التصنيفات: بيئة ومناخ

التلوث الصناعي في العالم العربي إلى أين؟

لا إقتصاد قويا بدون قطاع صناعي مؤثر في التنمية. هكذا يرى خبراء في مجال الصناعات النمو المنشود في بلدان العالم العربي. في المقابل تلوث في البحر و الهواء و التربة خلفته مواد دخيلة على البيئة  تسبب في حدوثها الإنسان. وهي مثيرة للقلق حيث أن مكوناتها أصبحت متعددة ومتنوعة وأحدثت خللاً في التوازن البيئي. عالم عربي تحت وطأة تلوث صناعي خانق. يهدد حياة البشر بالأمراض الخبيثة أو حتى الموت في كثير من الأحيان.ضريبة باهضة يدفعها العالم أجمع للمحافظة على مرابيح سخية في بعض الأحيان. مشكلة جعلت توافقا عاما في قمة الأرض منذ عقدين من الزمن بتكييف البيئة مع المصالح الاقتصادية.

و في تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية لعام  2014 عن التلوث الجوي العالمي و الذي مصدره المخلفات الصناعية و الكيميائية حيث احتلت ثلاث دول خليجية بين أكثر عشر دول تلوثا في العالم لتأتي دولة قطر في المركز الثاني ومصر في المركز السادس، بينما حلت الإمارات في المركز الثامن، في ما حلت مملكة البحرين عاشراً.

وهذا راجع بالأساس إلى زيادة معدل البناء وصناعة النفط  والغاز وإنتاج الطاقة، والغبار والدخان والانبعاثات الصناعية في هذه الدول.

مصر و التي تأتي في المرتبة السادسة ضمن قائمة البلدان العشرة الأكثر تلوثا في العالم و يصل مستوى التلوثِ إلى 138 ميكروجرام/م3

ويعود المصدر الأكبر للتلوثِ في مصر لمصانعَ تفرز الرصاص في الهواء، وغبار الإسمنت والغازات الضارة. وفي القاهرة الكبرى وحدها هناك حوالي 300.000 دراجة بخاريةَ تصدر 150.000 طن من ملوثات الهواء في السّنة.

ولايزال النشطاء البيئيون في مصر يكافحون للسيطرة على التلوثِ الذي يحدث كلّ خريف عندما يحرق المزارعون قش الأرز وبقايا محاصيلِ أخرى. ويحدث هذا التلوث، الذي يسميه المصريون “السحابة السوداءِ”، بعد الحصادِ، ويعتبر مسؤولا عن أكثر من 40 بالمائة من تلوث الهواء في القاهرة أثناء هذه الفترةِ.

و واكبت منظمة السلام الخضراء  فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الثامن عشر للتغير المناخي في قطر2012، والذي عقد لأول مرة في دولة عربية.ثلوث صناعي في الجو و التربة و الماء أدى إلى إحتباس حراري, إذ لم يعد خطراً سنواجهه في المستقبل فقط، بل بات خطراً نواجهه ونرى آثاره اليوم…

كما يشير مركز دراسات البصرة و الخليج العربي بجامعة البصرة أن السبب هي الحروب و الأزمات التي شهدتها المنطقة خلال العقود الثلاث الماضية,  والتي سببها مخاطر صناعية كحوادث الإنفجارات و تسرب المواد الخطرة في الهواء أو في مياه البحر,في تزايد مضطرد.

إذ يمثل التلوث الكيميائي والانسكابات النفطية المصاحبة لعمليات النفط أحد مصادر التلوث المستمرة في الخليج العربي, حيث يقع على سواحل الخليج العربي أكثر من 15 مجمع للبتروكيماويات ومصنع لتكرير النفط، وتمخر عباب الخليج العربي أكثر من 250 ألف ناقلة نفط سنويا، تمثل حوالي 60 في المئة من إجمالي النفط المصدّر العالمي.

ولقد تم تقدير كميات النفط التي يتم تصريفها سنويا في مياه الخليج العربي مع عمليات إفراغ مياه توازن هذه الناقلات بحوالي 272 ألف طن من النفط هذا بالإضافة إلى المخلفات الأخرى الصلبة والسائلة التي تصرفها هذه الناقلات في الخليج العربي.

ويضاف إلى هذه الشوائب النفطية التي تفرغ مع مياه توازن ناقلات النفط إدخال الأجناس الغريبة المنقولة مع هذه المياه من البحار والمحيطات الأخرى، والتي تمثل تهديدا إضافيا للبيئة البحرية في منطقة الخليج العربي وتنوعها الحيوي.

وفي جانب آخر من عمل المنظمات البيئية تحركت منظمة السلام الأخضر في الأردن ضد الصناعات النووية وطالبت بالعدول عن عن الخطط النووية من أمام واحدة من أكبر المحطات للطاقة الشمسية في جنوب عمان.

وقال المسؤول الإقليمي لمتطوعي منظمة السلام الأخضر في العالم العربي، عمر قبعين: “من الواضح أن الاستثمارات الأخيرة تتجه نحو مصادر الطاقة المتجدّدة، وتعتبر الطاقة الشمسية المصدر الأكثر نمواً بين هذه المصادر. بحيث لم تعد التكنولولجيا اليوم تشكل عائقاً أو تحديا أمامنا”. وأكمل:”ان كل ما نحتاجه الآن هو وجود رؤية جديّة وطاقم سياسي يدعم ويتبنى خطط الانتقال الى الطاقة النظيفة، كيّ يستطيع كلّ مواطن توليد طاقته الخاصة، ويكون جزءاً من الحل لا من المشكلة”.

وفي قمة الأمم المتحدة للمناخ في ليما أشارت مسؤولة السلام الأخضر في العالم العربي صفاء الجيوسي، إن على صاحبي القرار اتخاذ اجراءات صارمة لضرورة تبني الطاقة المتجددة على المستوى الوطني، وان على الأعضاء المشاركين من الوطن العربي ان يقدموا التزامهم خلال المؤتمر، “بحيث ان منطقتنا هي الأكثر تأثراً بتبعات التغير المناخي”

لبنان أيضا يعاني من مخلفات التسرب النفطي لسنة 2006 إلى الآن و كما تعاني أيضا واحة قابس في الجنوب التونسي التي تقر إتفاقية التراث العالمي للأمم المتحدة بأنها موقع تراثي من تلوث وصلت نسبه إلى مستويات غير مقبولة, حيث يسمي المتساكنون البحر “شط الموت”.

رغم هذه التهديدات المحدقة بالعالم العربي فإن الإجراءات للوقاية من تلوث البيئة جراء النشاط الصناعي كفيلة بالمحافظة على توازن يحفظ حياة الإنسان. فقد ذكر مركز بحوث البيئة بجامعة الموصل أنه يمكن تقييم مستويات التلوث الناجمة عن عمليات التصنيع في كل الأقطار العربية واقتراح الاجراءات المناسبة لتحجيم خطورته وتطبيق مبدأ الملوث يدفع ثمن التلوث خاصة للصناعات التي لا تلتزم ببرامج الحد من التلوث وتبني مبدأ إعادة الاستخدام لكل ما يمكن من الموارد الطبيعية داخل الصناعة كوسيلة لتقليل كميات الملوثات المنتجة وإعداد تصاميم وحدات معالجة للمخلفات والفضلات الصناعية بما يتناسب والضوابط البيئة السائدة.

الدعوة إلى طاقة نظيفة هو أيضا حل يخفف من حدّة التلوث الصناعي الذي يشهده العالم العربي في ظل موارد مائية شحيحة وجفاف وتصحر يزحف نحو الأراضي الصالحة للزراعة. بدائل كما تراها منظمات غير حكومية للحد من وضع بيئي متأزم..

شارك
نشر المقال:
تيسير الطرابلسي