التصنيفات: الصحة الجيدة

Neuroplasticity | المرونة العصبية

 

الدماغ يتكون من نيورونات أو خلايا عصبية. السؤال هنا كيف يمكن لهذه الخلايا العصبية القيام بمهمات مثل الذاكرة واللغة. اليوم سنلقي بعض الضو على ما يسمى بالمرونة العصبية.. وهي إحدى ميزات الدماغ التي تجعله أداة مميزة للإنسان عن غيره

تعمل الخلايا العصبية بإرسال إشارات عصبية على أسطحها. تجري هذه الإشارات عادة في اتجاه واحد؛ من رؤوس الخلايا لأذيلها. هذه الإشارات تكون عبارة عن إشارات كهربائية، تحديدا هي إشارات أيونية وليست إلكترونية. وعلى عكس ما نراه في التلفاز، الأعصاب لا ترسل الإشارات داخلها، بل على سطحها كما قلنا. بالإضافة إلى أنها لا تشع ضوءا عند إرسال هذه الإشارات

هذه الإشارات يجب أن تنتقل إلى خلايا مجاورة لاستكمال طريقها لهدف الرسالة العصبية. ولكن هذه الخلايا لا تلامس بعضها البعض. وفي الحقيقة هناك فراغات بين الخلايا العصبية تسمى مشبك كيميائي. المشبك الكيميائي يتكون من ذيل خلية عصبية، ورأس الخلية العصبية التالية والفراغ الذي بينهما. تنتقل الإشارات العصبية عبر هذه الفراغات باستخدام ما يسمى بالنواقل العصبية. النواقل العصبية هي مواد كيميائية موجودة داخل المشابك الكيميائية ووظيفتها، كما قلنا، هي نقل الإشارة العصبية من خلية لأخرى

لماذا يحتوي الجهاز العصبي على هذه المشابك الكيميائية؟ لماذا يوجد فراغات بين الخلايا العصبية؟ ولماذا تعتمد الخلايا العصبية على النواقل العصبية لنقل الإشارات العصبية في عملية معقدة؟ مع العلم أن ناتج هذه العملية يبطئ من سرعة انتقال الإشارة من خلية لأخرى

Chemical Synapses | المشابك الكيميائية

المشابك العصبية هي الوسط الذي تتواصل فيه النيورونات. هي السبب التي يجعل لدينا ذاكرة ويتيح لنا القيام بعملية التفكير. دعونا نشرح قليلا، ليس هناك منطقة معينة في الدماغ حيث توجد الذاكرة. لا يوجد هناك مركز للذاكرة بحيث يمكن نزعه (كجهاز قرص صلب) وبالتالي يفقد الإنسان ذاكرته. في الحقيقة توجد مناطق كثيرة في الدماغ حيث تخزن الذاكرة. ما يحصل هو عندما تمر بتجربة ما (سواء كانت سيئة أو حسنة) تقوم نيورونات دماغك بإعادة ترتيب نفسها وشكلها. وبالتالي تتكون مشابك جديدة في الدماغ. الطريق المكون من عدة مشابك كيميائية والذي تعبر من خلاله الإشارات العصبية هو المكان الذي تخزن فيه الذاكرة. بمعنى آخر، الذاكرة ما هي إلا مجموعة من الطرق المكونة من مشابك الكيميائية داخل الدماغ

عندما تحاول حفظ معلومة ما، ما تقوم به هو انتاج مجموعة جديدة من المشابك العصبية بين النيورونات والتي تحفظ فيها الذاكرة. لاسترجاع هذه المعلومة أو الذكرى، ما يقوم به الدماغ هو إرسال إشارة عصبية خلال مجموعة المشابك الكيميائية المكونة لهذه الذكرى.في بعض الأحيان يحاول المخ لاسترجاع ذكرى معينة ولكن لا يستطيع. هذا يحدث لأن الطريق الذي يفترض أن تسلكه الإشارة العصبية لم يعد كاملا. بمعنى آخر،أحد أو بعض المشابك الكيميائية في هذا الطريق تغير أو تم مسحها. ولم يعد يستطيع المخ غير إيجاد جزء من المشابك الكيميائية المكونة لهذه الذكرى

Broca and Wirnecke’s areas | منطقتي بروكا وفيرنيكي

كما رأينا سهولة انتاج مشابك كيميائية جديدة، فهو من السهل أيضا إلغاؤها. أحد المناطق في الدماغ الأكثر ديناميكية والتي تستطيع انشاء مشابك كيميائية وإلغاؤها بسرعة هي منطقة بروكا (والتي ذكرناها في مقال سابق). منطقة بروكا هي أحد المناطق المسؤولة عن اللغة. لهذا يمكننا تعلم اللغات بسرعة ولكن يمكننا نسيانها بسرعة مع قلة الاستخدام

عندما يستخدم الدماغ بعض هذه الطرق أو يتذكر بعض الأحداث أو يفكر بطريقة معينة بكثرة يبدأ بإنشاء مشابك كيميائية جديدة لهذه الأفكار لتمكين الإشارات العصبية من العبور من هذا الطريق بطريقة أسرع. تقوية الطرق العصبية يفسر لماذا يمكننا استرجاع بعض الذكريات أسرع من غيرها. ويمكنها أيضا تفسير لماذا للبشرشخصيت مختلفة وطرق مختلفة في التفكير

ما شرحناه إلى الآن هو ما يسمى بالمرونة العصبية. وهي باختصار قدرة الدماغ على التغير والتكيف مع المعطيات الجديدة وقابليته على القيام بالمهمات الاعتيدية بطريقة أكثر كفاءة. يمكننا استخدام فكرة المرونة العصبية في تفسير كثير من الظواهر. الأمراض العصبية على سبيل المثال، ولكننا لن نتكلم عن هذه الأمراض لأن المقال لا يتسع لذلك. ولكن سنلقي الضوء على قدرة الدماغ على إصلاح نفسه. النيورونات لا تنموا وتتكاثر بكفاءة عالية كبقية خلايا الجسم. وبالتالي لا يمكن للدماغ إصلاح نفسه كما يفعل باقي الجسم. ولكنه يستطيع استعادة الوظائف المفقودة عن طريق إيجاد طرق جديدة تمكن للإشارات العصبية الوظيفية المرور من خلالها

هذا يوصلنا إلى تقنية جديدة تمكن ضريري البصر من الرؤية من خلال ألسنتهم. هذه التقنية تعمل سواء كان سبب العمى هو فقدان العين لقدرتها الوظيفية أو عطب ما في العصب البصري الذي يصل العين بالدماغ. هذا الجهاز يتكون من كاميرا مثبتة على نظارات يرتديها المستخدم. هذه الكاميرا موصولة بجهاز صغير؛ بحجم جهاز الجوال تقريبا. يخرج من هذا الجهاز قطعة بلاستيكية مسطحة تحتوي على عدة أقطاب كهربائية. توضع هذه القطعة البلاستيكية على اللسان. كل قطب من هذه الأقطاب يمثل مجموعة من البكسلات التي تراها الكاميرا. البكسلات البيضاء ترسل نبضات كهربائية قوية نسبيا. أما البكسلات السوداء لا ترسل أية نبضات كهربائية.

النتيجة النهائية لهذا الجهاز وباستخدام المرونة العصبية للدماغ، يقوم المخ بترجمة هذه النبضات الكهربائية إلى صور سوداء وبيضاء. تأخذ العملية 15 دقيقة حتى يبدأ الدماغ تفسير المعلومات القادمة من الجهاز واستيعاب المساحات حول الكاميرا

من المدهش فعلا ما يمكن الدماغ البشري فعله. وحتى بمقاييس عصر القنية الفائقة، المخ له قدرة استثنائية على التفكير، والحساب وصناعة الذكريات

Brain Chemistry by Afar.net | كيمياء الدماغ بواسطة أصفار.نت

منقول عن موقع تعرف دي

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير