الصناعة والإبتكار

العمارة الحضرية الجميلة تعزز الصحة تماماً كالمساحات الخضراء

من المعروف أن أخذ نزهة في المناطق الريفية أوعلى الشواطئ يمكن أن يعزز من مزاج وصحة الشخص، وقد كان الخبراء منذ فترة طويلة يوصون بالخروج من المدينة لتحسين الصحة البدنية والعقلية.

لكن دراسة جديدة تشير إلى أن العمارة الحضرية الجميلة، أو ضفاق الأنهار التي تمر من المدن يمكن أن يكون لها ذات القدر من التأثير على مستويات الصحة والسعادة.

تبعاً للباحثين في جامعة وارويك، فإن ‘المشاهد الجميلة’، وليس فقط الخضراء منها، هو ما يحدد ما إذا كانت البيئة المحيطة إيجابية أم لا، ولذلك فإن الأشخاص الذين يعيشون في مدن تحتوي على المشاهد الجميلة، والذين يتمتعون بجمال العمارات ذات التصميم الحديث الرائع أو حتى الآثار المهيبة، أو يستمتعون بقضاء أوقات جميلة على ضفاف الأنهار التي تمر من مدنهم، سيحصلون على ذات الفوائد التي يمكن أن يحصلوا عليها إذا ما قاموا بزيارة الأرياف خارج المدن.

لمعرفة أي نوع من المناظر الطبيعية تجعل الأشخاص يشعرون بصحة أفضل، طلب الأكاديميون من الأشخاص إعطاء معدلات لصور تضم أكثر من 212,000 منطقة من بريطانيا، ثم قارنوا تلك المعدلات التي بلغ عددها مليون ونصف بالكيفية التي كان يشعر بها سكان تلك المناطق حول صحتهم.

وجد الباحثون من خلال ذلك بأن المناطق التي تم تصنيفها على أنها تحتوي على مناظر خلابة وترفع من المعنويات لم تكن بمعظمها مساحات خضراء.

هذه النتائج تعني بأن التماسك الكلي للهندسة المعمارية والتصميم هو ما يعزز صحة الأشخاص وسعادتهم، وليس فقط عدد الحدائق والأشجار التي توجد في المكان.

بحسب (تشانوكي سيريسينه) وهو طالب دكتوراه في مختبر علوم البيانات في كلية وارويك للأعمال، فإن هذه النتائج رائعة، فهي تبين بأن كون المكان يتسم بالخضرة لا يشعرنا بحد ذاته بأننا أفضل بالضرورة، حيث يبدو بأن جمال البيئة، مقاساً بكمية المناظر الخلابة التي تحتويها، هو الأمر الأهم في هذا المجال.

تشير النتائج أيضاً إلى أن جمال البيئة المحيطة بنا بشكل يومي، قد يكون له تأثير أكثر أهمية مما كان يعتقد سابقاً.

من أجل ضمان رفاه السكان المحليين، قد يكون من المهم أن يعيد مخططو المدن وصانعو القرار النظر بجماليات البيئة عند البدء بمشاريع كبيرة لبناء حدائق جديدة، وإجراء تطويرات سكنية أو حتى إنشاء طرق سريعة، فالنتائج التي توصل إليها الباحثون تعني أن مجرد إدخال مساحات خضراء إلى المخططات، دون النظر إلى جمال البيئة الناتجة عن ذلك، قد لا يكون كافياً.

وجدت الأبحاث السابقة بأن العيش في المناطق الخضراء يجعل الأشخاص يعيشون حياة أطول ويشعرون بسعادة أكبر، كما تم ربط الشوارع المورقة أيضاً بالتشجيع على انخفاض معدلات الجريمة وسيادة جو “متحضر” على المكان، وبالإضافة إلى ذلك، فقد وجد بحث تم إجراؤه من قبل جامعة إلينوي بأن المساحات الخضراء تعتبر ضرورية لتعزيز الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية.

من جانب آخر، وجدت دراسة تم إجراؤها في اليابان أن كبار السن يعيشون لمدة أطول عندما يسكنون في منازل تبعد مسافة قصيرة جداً عن الحدائق أو المساحات الخضراء.

ولكن الفريق البريطاني، وجد بأن الصور التي حصلت على تقيمات أكبر من ناحية احتوائها على مناظر خلابة لم تكن تحتوي على نسبة عالية من اللون الأخضر، بل كان عدد كبير من تلك الصور يحتوي على نسب كبيرة من اللون الرمادي والبني والأزرق.

بحسب الدكتورة (سوزي موت)، وهي أستاذة مشاركة في العلوم السلوكية والمديرة المشاركة لعلوم بيانات مختبر كلية وارويك للأعمال، فإن الباحثين يعلمون بأن بعض المناطق التي تم تصنيفها على أنها تحتوي على مناظر خلابة جداً، كالمناطق التي تحتوي على البحيرات، تحتوي أيضاً على مساحات خضراء للغاية، ولهذا السبب، أراد الباحثون التأكد من أن العلاقة بين المناظر الخلابة في المدن والصحة لم تكن ببساطة انعكاس للآثار المفيدة للمساحات الخضراء.

أكدت التحليلات بأن الأشخاص يشيرون إلى أن صحتهم تصبح أفضل عندما يسكنون في المناطق ذات الغطاء النباتي الأكثر اخضراراً، ولكن التحليلات يمكن أن تصبح أفضل في تحديد مدى الاختلافات في تأثير كل من المناطق الحضرية والريفية على الصحة إذا ما أخذنا في الاعتبار أيضاً مدى انتشار المناظر الخلابة في المنطقة التي يعيش فيها الأشخاص.