التصنيفات: الصحة الجيدة

أسرار الأحلام (حراس النوم)

الحلم هو سلسلة من التخيلات التي تحدث أثناء النوم، والتي تختلف في صورها ومضامينها من شخص لآخر، ويرجع أصل الأحلام إلى نشأة البشرية، حيث تعود آثار الاحلام إلى الألواح الحجرية التي ترجع إلى (سومر) وهي أقدم حضارة عرفتها البشرية، كما اعتقدت بعض الشعوب القديمة مثل الإغريق أن الأحلام عموماً هي هبة من الآلهة لكشف معلومات للبشر وزرع رسالة معينة في عقل الشخص النائم، كما نال تفسير الأحلام نصيباً من الدراسة في جميع الأديان السماوية، فقد اهتم الدين المسيحي بتفسير الأحلام وقسمها إلى ثلاثة أقسام (الأحلام التنبؤية – الأحلام الشيطانية – الأحلام الطبيعية)، أما الإسلام فلقد اعترف بالرؤيا كما وضع الكثير من التفسيرات حول ماهية الاحلام، ويعد كتاب (تفسير الأحلام) لإبن سيرين، من أهم المراجع الدينية الإسلامية لتفسير الاحلام، أما بالنسبة للدراسات العلمية، فلقد كان أول من بحث في الحلم وأساسه ودوافعه هو العالم النفسي الشهير (سيغموند فرويد)، وترجم خلاصة دراسته في كتابه الشهير (تفسير الأحلام)، وهو أول كتاب يفسّر الحلم وفق أسس علمية ومنطقية، كما قدّم العالمين النفسيين (ألفريد أدلر) و (كارل يونغ) نظريات نفسية مختلفة حول تفسير الأحلام.

بشكل عام، وعلى الرغم من قِدَم الأحلام وارتباطها مع نشأة الإنسان، إلا إن العلم حتى هذه اللحظة لم يستطع سبر أغوار الأحلام، ولم يستطع أن يضع نظرية متكاملة وموثوقة عن الأحلام، ويرجع السبب بذلك لكون الاحلام لا تعبّر عن نشاط بشري واع، بل هي عبارة عن صور وتخيلات يقوم الدماغ بربطها سوياً، لتنتج أحداث قد تكون واقعية وقد تكون أغرب من الخيال.

لكن على الرغم من التضارب العلمي حول أساس وماهية الأحلام، إلا أن هناك بعض النقاط التي أصبحت نظريات مبدئية، يمكن التعويل عليها للشروع في دراسات أكثر تكاملاً حول الأحلام، وسنحاول هنا أن نضع بعض هذه النقاط بين أيديكم، علّها تكشف الحاجز ما بين الإنسان وما بين عالم الأحلام الخفي والمجهول :

  • لا أحد يعلم تماماً لماذا يحلم الإنسان، فما تزال هذه المرحلة مجهولة لدى طب النوم، ولكن بحسب (تشارلز باي)، وهو اختصاصي في طب النوم في كليفلاند كلينيك، فإن الأحلام تساعد الأشخاص على معالجة العديد من أنواع المدخلات الحسية التي تحدث خلال اليوم، فهي تعمل كدفتر يوميات داخلي، يتم فيه كتابة بعض التعليقات على أحداث حياة الشخص أثناء نومه.
  • يحدث الحلم طوال الليل، وليس فقط أثناء مرحلة النوم الذي تكون فيه حركة العين سريعة (REM)، فالأحلام التي تحدث في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، والذي عادةً ما يكون في النصف الثاني من الليل، تميل لأن تبدو أكثر حيوية وأكثر بعداً عن الواقع، فإذا حلم شخص ما بأنه يقفز من الطائرة وهو يرى الصواريخ من حوله، فمن المؤكد أن هذا الحلم يحدث في مرحلة النوم (REM)، بينما من الناحية الأخرى تبدو الأحلام خلال الأرباع الثلاثة الأولى من النوم عادية وأكثر واقعية.
  • يمكن للإنسان أن يتذكر حلمه إذا ما استيقظ أثناءه، أما إذا لم يستيقظ الشخص أثناء رؤيته للحلم، فإن ذكرى الحلم ستمحى عند الاستيقاظ، كون الدماغ لا يكون قادراً على تحويل الصور والذكريات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى أثناء النوم.
  • يمكن للأطعمة الغنية بالتوابل أن تزيد من فرص تذكر الأحلام والكوابيس، كونها تزيد من فرص الاستيقاظ أثناء النوم، لذلك فالوجبات الثقيلة لا علاقة لها بتوليد الأحلام، بل تؤثر هذه الوجبات على إمكانية تذكر الحلم.
  • قد يكون الإنسان قادراً على تغيير أحلامه السيئة، حيث يعتقد الكثير من المعالجين النفسيين أنه من الممكن إعادة كتابة الكوابيس، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يدرب الأشخاص أنفسهم، على التعرف على الحلم عند رؤيته وتمييزه عن الواقع، وذلك بقولهم لأنفسهم: “هذا مجرد حلم”، كما أن بعض المرضى جاءوا بأفكار تعمل بطريقة مجدية جداً، حيث يقومون بارتداء سوار أثناء النوم، فإذا كان هذا السوار غير موجود في الحلم، عندها يعلمون أنهم يحلمون، وعند التعرف على الحلم يمكن لصاحبه تغيير مجرى احداثه.
  • يستمر الدماغ بالعمل أثناء النوم، فمرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، ليست وقتاً للراحة بالنسبة للدماغ، حيث يتم تحفيز الدماغ على مستوى عال في جميع أطوار النوم الذي تتخلله الأحلام، وهذا التحفيز هو ما يولّد الصور أثناء الحلم، ولذلك يأتي النشاط الدماغي كنوع من رد الفعل على ذاك التحفيز بهدف تفسيره، بمعنى آخر، عندما يكون الشخص واعياً فإن التحفيزات تأتيه من العالم الحقيقي، وعندها يكون الدماغ مدركاً للعالم الحقيقي كما هو، أما عندما يكون الشخص نائماً، فالتحفيزات تأتي بشكل صور يراها أثناء الحلم، وفي هذه الحالة يحاول الدماغ فهم كل هذه الصور والأفكار والأصوات العشوائية التي لا معنى لها، وعندها يقوم ببناء حلم من جميع تلك الصور.
  • من الصعب فصل وظيفة النوم عن وظيفة الحلم، فوظيفة النوم هي تقليص نطاق الأشياء بحيث يكون الدماغ جاهزاً وقادراً على التعلم في صباح اليوم التالي، أما الأحلام فهي عبارة عن أشياء يولّدها الدماغ أثناء قيامه بعملية إعادة توازنه، فإذا كان أحد الأشخاص يبدأ يومه بـ 100 نقطة من نقاط الاشتباك العصبي، وينهيه بـ 125 نقطة، سيكون بحاجة إلى إعادة ترتيب هذه النقاط لتعود إلى 100 نقطة فقط، وإلا سيكون عليه أن يبدأ نهاره في اليوم الثاني مع 150 نقطة اشتباك عصبي، وهذا سيسبب الإرهاق للشخص في مرحلة ما من مراحل اليوم.
  • الأحلام قد تساعد الأشخاص في عملية معالجة ودمج الذكريات، ففي إحدى الدراسات، قام الباحثون من جامعة هارفارد بالطلب من المشاركين بالدراسة أن يقوموا بالتنقل عبر متاهة ثلاثية الأبعاد، ومن ثم أعطوهم الخيار بأخذ قيلولة لمدة 90 دقيقة، أو البقاء في حالة الاستيقاظ، وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين أخذوا قيلولة، وادعوا بأنهم حلموا بالتجربة، كان أداؤهم داخل المتاهة أفضل بكثير من الأشخاص الذين ظلوا مستيقظين، حيث يبدو أن الدماغ قام بترميز الصور بصرياً.
  • الأحلام لا تتنبأ بالمستقبل، وجميع ما يتم ذكره عن النبوءات المتعلقة بالحلم ما هي إلّا ظاهرة إحصائية ليس إلّا، ولكن البشر بطبيعتهم يسعون لإيجاد معنى لهذه القصص الليلية.
  • لا أحد يتفق حول معنى الحلم، فقد دعا (سيغموند فرويد) الأحلام “بحرّاس النوم”، وقام ببناء نظريته النفسية على أساس أن الحلم هو تعبير عن الدوافع والرغبات المكبوتة ، مثل العدوان والجنس، وعلى الرغم من أن بعض الناس يصرّون أن (فرويد) كان على حق، يرى بعضهم الآخر أن الأحلام لا تحمل في طياتها أي معنى.
شارك
نشر المقال:
فريق التحرير