التصنيفات: غير مصنف

العلاج المبكر لالتهاب القزحية يمكن أن يحمي من العمى

(جوي روس) هي إمرأة عمياء، ولكنها لم تولد كذلك، حيث بدأت رحلتها مع العمى منذ 30 سنة مضت، وذلك عندما كانت مجرد طفلة، حيث أصيبت حينها بمرض التهاب المفاصل الرثياني الشبابي، والذي انتقل إلى عينيها، وأدى بالنتيجة لإصابتها بالعمى.

عندما كانت (روس) بعمر الثلاث سنوات لاحظت والدتها أنها كانت تصطدم بالأشياء وتتعثر خاصة عندما تتجه للعب، وبعد عرضها على أكثر من طبيب، تم تشخيص (روس) بمرض التهاب المفاصل الرثياني الشبابي بالإضافة إلى مرض نادر يصيب العين يسمى التهاب القزحية، حيث انتقل ذات الالتهاب الذي أدى إلى تورّم مفاصلها إلى عينيها، مؤدياً إلى إصابتها بهذا المرض الخطير والنادر.

طبياً، فإن مرض التهاب القزحية يسبب التهاب أو تورّم في الجزء الأوسط من العين في منطقة تسمى العنبية، وهذا المرض هو نادر جداً حيث يتم تشخيص ما لا يزيد عن 2250 حالة سنويأ لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً، ومعظم الأطفال الذين يتم تشخيصهم بالتهاب القزحية يعانون أيضاً من التهاب المفاصل الشبابي، ولكن فقط 10% من الأطفال الذين يعانون من التهاب المفاصل الشبابي يصابون بالتهاب القزحية، وهذا الالتهاب الذي يصيب العيون يمكن أن يضر بالرؤية، وفي بعض الحالات يمكن أن يؤدي إلى العمى، في حال لم يعالج في وقت مبكر.

يشير الدكتور (جيمس روزنباوم)، رئيس أمراض الروماتيزم في جامعة ولاية أوريغون للصحة والعلوم في بورتلاند ورئيس طب العيون في عيادات (Legacy Devers) للعيون، بأن الأطفال الذين يصابون بمرض التهاب القزحية، لا يظهرون أية أعراض لهذا المرض، حيث يبدأ المرض تدريجياً، وبشكل خفي، فالعين لا تصاب بالاحمرار، كما أن الطفل المصاب بهذا المرض لا يشعر بالألم في عينيه، ولا يدرك بأنه يفقد رؤيته، وبالواقع، فإن الوسيلة الأكثر شيوعياً للكشف عن هذا المرض، هو الفحص العيني الروتيني الذي يخضع له الأطفال عندما يباشرون بالذهاب للمدرسة، ويقترح (روزنباوم) بأن يقوم الآباء بفحص عيون أطفالهم بمجرد شكوى الأطفال من آلام في الكاحل أو في الركبة، وذلك لأن 80% من الأطفال المصابين بالتهاب القزحية يكونون مصابين أساساً بمرض التهاب المفاصل الشبابي.

أما بالنسبة لـ(روس) فقد تم علاجها بالبداية بقطرات العين الستيرويدية لتخفيف التورم، وهذا العلاج هو العلاج التقليدي لعلاج التهاب القزحية، ولكن بسبب محدودية العلاج في تلك الفترة وقوة المرض الذي تعاني منه، لم ينفع العلاج وأصيبت (روس) بإعتام في عدسة العين، مما أدى إلى حاجتها إلى جراحة للعين، علماً أن روس قد حاولت تجربة دواء الـ(ميثوتريكسات) عندما كانت في المدرسة الثانوية، وهو نوع من الأدوية الكيماوية لعلاج التهاب العيون والتهاب المفاصل المؤلم، ولكنها لم تستجب للعلاج بشكل جيد، مما اضطرها للتوقف عن استخدامه، وفي عام 2002، استعملت دواء جديد يسمى (Enbrel) الذي ساعدها على علاج آلام المفاصل لديها، وفي عام 2008، بدأت رؤية (روس) تختفي تدريجياً حتى فقدت بصرها بالنهاية بشكل كامل.

بعد بضعة أشهر من إصابة (روس) بالعمى، بدأت إبنتها الكبرى (إيزابيلا) تعرج على كاحلها، حيث تمت ملاحظة أن أقدامها متورمة بشكل شديد واتضح أنها مصابة بالتهاب المفاصل الشبابي، وبعد فترة وجيزة، تم تشخيص ابنة (روس) الصغرى (جورجيانا) البالغة من العمر 3 سنوات بالإصابة بالتهاب القزحية بعد خضوعها لفحص العين الروتيني، وعلى الرغم من هذا الوضع المأساوي، إلا أن العائلة لم تيأس، حيث تمت معالجة (روس) وابنتها الكبرى (إيزابيلا) بدواء يساعد على قمع الجهاز المناعي لديهما لمحاربة الالتهاب، أما (جورجيانا) فقد تم علاجها بالـ(الميثوتريكسيت).

الآن وبعد مرور أكثر من خمس سنوات، بدأت (جورجيانا) تتعافى من مرض التهاب القزحية، ولم يتأثر بصرها نهائياً بهذا المرض، وحصل ذلك بفضل التشخيص المبكر والعلاج بالأدوية البيولوجية مثل دواء (Enbrel)، والذي ساعد على تخفيف التورم الذي تعاني منه الطفلة، حيث تعمل هذه الأدوية الجديدة، والتي لم تكن متوفرة عندما كانت الأم (روس) صغيرة، على قمع الجهاز المناعي الذي يعمل سلوكه الشاذ في هذا المرض على تغذية الالتهاب، ويشير الأطباء بأن (جورجيانا) لديها فرصة جيدة للاحتفاظ ببصرها طوال حياتها.

أما بالنسبة لـ(إيزابيلا) فإن التهاب المفاصل الذي تعاني منه لا يزال يضايقها من وقت إلى آخر، حيث يصعب عليها أحياناً صعود أو نزول الدرج أو المشاركة في الأنشطة الرياضية بالمدرسة، وعلى الرغم من أن كلاً من (إيزابيلا) و(جورجيانا) تصابان بأمراض أكثر من الأطفال الآخرين، كون الأدوية التي تستعملانها تضعف جهازهما المناعي مما يجعلهما أقل قدرة على مكافحة العدوى، إلا أن الأطباء يعتقدون بأنه بفضل الكشف والعلاج المبكر فإن حالة الشقيقتين مستقرة وعلى الأغلب لن تتطور.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير