التصنيفات: غير مصنف

التعليم الناجع والمفيد ليس بالسهولة التي نتصورها

مؤخراً، بدأت تظهر بعض الممارسات المثيرة للقلق التي يقوم بها الطلاب، الأولى هي طريقة تعاملهم مع مسائل الواجبات المنزلية، حيث كثيراً ما بدأنا نسمع الطلاب وهم يقولون لبعضهم مثلاً: “هل تعاني من مشكلة في حل المسألة رقم 13 من الواجب المنزلي؟ لقد وجدت الحل على موقع (YouTube)، وقد ساعدني ذلك كثيراً، فقط ابحث عنها عن طريق موقع (Google)، وسيمكنك إيجاد جميع الحلول”.

أما الثانية وهي في جزء منها راجعة إلى أستاذ المادة، هي أنه في الغالب الأحيان وعندما يقوم الأساتذة بإعطاء الطلاب مسائل ليقوموا بحلها في الصف، فإنهم عادة ما يتركون الحل مكشوفاً على مكاتبهم بحيث يمكن للطلاب مراجعة إجاباتهم عند الانتهاء من حل المسائل، وذلك بدلاً من مراجعة إجابات الطلاب أولاً من قبل المدرّس ومعرفة أخطائهم، وبهذا يأخذ الطلاب الحل على أنه شيء يمكن الحصول عليه عوضاً عن التفكير فيه والتعلم منه.

إن عملية التعلم صعبة، وهذا هو الدرس الأهم الذي يجب على طلاب العلوم التطبيقية خاصة، وجميع الطلاب عامة، أن يدركوه، فإذا كان الطالب لا يعاني عند القيام بواجباته المنزلية أو الدراسة فهو لا يتعلم شيء، حيث أن عدم الشعور بالحيرة، يعني أن الطالب إما أن يكون مدركاً تماماً للمسألة ويمتلك فهماً كبيراً لها، أو أنه لم يحاول فهمها أصلاً، ومن هنا يمكن القول بأن “الارتباك هو عَرَق التعلم”.

لا يمكن أن نتوقع أن يتعلم الطالب شيئاً إذا ما كان يقوم بالبحث عن إجابات المسائل من خلال (Google)، حيث أنه لكي يتعلم الطلاب عليهم أن يعملوا على حل المسائل وأن يفشلوا في حلها، فالحالة التي يمرون بها خلال حلهم للمسائل هي ما يهم، وليس الحل بحد ذاته، لذلك فإن استخدام الحلول المتوفرة على الانترنت يشبه استخدام عربة جولف لقطع 5 ميل عوضاً عن قطع تلك المسافة على الأقدام، فهي بالتأكيد ستوصلك إلى ذات المكان الذي سيوصلك إليه الركض أو المشي، ولكنها لن تعطيك ذات النتائج من ناحية التمرين العضلي.

ولكن لماذا يعتقد الطلاب أن التعلم أمر بسيط مثل البحث السريع عن شيء ما أو التقاط صورة باستخدام هواتفهم الذكية؟ لا بد وأن يكون هناك أسباب كثيرة تجعل الطلاب يعتقدون ذلك، وقد تكون أولها وسائل الإعلام المنتشرة، فمثلاً، في إحدى المشاهد التي جاءت في فيلم المنتقمون (The Avengers)، قامت وكيلة شركة شيلد (ماريا هيل) بسؤال (توني ستارك) “متى أصبحت خبيراً في الفيزياء الفلكية النووية الحرارية؟”، فأجابها (ستارك): “الليلة الماضية”، وهذا يدل على أن (توني ستارك) هو شخصية رائعة لدرجة أنه استطاع فهم الفيزياء الفلكية خلال ليلة واحدة، ومن هنا يصبح من الطبيعي أن يشعر الطلاب بأنه عليهم أن يكونوا أشخاصاً خارقين لفهم الفيزياء الفلكية، فإما أن تفهمها خلال ليلة واحدة، أو أنك لن تستطيع فهمها مطلقاً، لذلك كان من الأفضل أن يكون رد (ستارك) “حسناً، لقد كنت أحاول العمل على ذلك منذ حوالي 10 سنوات، وقد بدأت مؤخراً أفهمها نوعاً ما”، ولكن ربما لن يكون هذا مناسباً لشخصية (ستارك) الهزلية في الفيلم.

في النهاية يجب القول بأن التعلم ليس ببساطة مشاهدة بعض أشرطة الفيديو وقراءة بعض الكتب بشكل سريع لتستطيع فهم كل ما تريده، فعلى العكس من ذلك، إن التعلم صعب، لكنه يستحق هذا العناء بشكل أكيد.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير