فضاء

ما هو أكبر شيء في الكون؟

عندما يتعلق الأمر بالفضاء، فنحن معتادون على التعامل مع المسافات والأجسام الكبيرة، فضمن المخطط الكوني للأشياء، تعتبر الأرض صغيرة نوعا ما، وحتى ضمن نظامنا الشمسي، نجد بأن حجم كوكبنا يتضائل إذا ما قورن مع كوكب المشتري (تبعاً لناسا، يمكن أن تتسع 1000 كرة أرضية ضمن هذا الكوكب) وشمسنا (التي يمكن أن تتسع لأكثر من مليون كوكب بحجم الأرض، وفقاً لجامعة كورنيل).

حتى شمسنا ستبدو تافهة عند مقارنتها بأكبر النجوم التي نعرفها، فالشمس هي نجم من نوع -G، وهي عبارة عن قزم أصفر – متوسط الحجم إلى حد ما على النطاق الكوني- ولكن بعض النجوم العملاقة الفائقة البعيدة، تكبر شمسنا بشكل كبير، ولعل أكبر النجوم المعروفة هي (UY Scuti)، الذي يمكن أن يضم أكثر من 1700 شمساً بحجم شمسنا، وذلك على الرغم من أنها كثافته لا تزيد عن كثافة شمسنا سوى بـ 30 مرة فقط، وهذا يبين لنا أن الكتلة والحجم لا يرتبطان معاً بالضرورة في الفضاء الخارجي.

إذا ما تابعنا التقدم في قائمة أكبر الكائنات في الكون، سنجد بأن الثقوب السوداء هي أمر آخر يمكن النظر فيه، وخاصة الثقوب السوداء الهائلة التي توجد عادة في مركز المجرات، (تستضيف درب التبانة واحدة من هذه الثقوب التي تصل كتلتها لحوالي 4 مليون ضعف كتلة الشمس)، والجدير بالذكر أن كتلة أكبر ثقب أسود هائل معروف لدينا تصل إلى ما يقرب من 21 مليار ضعف كتلة الشمس، وهو يوجد ضمن عنقود كوما المجري الذي يضم أكثر من 1000 مجرة.

كما تلمح الفقرة الأخيرة، فهناك أشياء أكبر من الثقوب السوداء الهائلة أيضاً، فالمجرات هي عبارة عن مجموعات من الأنظمة الشمسية وكل ما هو داخل تلك الأنظمة (مثل الكواكب والنجوم والكويكبات والمذنبات والكواكب القزمية والغاز والغبار وأكثر من ذلك)، فمثلاً تمتد مجرتنا درب التبانة لحوالي 100,000 سنة ضوئية، تبعاً لوكالة الفضاء ناسا، والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة، ولكن من الصعب أن نعرف ما هي أكبر المجرات، لأنها لا تمتلك حقاً حدوداً دقيقة، ولكن أكبر المجرات التي نعرفها تمتد على مسافة ملايين السنين الضوئية.

والآن، بدأنا أخيراً بالاقتراب من أكبر الأجسام الموجودة في الكون، فغالباً ما ترتبط المجرات بجاذبية بعضها البعض في مجموعات تسمى العناقيد المجرية، (درب التبانة، على سبيل المثال، هي جزء من مجموعة محلية صغيرة تضم حوالي عشرين مجرة، بما في ذلك مجرة المرأة المسلسلة)، وللوهلة الأولى، اعتقد علماء الفلك بأن هذه الهياكل كانت أكبر شيء موجود في الفضاء، ولكن في ثمنينيات القرن الماضي، أدركوا بأن مجموعات المجرات ترتبط ببعضها أيضاً بالجاذبية ضمن عنقود مجري هائل.

ما هو العنقود المجري الهائل الأكبر؟

أكبر عنقود مجري هائل معروف في الكون هو جدار هرقل، وقد تمت الإشارة إليه للمرة الأولى في عام 2013، وتمت دراسته عدة مرات من قبل فِرق متعددة بقيادة الشخص نفسه، هذا العنقود المجري الهائل كبير جداً لدرجة أن الضوء يأخذ حوالي 10 مليار سنة لينتقل عبره، وحسبما نعلم، فإن الكون يبلغ من العمر 13.7 مليار سنة فقط.

تم الكشف عن هذا العنقود المجري الهائل لأول مرة من قبل فريق بحثي بقيادة (استفان هورفاث)، من الجامعة الوطنية للخدمة العامة في هنغاريا، وذلك عندما كان يبحث في ظواهر كونية لحظية تعرف باسم انفجارات أشعة غاما، التي يُعتقد بأنها تتولد من السوبرنوفا أو النجوم الضخمة التي تنفجر في نهاية حياتها.

كان يُعتقد بأن انفجارات أشعة غاما هي مؤشر جيد يدل على مكان تواجد الأجسام ذات الكتلة الضخمة في الكون، وذلك لأن النجوم الكبيرة عادة ما تميل إلى التجمع في المناطق الكثيفة، وقد أظهر المسح الأولي بأن أشعة غاما قد تركزت بشكل خاص على بعد حوالي 10 مليار سنة ضوئية في اتجاه كوكبتي هرقل وكورونا.

ولكن اللغز المحير يكمن في الكيفية التي تشكل فيها هذا الهيكل الكبير، حيث أشارت مقالة من ديسكفري نيوز إلى أن هذا الهيكل يعارض مبدأ علم الكونيات، أو الكيفية التي تشكل فيها الكون وتطور، حيث يقول المبدأ على وجه التحديد بأن المادة يجب أن تكون موحّدة عندما ينظر إليها على نطاق واسع بما فيه الكفاية، ولكن هذا العنقود غير موحد.

أشار (جون هاكيلا)، وهو باحث في علم الفلك في كلية تشارلستون في ولاية كارولينا الجنوبية، بأنه لا يعتقد بأن مثل هذه الهيكل الكبير يمكن أن يوجد حقاً، ولا تزال الشكوك تساوره حول الأمر، ولكن على الرغم من أن احتمال رؤية الباحثين لعدد عشوائي من أشعة غاما وهي تتجمع في ذلك الموقع هو ضئيل بعض الشيء، ولكنه أقل بكثير من واحد في 100.

لذلك، يعتقد الباحثون بأن هذا الهيكل موجود بالفعل، فهناك هياكل أخرى تبدو وكأنها تنتهك التجانس العالمي، ومنها جدار سلووان ومجموعة كوازار الضخمة، وبالتالي، قد يكون هناك هياكل أخرى تنتهك هذا التجانس، وبعضها قد يكون أكبر من جدار هرقل حتى، ولكن الوقت فقط هو الكفيل بإثبات ذلك.