التصنيفات: غير مصنف

العلماء يقومون بعكس أحاسيس الفئران عن طريق التحكم بأدمغتها

بدأت الفئران تتصرف بغرابة، فخلال دقيقة تحولت من فئران تتضور جوعاً إلى فئران متخمة تبتعد عن طعامها دون أن تلمسه، وخلال دقيقة تحولت من فئران مليئة بالطاقة والنشاط إلى فئران مصابة فجأة بنوبة من الخمول والكسل، ولكن هذا التصرف لم يأت عن طريق الصدفة، حيث أن العلماء هم من جعل الفئران تتصرف بهذه الطريقة، حيث أن التحكم بعقل القوارض هي من بين النتائج الأولى لمبادرة (BRAIN) التي قام الرئيس (أوباما) بالإعلان عنها في عام  2013 والتي تهدف إلى النهوض بعلوم المخ والأعصاب وابتكار علاجات جديدة للأمراض العصبية، وقد تم نشر هذه النتائج في مجلة (Neuron).

قام باحثون من جامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل والمعاهد الوطنية للصحة بابتكار أداة كيميائية يمكنها أن تتحكم بتنشيط بعض مستقبلات الخلايا العصبية وتثبيطها، وبالقدر الذي يبدو عليه أمر السيطرة على أدمغة الفئران ممتعاً، فإن الباحثين يخططون لاستخدام هذه الأداة لفهم أفضل للكيفية التي تؤثر فيها المستقبلات العصبية على بعضها البعض، مما قد يؤدي كما يأملون لتحسين علاجات العديد من الأمراض مثل مرض الفصام والاكتئاب ومرض الزهايمر والشلل الرعاش والصرع.

هذا البحث هو تتويج للعمل الذي أنجز على مدى العقد الماضي والذي كان قد استهدف مستقبلات مماثلة دعاها العلماء (DREADD) أو (مستقبلات مصممة خصيصاً ليتم تنشيطها من قبل أدوية معينة)، ولجعل هذه المستقبلات مخصصة استخدام الباحثون فيروس لتغيير الخلايا العصبية في الفئران وراثياً بحيث تظهر مستقبلات معينة فقط، ولكي لا تعمل الخلايا العصبية إلا في حالة وجود الجزيئات معينة.

في السابق، كان لكل عصبون مستقبل واحد قادر فقط على تنشيط الخلية العصبية أو إيقاف تنشيطها، وكان كل مستقبل يقوم بمهمة واحدة فقط من تلك المهمتين، ولكن في هذه التجربة، قام الباحثون بإعادة هندسة الفئران لكي يمتلك كل منهم مستقبلان مترابطان على خلاياها العصبية، وقد تصادف وأن كان هذان المستقبلان يسيطران على مستوى نشاط الفئران ومقدار جوعها، ومن خلال ذلك كان حقن مادة كيميائية يجعل الفئران تتصرف وكأنها تتضور جوعاً، في حين كان حقن مادة أخرى يجعلها شديدة الاهتياج ومحمومة، كما لو أنها كانت تتناول الكوكايين أو الأمفيتامين.

أشار الباحثون إلى أن هذه الاختبارات تحققت من مدى فعالية هاتين الأداتين في التأثير على المستقبلات، وبحسب (بريان روث)، وهو أستاذ في علم الصيدلة مدرسة UNC للطب، فإن هذه الأداة الكيميائية الجينية الجديدة تظهر لنا كيف يمكن استهداف الدوائر الكهربائية في الدماغ على نحو أكثر فعالية لعلاج الأمراض التي تصيب البشر، حيث أن المشكلة التي تواجه العلوم الطبية حالياً هي أنه على الرغم من أن معظم الأدوية المعتمدة تستهدف بالفعل هذه المستقبلات في الدماغ، إلّا أنه لا يزال من غير الواضح كيف يمكن تعديل أنواع معينة من المستقبلات بشكل انتقائي لعلاج الأمراض بشكل فعال.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير