أخبار العلوم

الصنايعي الذي غير تاريخ الطب

الصنايعي الذي غير تاريخ الطب (العقلية العلمية 1)

1- المقدمة

بعد سبع سنوات من اللهفة و الشوق للإنجاب، و في عام 1955 وُلد  “كيسي Casey”، الطفل الأول لماري و”جون هولتر John Holter”.

ولد هذا  الطفل قالبا ًحياة والديه رأساً على عقب و مغيراً مجرى التاريخ الطبي.

2- المشكلة

بشكل مؤلم ، كان كيسي يعاني من “السنسنة المشقوقة ،Spina bifida ” أو تلك الحالة التي لا يتشكل فيها العمود الفقري بشكل كامل،فيكون مشوهًا بشكل خطير.

 

 

 

نتج عن ذلك أن عانى “كيسي ” من استسقاء الرأس،بسبب تراكم السائل النخاعي“أو Cerebro-Spinal Fluid ( CSF ) في الدماغ. يعتبر السائل النخاعي بمثابة “غلاف أو وسادة لحماية للمخ  و النخاع الشوكي، والذي يتم إنتاجه بواسطة بنية في” جذع الدماغ  Brain Stem ” تسمى “Choroid plexus الضفيرة المشيمية “. يدور السائل الدماغي حول الدماغ قبل أن يتم تصريفه في إمداد الدم.

يؤدي استسقاء الرأس إلى الضغط على الدماغ مسبباً تلفه بشكل لا يمكن إصلاحه، و من ثم تعقبه الوفاة.

في ذلك الوقت ، ، كان الشيء الوحيد الذي أبقى” كيسي هولتر ” على قيد الحياة هو إجراء عمليتين يومياً، بادخال إبرة في اليافوخ ، والبقعة اللينة على رأس الطفل ، لإزالة السوائل الزائدة مقللا الضغط داخل الدماغ.

بالإضافة لذلك، أٌخضع كيسي لعملية جراحية من قبل جراح الأعصاب الشهير “يوجين سبيتز Eugene Spitz “.  قام  سبتز بإدخال كرة وصمام زنبركي من شأنه، من حيث المبدأ، السماح للسائل بالتصريف في إمداد الدم، دون السماح للدم بالعودة إلى السائل النخاعي. لسوء الحظ، كان الصمام عبارة عن تقنية خرقاء، وعند إدخاله أرهق قلب كيسي لدرجة أن الطفل الصغير أصيب بنوبة قلبية وعانى من تلف دائم في الدماغ.

3-مبادرة الأب:

كان ” جون هولتر” يلاحظ تدهورحالة ابنه عاجزاً عن القيام بأي شيء حيال ذلك، حيث كان الأطباء يرفضون شرح الحالة له. و هل يستطيع فني بسيط في مصنع هيدروليكي فهم تلك الحالة المعقدة ؟

بعد ستة أسابيع من المحاولة، في النهاية أجابه  “يوجين سبيتز ” عن تفاصيل الحالة ليتفاجأ  “هولتر” بأن تلك المشكلة، التي بدت لهم صعبة و معقدة، ما هي إلا مشكلة هيدروليكية بسيطة يتعامل معها يومياً.

4- الملاحظة أساس العلم

لقد لاحظ “هولتر” أنه عندما تدخل الممرضات الإبر في أنواع معينة من الأنابيب الطبية لسحب السائل النخاعي الزائد، فإنه لا يصعد في الأنابيب، لأن الفجوة كانت ضيقة لمرور السائل تحت ظروف الضغط المنخفض.

كأي حلمة زجاجة الرضاعة، عندما يكون الضغط عالياً بدرجة كافية ، تفتح الفجوة ويشق السائل طريقه مانعاً العود العكسي.

 

5-بدء التجارب:

هنا قرر هولتر أن يصنع شيئاً لانقاذ ابنه الصغير جيث عاد  إلى المنزل، وجلس في ورشته ليصمم النسخة أولية من للأنابيب المطاطية القادرة على سحب السائل النخاعي.

بينما كان المبدأ سليمًا، أشار عليه الجراح “سبيتز” إلى أن الصمام يجب أن يكون مصنوعًا من مادة لا تهيج الجسم، لتجنب نفس المشكلة التي ألحقت أضرارًا بدماغ ابنه من قبل. من فوره اتصل “هولتر ” بشركة “دو للكيماويات  Dow Chemical ”  الذين أشاروا عليه باستخدام مادةً طُورت حديثاً تسمى ” السيليكون “.

6-أخيرا نجحت :

عكف “هولتر “على تطوير نسخة قابلة للاستخدام في غضون أشهر ، ولكن لم يستفد بها “كيسي ” الذي لم يتعاف بعد من اعمليته الأخيرة.

تم تثبيت الجهاز الجديد لأول مرة بنجاح في طفل آخر . ثم في مارس 1956 ، قام “يوجين سبيتز” بتركيب الصمام في كيسي مقللا استسقاء الراس عنده .

7-وفاة الابن “كيسي “

لم يتعاف كيسي تمامًا من تلف دماغه نتيجة العملية الأولى التي أجراها ” له ” سبتيز “، حيث كانت تنتابه نوبات صرع أدت إلى وفاته عن عمر خمس سنوات. مات ” كيسي ” ولم يستفد من اختراع أبيه “هولتر”  الذي  بات يُطلق عليه الآن “محول سبيتز-هولتر  Spitz –Holter Valve “، أو اختصارا ” محول هولتر “. لا يزال  محول هولتر قيد الاستخدام حتى اليوم  حيث تشير التقديرات إلى أن 15000 صماماً  يتم تركيبه كل عام في الولايات المتحدة وحدها. .

 

 

8-النهاية :وفاة “هولتر “

إنه جون هولتر ، مهندس الدماغ كما يطلق عليه أو الصنايعي الذي غير تاريخ الطب .

 

Journal of the American College of Surgeon

https://thejns.org/view/journals/j-neurosurg/95/1/article-p145.xml

 

شارك
نشر المقال:
محمد صبري نوار