التصنيفات: الصناعة والإبتكار

الجيل الجديد من الطائرات المقاتلة النفاثة

منذ بزوغ فجر عصر الطائرات النفاثة، كان المخططون العسكريون والصناعيون يقومون بتصنيف الطائرات النفاثة في أجيال متتالية وفقداً لترتيب إصدارها، مقتبسين هذا المصطلح من علم الأحياء، حيث يمتلك كل جيل سلسلة من التحسينات التي تميزه عن سلفه، والآن، بعد أن بدأت طائرات الجيل الخامس من مقاتلات الغارات المشتركة F-35 تشق طريقها ببطء إلى الخدمة العسكرية الأمريكية، وبعد توقف استخدام طائرات الجيل الرابع (A-10) و (F-16)، بدأت وزارة الدفاع الأمريكية تتطلع نحو المستقبل، وهي الآن على استعداد لبدء الحملة الطويلة والمكلفة لإنتاج الجيل السادس من الطائرات المقاتلة.

عادةً ما تصل الفترة التي تفصل بين بدء تصنيع الطائرات المقاتلة وطرحها للاستخدام إلى عقود من الزمن، فمثلاً بدأ تطوير طائرات F-35 – التي من المتوقع أن تدخل الخدمة في عام 2019 – لأول مرة في عام 1997، والجدير الذكر بأنه ليس بالضرورة أن يكون الفرق الزمني بين أجيال الطائرات مساوياً للأجيال الإنسانية (10 سنوات)، فعلى الرغم من أن طائرات الـF-18، استغرقت عقد واحد من الزمن للانتقال من النموذج الأولي الذي صدر في سبعينيات القرن الماضي إلى حيز الاستخدام في الثمانينيات من ذات القرن، إلّا أن هذا لا يحدث دائماً، فبالنسبة لطائرات الجيل السادس، تأمل وزارة الدفاع بأن تكون جاهزة للاستخدام والطيران بحلول عام 2030.

بدأت وكالة الدفاع لمشاريع البحوث المتقدمة (DARPA) بالفعل بالعمل على الطائرات المستقبلية من الجيل السادس، وتبعاً لها فإن هذه المقاتلات يمكن أن تشتمل على تقنية حزم الصيد (hunting packs) – وهي تقنية تسمح لأكثر من طائرة بأن تركز على هدف واحد – التي تم تصميمها للطائرات بدون طيار والتي قد تعمل بشكل جيد أيضاً بالنسبة للمقاتلات المأهولة، ولكن أشارت الوكالة بأنها لن تعمد إلى استعمال تكنولوجيات محددة فقط، مثل محركات الشبح أو المحركات الموجهة، بل ستعمل على إيجاد أنظمة يمكن أن تعمل سوياً لتحسين عمل المقاتلات، ولكن بطبيعة الحال ما تزال هذه “النظم” غامضة بعض الشيء، حيث أشارت مديرة (DARPA) (أراتي برابهاكار) في عام 2013، بأن الوكالة تسعى إلى إيجاد أفكار يمكنها من خلالها أن تعكس معادلة التكاليف، وستستعمل التقنيات لإحداث تغييرات جذرية في معادلة التكلفة بحيث يمكن من خلالها جعل الخصوم يتكلفون بالمزيد من الأموال في محاولتهم لإيجاد الحلول لهذه الأنظمة، وعلى الأرجح فإن إحدى هذه الحلول ستكون باستخدام الذكاء الصناعي.

الجدير بالذكر بأن أمريكا ليست وحدها التي تسعى لتطوير الطائرات الحربية المستقبلية، فمنذ عقود ونحن نشهد تنافساً بين الابتكارات الروسية والأمريكية، وقد كانت المرة الأولى التي يظهر فيها هذا التنافس في سماء كوريا، وتلتها بعد ذلك لاحقاً فيتنام، حيث أن الطائرات المقاتلة مستقيمة الأجنحة من الجيل الأول هزمت من قِبل منافساتها من الطائرات المقاتلة ذات الأجنحة المتراجعة، كما أن أوائل الطائرات المقاتلة من الجيل الثاني المطلقة للرصاص، والمصنعة مباشرة بعد الحرب الكورية وجدت نفسها في معارك ضد صواريخ أكثر تقدماً من الجيل الثالث، وعلى الرغم من أن معارك الجو- جو أصبحت نادرة بشكل متزايد، إلّا أن الحلقة المفرغة من المنافسات التصميمية ما تزال مستمرة، ومن المتوقع أن تواجه الطائرات الأمريكية من طراز (F-22) و (F-35) في ساحات المعارك الجوية في المستقبل، مقاتلة (J31) الصينية من الجيل الخامس أو (T-50) الروسية، كما ويتوقع أن هذه الطائرات ستبقى في الخدمة لعقود قبل وصول الجيل السادس من الطائرات لتستحوذ على السماء.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير