التسويق من البداية إلى النهاية وكل ما تريد معرفته عن المجال

يقف رجل بسيط في وسط السوق المصنوع من خيام قماشية متجاورة ليبيع بعض الأواني وينادي بصوت جهوري “أفضل الأواني … أفضل الأسعار” ويحاول أن يقنع المارة في السوق أن بضاعته هي الأفضل ليشتروا منه.

 لم يعلم هذا الرجل أنه بذلك قام بأول وأقدم نشاط تسويقي في تاريخ التسويق.

ما هو التسويق؟

تم تعريف التسويق في الموسوعة البريطانية (بريتانيكا إنسايكلوبيديا) على أنه:

“مجموع الأنشطة المتضمنة في توجيه حركة تدفق السلع والخدمات من المنتج إلى المستهلك وتتمثل مهمتها الرئيسية في تعزيز وتيسير التبادل بين طرفين.”

وعلى مر الزمان تطور التسويق من الكلمات التي يتم استخدامها في السوق للنداء على أنواع البضاعة المختلفة، إلى الكلمات المطبوعة على ورق يتم توزيعه على نطاق واسع، وصولاً إلى الكلمات التي يتم استخدامها على الأجهزة الرقمية وتستطيع في لحظات الوصول لكل مكان في الكرة الأرضية.

ولكن متى بالتحديد بدأ التسويق؟

أين كانت نقطة البداية؟

بشكل ما بدأ التسويق مع بداية وجود الإنسان على الأرض، فالإنسان يمارس التسويق في حياته اليومية منذ الأزل بشكل غير واعي.

من رجل يريد أن يقنع المرأة التي أعجب بها أنه أفضل من الرجال الآخرين لتتزوجه، للبائع الذي ينادي في السوق على بضاعته بكلمات متناغمة تلتقطها الآذان وتعلق في الأذهان، وحتى الكلمات الدلالية والمفتاحية التي تستخدم في المواقع الإلكترونية لزيادة عدد الزيارات.

ولكن التسويق بمفهومه الحالي كعلم ونشاط منظم للترويج لسلعة معينة قد بدأ أثناء الثورة الصناعية في القرن الثامن والتاسع عشر. كانت هذه الفترة فترة تغير اجتماعي سريع مدفوعًا بالابتكار التكنولوجي والعلمي.

في هذا الوقت ولأول مرة في التاريخ أصبح انتاج السلع والبضائع منفصلاً عن مستهلكيها. الانتاج الضخم، تطوير بنية تحتية للنقل وظهور وسائط إعلامية متعددة صاحبه حاجة المنتجين الملحة لطرق أكثر تطوراً لإدارة توزيع بضائعهم.

تطور التسويق: انتاج مبيعات تسوق

منذ بداية اعتبار التسويق نشاط مستقل له منهج وأدوات مر التسويق بثلاث مراحل مختلفة.

البداية:

في البداية كانت مرحلة التوجه للانتاج، في هذه المرحلة كان لا يزال الانتاج قليل وكان المنتجون يستطيعون بيع كل شيئ يصنعونه تقريباً طالما كان لدى المستهلكين ما يكفي من المال لشراءه.

وكان التركيز في هذه المرحلة على الانتاج والتوزيع بأقل تكلفة ممكنة. بعد ذلك أتت مرحلة التوجه للمبيعات، فمع بداية القرن العشرين وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية زاد الإنتاج بشكل كبير وزادت المنافسة وأصبحت مهمة التسويق الرئيسية هي زيادة المبيعات.

التواصل مع المستهلكين، الإعلانات وصناعة العلامات التجارية أصبحت من المهام الأساسية للتسويق، حيث أصبحت الشركات في حاجة ملحة لبيع الانتاج المتزايد في سوق شديد المنافسة.

في هذه المرحلة كان التسويق لايزال مرتبطاً ارتباطا وثيقاً بالانتاج وكان يركز بشكل أساسي على التوزيع والتواصل مع المستهلك واقناعه أن هذا المنتج أفضل من غيره.

نقلة نوعية:

مع بداية الستينات بدأت الأسواق في الوصول إلى مرحلة من التشبع وأصبحت المنافسة على المستهلكين شرسة. هنا بدأت مرحلة جديدة ومختلفة كلياً وهي مرحلة التوجه للتسويق.

في هذه المرحلة تطورت إدراة التسويق إلى ما نراه الآن في أقسام التسويق الحديثة. أصبح المسوقين يشاركون على مستوى استراتيجي في المؤسسات، حيث يقومون بتحديد ما يجب أن يتم إنتاجه، أين يجب أن يتم بيعه، كم السعر الذي يجب أن تتقاضاه المؤسسة في المقابل، وكيف يجب أن يتم توصيله للمستهلكين.

تطور المفهوم:

المسوقون حديثاً يقومون بدراسة الأسواق والمستهلكين، ثم يحاولون فهم احتياجات المستهلكين (والاحتياجات المحتملة)، بعد ذلك يقومون بتخصيص موارد المؤسسة بشكل مناسب ليلبي هذه الاحتياجات.

مؤخراً يهتم المسوقون بشكل كبير بالعلامات التجارية حيث أصبحت تمثل أهمية كبيرة في تسويق المنتجات. كما يهتم المسوقون أيضاً بأن يكون كل العاملين على درجة من الدراية بالتسويق بحيث يشتركون جميعاً بشكل أو بآخر في أنشطة التسويق.

لقد تطور التسويق بشكل سريع خلال هذا القرن ويستمر في التطور، فأنشطة التسويق التي سيقوم بها المسوقون في نهاية مشوارهم المهني ستكون قد أختلفت بشكل ضخم عن أنشطة التسويق التي نراها حالياً.

لهذا يجب على من يعمل في مجال التسويق أن يكون حساساً جداً للتغييرات والتطورات في المجتمع، التكنولوجيا والاقتصاد العالمي.

التسويق والإعلان وكوب الشاي

هناك مفهوم منتشر أن التسويق هو الإعلان، ولكن هذا المفهوم هو أبعد ما يكون عن الحقيقة. الإعلان هو عبارة عن جزء صغير من أنشطة التسويق، مجردة قطعة صغيرة من الصورة الكبيرة.

فمن الممكن عمل خطة تسويق لا تحتوي أساساً على الإعلان. لنتخيل هذا السيناريو حتى نستطيع تحديد الفرق بين التسويق والإعلان.

أنت تجلس في مكتبك تعمل وتشعر بالإرهاق تغلق عينيك لتصفى ذهنك لتجد هذه العبارة تتردد بإصرار في عقلك “اشرب شاي الواحة وتمتع بالراحة” تتردد الجملة بإصرار حتى تجد نفسك تشعر برغبة شديدة في الحصول على هذا الشاي.

تستمر في عملك وفي طريق عودتك للمنزل تتوقف عند أقرب متجر لتشتري هذا الشاي لتختبر هذا الشعور بالراحة الذي يتردد في عقلك باستمرار أنه يتوفر عن طريق شرب هذا الشاي.

حسناً في هذا المشهد الإعلان هو تلك الجملة التي تلتصق في عقلك وتتردد فيه باستمرار أما التسويق فهو من بحث احتياجاتك وتفهم أنك تتعرض لضغط وأنك تبحث عن ما يساعدك على تخفيف هذا الضغط ولو من خلال لحظة تصفي فيها ذهنك وتشرب مشروب دافئ يساعدك على هذا.

ثم وضع لك هذه الجملة لتسمعها كل صباح من خلال الإذاعة في طريقك للعمل، وهو الذي وضع عبوات الشاي في المتجر القريب منك وهو الذي حدد السعر التي تستطيع أن تدفعه دون أن يثقل ميزانيتك.

التسويق هو الذي وضع لك هذا الكوبون داخل علبة الشاي يغريك بخصم عند شرائك علبة أخرى من هذا الشاي. الآن بات واضحاً الفرق بين التسويق والإعلان.

التسويق والعلامة التجارية والوجه الحسن

من المثال السابق فهمنا ما هو التسويق وما هو الإعلان والعلاقة بينهم. من المصطلحات المهمة أيضاً في عالم التسويق التي يجب أن نتطرق إليها هي العلامة التجارية.

باختصار العلامة التجارية هي الوجه الحسن والتسويق هو نشر الوعي عن هوية هذا الوجه الجميل. العلامة التجارية هي أسلوب موظفينك مع الجمهور واختيار الشعار الذي يوجه هذا الأسلوب سواء كان “الزبون دائماً على حق” أو “نحن نحب الأطفال” أو “نحن نستمع إليك” أو غيرهم.

العلامة التجارية هي مشاركتك المجتمعية سواء كانت دعم مرضى أو مسنادة قضية أو تشجيع سلوك. العلامة التجارية هي الوجه الحسن الذي ترغب أن يتبادر إلى أذهان الجمهور عند التفكير في منتجك. أما التسويق في هذه الحالة هو إيجاد السوق المناسب لترويج هذا الوجه الحسن.

إذن الهوية في المقام الأول هي شيئ معنوي في أذهان الجمهور، ولكن هناك وجود مادي أيضاً يصاحب هذا الوجود المعنوى، وفي الغالب رؤية هذا الوجود المادي يساعد بشكل مباشر على تذكر الوجود المعنوي.

الوجود المادي والمعنوي هما مكملان لبعضهما البعض. هذا الوجود المادي ممكن أن يكون في شكل شعار أو مجموعة ألوان أو ما يعرف عند المصممين بالهوية البصرية.

“التسويق لم يعد يتعلق بالسلعة التي تصنعها، بل بالقصص التي ترويها” سيث جودين – رجل أعمال

استراتيجيات التسويق

حسناً الآن لقد تجولنا بعيداً جداً عن ذلك الرجل الذي كان يقف في البداية في السوق وينادي بصوت جهوري لترويج منتجاته. دعونا نعود لهذه النقطة ونتحدث عن استراتيجيات التسويق.

إذا فكرنا أن هذا الرجل يقف في المكان الخاطئ، مثلاً مدينة يعتمد السكان نظام أكل يعتمد على عدم طهي الطعام لأنهم يعتقدون أنه يفقده فوائده.

فكره بيع الأواني لهولاء ستكون سخيفة جدا وستكون كل الجهود المبذولة من الرجل الذي يحاول البيع هي جهود ضائعة. استراتيجية التسويق تجنب أصحاب الأعمال مواجهة هذا الموقف.

استراتيجية التسويق هي الخطة الشاملة الموضوعة لتحقيق الأهداف التسويقية للمنظمة، ويقدم مخططًا لتحقيق هذه الأهداف التسويقية. يتم إعداد استراتيجية التسويق بعد بحث تسويقي مفصل.

تساعد إستراتيجية التسويق المنظمة على تكريس مواردها المحدودة على أفضل الفرص الممكنة لزيادة المبيعات.

الفوائد العائدة على المؤسسات كبيرة جداً وتؤثر بشكل قوي جداً في نجاح الشركة أو فشلها. توفر استراتيجية التسويق للمؤسسة ميزة تفوق على منافسيها وتساعد الإستراتيجية في تطوير السلع والخدمات مع أفضل إمكانات لتحقيق الربح.

تساعد استراتيجية التسويق في اكتشاف المناطق المتأثرة بالنمو، وبالتالي تساعد في وضع خطة تنظيمية لتلبية احتياجات العملاء. كما تساعد أيضاً استراتيجية التسويق في تحديد السعر المناسب لسلع وخدمات المؤسسة بناءً على المعلومات التي يتم جمعها من خلال أبحاث السوق. تضمن الإستراتيجية التنسيق الفعال بين الإدارات.

فهي تساعد المؤسسة على الاستفادة المثلى من مواردها لتوفير رسالة مبيعات إلى السوق المستهدفة. تساعد إستراتيجية التسويق في إصلاح ميزانية الإعلان مقدمًا ، كما تعمل أيضًا على تطوير طريقة تحدد نطاق الخطة ، أي تحدد الإيرادات الناتجة عن الخطة الإعلانية.

استراتيجية التسويق وخطة التسويق: كيف ولماذا ومتى

هل هناك فرق بين استراتيجة التسويق وخطة التسويق؟ استراتيجية التسويق هي الخطة الشاملة لتحقيق أهداف المؤسسة، أما خطة التسويق فهي الخطوات المرتبة التي سيتم من خلالها تنفيذ هذه الاستراتيجة.

فإذا كانت الاستراتيجة إجابة لسؤال لماذا نقوم بهذا العمل، فالخطة هي كيف ومتى نقوم بهذا العمل.  من المهام الرئيسية لخطة التسويق تحديد أهداف يمكن قياسيها على فترة محددة من الزمن.

أيضاً تقوم خطة التسويق بتحديد شخصية المستخدم/المستهلك، ودراسة جميع المنافسين ثم وضع خطة تنفيذية للأهداف الموضوعة.

التسويق والتسويق الإلكتروني

كان التسويق دائمًا يتعلق بالتواصل مع الجمهور في المكان المناسب وفي الوقت المناسب. هذا يعني اليوم أن المسوق بحاجة إلى مقابلة جمهوره حيث يقضون الوقت بالفعل: على الإنترنت.

هنا ظهر التسويق الإلكتروني. يشمل التسويق الإلكتروني جميع جهود التسويق التي تستخدم جهازًا إلكترونيًا أو الإنترنت. تستفيد الشركات من القنوات الإلكترونية مثل محركات البحث والمنصات الاجتماعية والبريد الإلكتروني ومواقع الويب الأخرى للتواصل مع العملاء الحاليين والمحتملين.

 “سيكون من الصعب جدا على الشركات البقاء في المنافسة دون تسويق”

 نظرًا للانكماش الاقتصادي ، اكتسب التسويق أهمية في السنوات القليلة الماضية من أجل جذب انتباه المستهلكين. أصبح التسويق في القرن الحادي والعشرين أحد الاستراتيجيات الرئيسية التي تستخدمها المؤسسات في جميع أنحاء العالم.

لا يمكن للشركات استخدام إستراتيجية تسويقية بسيطة تلبي حاجة جميع الأسواق والمستهلكين لأنهم متتعدون ومختلفون بحيث لا يمكن التعامل معهم بشكل جماعي وهذا بسبب استمرار التغيير في المجتمع الحديث.

أدت التغيرات الثقافية والتطورات في التكنولوجيا إلى تقسيم السوق إلى العديد من القطاعات. ولكي تتمكن أي مؤسسة من الحصول على حصة كبيرة في السوق ، يجب عليها وضع استراتيجيات سوق ناجحة وتحقيق أقصى استفادة من التكنولوجيا.

شارك
نشر المقال:
Hend Abdelaziz