كيلو واحد من الوقود وهذا يكفي لتلبية حاجات كامل العالم من الطاقة لمدة 26 دقيقة تقريبا فهل هناك أمل في استخدام المادة المضادة وقودا للصواريخ ؟

لا يزال أمام علماء المستقبل الكثير من المسائل المعقدة لتحيق هذا الأمر وستظل المادة حتى ذلك الحين حلم كتاب قصص الخيال العلمي.    

 

شارك
نشر المقال:
د. سائر بصمة جي
الوسوم: antimatter