التصنيفات: غير مصنف

استخدام الهواتف الذكية كأداة مجهرية لاكتشاف وجود الطفيليات في الدم

قم بوخز إصبعك، ومن ثم تحقق من وجود أي نوع من الطفيليات المحتملة في كمية الدم الناتجة، وذلك باستخدام هاتفك الذكي، هذه هي الطريقة التي اقترحها العلماء للمساعدة في مكافحة الأمراض في المناطق النائية من العالم، ففي أحدث الأبحاث التي قامت بها جامعة كاليفورنيا، في بيركلي، استخدم الباحثون طريقة التقاط مقاطع الفيديو بالدقة المجهرية من خلال الهاتف الذكي للكشف عن طفيليات كانت تعتبر تحدياً في أجزاء من أفريقيا الوسطى، وهي عبارة عن ديدان طفيلية صغيرة تسبب بعض الالتهابات الخطيرة.

أظهرت دراسة تجريبية صغيرة في الكاميرون أن هذا الجهاز يمكنه في غضون دقائق قياس تحركات بعض أنواع الديدان ضمن الدم الناتج عن وخزة الإصبع، وتحديد الأشخاص الذين يكونون بحاجة ماسة للدواء بشكل سريع، ومن هم أيضاً في خطر للتعرض لآثار جانبية شديدة من هذه الأدوية.

تبعاً لما أفاده الفريق في مجلة (Science Translational Medicine)، فإنه إذا ما ثبتت فعالية هذا الابتكار الذي يدعى بـ”CellScope Loa” في التجارب الأكبر، فإنه يمكن أن يساعد في إحياء برنامج القضاء على الأمراض التي تسبب العمى والإعاقة في المنطقة.

يمكن اعتبار هذه التقنية على أنها مختبر محمول رخيص الثمن، ولا يتطلب وجود فني مختبرات لاستخدامه، كما أنه جزء من النزعة لاستخدامات الهواتف الذكية في المجال الطبي في أمور أكبر من مجرد القيام ببعض المهام البسيطة مثل قياس دقات القلب أو إرسال صور لبقعة جلدية مشبوهة عبر البريد الإلكتروني للطبيب.

يشير الدكتور (بيتر هوتز) من كلية بايلور للطب، وهو متخصص في الأمراض المدارية المهملة، بأن هذه التقنية هامة للغاية، فهي عملية جداً في القرى النائية، لأنها لا تتطلب وجود عمال صحيين مدربين تدريباً خاصاً لاستخدامها، كما أنها تغني عن وجود المعدات المرتفعة الثمن.

إن هذه التقنية هي الأحدث في سلسلة محاولات استخدام الهواتف الذكية كمختبرات مصغرة، وهي تأتي بعد قيام علماء جامعة كولومبيا مؤخراً بتطوير جهاز مدعوم من الهاتف الذكي للكشف عن علامات فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الزهري في الدم، وحالياً يقوم الأطباء في مستشفى ماساتشوستس العام بإجراء البحوث لتطوير أداة يتم تثبيتها فوق كاميرا الهاتف الذكي للكشف عن السرطان في عينات الدم أو الأنسجة، وبحسب (هوتز) فإن هناك باحثين آخرين يستخدمون كاميرات الهاتف للكشف عن الطفيليات المعوية في عينات البراز.

تطرق هذا البحث إلى معضلة تشهدها الصحة العامة، وهي أن هناك دواء يدعى (ايفرمكتين) يمكنه محاربة نوعين من الديدان المجهرية التي تصل إلى الإنسان عن طريق لدغات الحشرات وتسبب التهابات شديدة في كثير من دول أفريقيا – وهما عمى النهر وداء الفيل-، وهذه الديدان الطفيلة غالباً ما تؤدي إلى حدوث أورام تسبب الإعاقة، ولكن المشكلة تكمن بأنه كان لا بد من إيقاف الحملات العلاجية في أجزاء معينة من أفريقيا الوسطى، وذلك لأن بعض الأشخاص كانوا يعانون من نوع ثالث من الديدان، يسمى الـ(لوا لوا)، وهي دودة يمكن أن تسبب رد فعل عصبي قاتل إذا ما تعرضت للدواء، وبحسب الدكتور (توماس نتمان) من المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة من هو في خطر للإصابة بردة فعل سلبية تجاه هذا الدواء هي إجراء اختبار دم يدوياً، وهذا الاختبار قد يستغرق ساعات ويتطلب وجود عمال مدربين خصيصاً من غير المحتمل وجودهم في برامج العلاج الجماعي.

ما قام الباحثون بابتكاره هو جهاز محمول يحول الهاتف الذكي إلى جهاز لتصوير الفيديو بطريقة مجهرية، ويستخدم برامج مخصصة لتسجيل وتحليل الحركات في خلايا الدم التي يمكن أن تدل على وجود يرقات الدود من خلال تلوياتها، كما أن طريقة عمل هذا الجهاز بسيطة جداً، فهو لا يتطلب سوى وضع الدم الناتج عن وخزة الإصبع في أنبوب صغير، وإدخال الأنبوب في طابعة قاعدية ثلاثية الأبعاد، وبعد ذلك لا يتبقى سوى وضع الهاتف الذكي فوق العينة ولمس شاشته ليبدأ التطبيق ونظام معالجة الصور بتحليل حركة الديدان، وتحديد مدى خطورة الحالة من خلال حجم وشكل هذه إلتواءاتها.

ذكر الباحثون بأن نتائج استخدام هذا الجهاز على 33 شخص، كانت مماثلة للاختبارات التي تمت عن طريق المجهر التقليدي، وبحسب (نتمان) فإن الفريق يأمل بأن يقوم باختبار الجهاز في دراسة تضم 30,000 شخص على الأقل في الكاميرون هذا الصيف، ويضيف أن تكلفة الجهاز قد تتراوح بين 50 و100 دولار، بدون الهاتف طبعاً.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير