التصنيفات: غير مصنف

ابتكار أجهزة عضوية اصطناعية قائمة على رقائق مجهرية

يعمل العلماء على تطوير أعضاء بشرية وهمية يمكن أن تتسع في راحة اليد، وقد تم تصميم هذه الأعضاء التي تقوم على رقاقات مجهرية، وسيتم استعمال هذه الأعضاء لاختبار الأدوية والمساعدة في فهم أساسيات عمل الأجهزة العضوية في حالتها الصحية وعند إصابتها بالمرض، فمثلاً يجري حالياً تطوير قناة هضمية على رقاقة مجهرية في كلية جونز هوبكنز للطب، بهدف التعرف على الآفات الهضمية التي يمكن أن تصيب هذه المنطقة.

يشير الدكتور (مارك دونويتز)، أنه مهتم جداً في حل مشكلة أمراض الإسهال، حيث يتوفى أكثر من 800,000 طفل سنوياً من هذه الأمراض – وخاصة من الكوليرا وفيروس الروتا وسلالات معينة من بكتيريا الإشريكية القولونية-، وقد فشل الباحثون حتى الآن في إيجاد أدوية لعلاج الإسهال باستخدام طريقة زراعة الخلايا وإجراء التجارب على أمعاء الفئران، وذلك لأن أمعاء الفئران لا تتفاعل بالطريقة ذاتها التي تتفاعل بها أمعاء الإنسان مع هذه الجراثيم، لذلك فإن إجراء التجارب على الفئران ليس مفيداً لدراسة أمراض القناة الهضمية.

هذا ما دفع الدكتور (دونويتز)، وفريقه لبناء ما يأملون بأن يكون وسيلة أفضل بكثير لدراسة هذه الأمراض، وهي القناة الهضمية التي تقوم على قواعد من الرقاقات المجهرية، والحق يقال، فحتى الآن لا يوجد الكثير لنراه، حيث أن الجهاز هو عبارة عن صفيحة رقيقة من الزجاج، مجهزة بشريحة مجهرية بلاستيكية وتجويف صغير (غرفة) في الداخل، كما أن هناك نصف دزينة من الأنابيب الدقيقة الحجم تتدلى من الجهاز، والسبب الذي يقف وراء وجود هذا العدد من الأنابيب هو وجود فراغ في الحيز الذي من شأنه أن يتسبب بتمدد الغشاء، بذات الطريقة التي تتمدد فيها الأمعاء أثناء تحرّك الغذاء فيها.

يقوم مبدأ الجهاز على وضع خلايا مأخوذة من أمعاء بشرية في الغرفة الصغيرة حول الغشاء، وبعد ذلك ستقوم الخلايا بالانقسام، والنمو، وستقوم بتنظيم نفسها بذات الطريقة التي تفعلها عندما تكون داخل الجسم البشري، وعندما يبدأ الجهاز بالعمل، سيكون باستطاعته أن يحتوي على 50,000 خلية معوية، وستكون الخطوة الأولى في هذا البحث، معرفة ما إذا كانت الخلايا في الجهاز المصطنع ستتفاعل مع الأمراض بالطريقة ذاتها التي تتفاعل فيها الخلايا في أمعاء الإنسان.

مازال الباحثون يعملون على تطوير هذه التقنية، فحتى الآن قامت الأمعاء التي تقوم على أساس رقاقات مجهرية بإنتاج الإنزيمات الهضمية والهرمونات والمخاط، لكنها لم تقم بتطوير الأجزاء الأخرى من أمعاء الإنسان، مثل الأوعية الدموية أو الخلايا العصبية، وهذه الخطوة تعتبر مهمة فيما إذا كان الباحثون يرغبون في الانتقال من الأعضاء البسيطة إلى النظم الأكثر تعقيداً.

بمجرد أن يتم بناء هذا النظام بشكل كامل، ستكون إحدى الاستخدامات المحتملة له، هي اختبار الأدوية المحتملة للأمراض التي تجري دراستها، ويعتقد الباحثون بأن هذا يمكن أن يكون خطوة حقيقية إلى الأمام في طريق الحد من الوقت الضائع في تطوير العقاقير الغير نافعة، وفي حين أن مختبر جامعة جونز هوبكنز يعمل على تطوير القناة الهضمية، تقوم مختبرات أخرى منتشرة في أنحاء البلاد بالعمل على تطوير أجهزة أخرى في الجسم، وبهذا سيكون لدينا قريباً أدمغة قائمة على أساس رقاقات مجهرية، وأعضاء أخرى مثل الكبد والقلب وهلم جرا.

يشير (دانيلو تاجل)، وهو المنسق العام لهذه العملية في المركز الوطني لتطوير العلوم الحركية، أن الهدف الحقيقي من وراء هذا العمل، هو ربط جميع أعضاء الجسم معاً، ولذلك سيبدأ العلماء بالعمل بشكل جماعي للوصول في نهاية الأمر لتجميع إنسان كامل قائم على أساس رقاقة مجهرية – على الأقل من وجهة نظر العلماء المهتمين باختبار الأدوية، فالدماغ القائم على أساس رقاقة مجهرية لن يستطيع التفكير بالطبع.

يضيف (تاجل) أنه باستخدام هذا المنهج، سيكون بإمكان الباحثين تحديد الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا أكثر استجابة لبعض الأدوية المعينة، أو تحديد مجموعة فرعية من الأشخاص الذين قد يكونون أكثر عرضة للآثار الضارة لبعض الأدوية المعينة، كما أنه من المتوقع أن تحل هذه التقنية مكان الفئران المخبرية في البحوث الطبية خلال وقت قريب، وهناك أيضاً الكثير من المجالات التي يمكن للصناعيين والأكاديميين العمل عليها لبناء وتحسين هذه الأجهزة الحيوية التي تقوم على أساس رقاقات مجهرية.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير