اخر الأخبار

ولادة أول طفلتين معدلتين وراثيًا في العالم !

قام مجموعة من العلماء في الصين باستخدام أداةٍ فعالة للتعديل على الجينات من خلال التخلص من الجينات الغير مرغوبة في الأجنة البشرية والذي أدى لخلق أول مولود بشري معدل وراثيًا.

حيث ظهر العالم هي جيانكوي (He Jiankui)  في فيديو نُشر عبر الانترنت في 25 نوفمبر 2018 عن طريق استخدامه أداة (CRISPR-Cas9) – و هي أداة تم استخدامها لتحرير الجينات والتي أحدثت ثورة في مجال علم الوراثة في العقد الماضي-  عبر حذف الجين البشري من أجل تطوير المناعة لمقاومة مرض نقص المناعة المكتسبة (HIV). حيث قال أن تلك الأجنة تم تطويرها على طفلتيين رضيعتين أصحاء- توأمين مولودتين لولو و نانا . كما  أن التوأمين ولدتا بصحة جيدة قبل بضعة أسابيع مثل أي طفلين آخرين طبيعيين”.

علاوة على ذلك، فإن مجموعة من العلماء تعتقد أن مثل هذه التغيرات يمكن أن يكون لها مشاكل صحية بعيدة المدى وغير متوقعة في حال وضعنا كل المخاوف الأخلاقية الحقيقية لاستخدام هذه التكنولوجيا للتلاعب بالجينات البشرية على حدة.

كما أنه ووفقًا لما ذكرته سي إن إن (CNN)، فإنه في الواقع لم يتم التحقق من صحة إدعاء جيانكوي حيث نفت المستشفى التي يعمل فيها عن قيامه بهذا الاجراء. لكن مع ذلك لا يزال الوسط الطبي والعلمي يتعامل مع هذا التصريح بتخوفٍ وغضب وفقًا للتقارير الإخبارية التي صدرت مؤخرًا.

كما وقال د. مظهر العدلي (Mazhar Adli) عالم الوراثة في كلية الطب بجامعة فيرجينيا “صحيح أن عملية التعديل التي أُجريت على الأجنة ستمنع الإصابة بفيروس بنقص المناعة المكتسبة لكن المشكلة تمكن في أن الجين المحذوف (CCR5) يقوم بوظائف أكثر بكثير من مجرد المساعدة في الحد من عدوى نقص المناعة المكتسبة فحسب، بل ويشمل أيضًا مساعدة خلايا الدم البيضاء في عملها بشكل فعال”

وأضاف عدلي ” إن حذف جينًا واحدًا قد لا يغير الطريقة التي ستعمل بها الجينات الأخرى بل سيغير أيضًا السلوك الكلي للخلية البشرية و النمط الظاهري* (Phenotype) للكائن الحي وبالتالي فإن المشاكل المتوقعة من هذه العملية أكبر بكثير”

*النمط الظاهري: هو التكوين الظاهري الفيزيائي للكائن الحي. وهو عبارة عن مجموعة الخصائص أوالسمات الظاهرية الفيزيائية الخاصة بالكائن الحي،  مثل شكله، نموه، خصائصه الكيميائية الحيوية والفيزيولوجية، ظواهره، سلوكياته، ونواتج سلوكياته (مثل أعشاش الطيور)، وأي جزء مما يظهر من مبناه، وظيفته، أو سلوكه.

كما وذكر العالم فنغ شانغ (Feng Zhang) من معهد برود (Broad Institute) وهو أحد العلماء الرائدين في استخدام تقنية (CRISPR) لتعديل الجينات عبر بيان صادر له “يلعب هذا الجين (المحذوف) دورًا مهمًا في المساعدة على الوقاية من عدوى فيروس غرب النيل بالتالي فإن عملية حذف هذا الجين من الجينوم سيجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بالمرض”  وخصوصًا أن الجينات لا تُوجد بصورة منفصلة فهي في تفاعل مستمر مع الجينات الأخرى الأمر الذي قد يؤدي لآثارٍ خطيرة وكبيرة على الكائن الحي.

كما ونُشر تقرير في مجلة نيشتر بايتوتكنولوجي (Nature Biotechnology) أن استخدام تقنية (CRISPR-Cas9) قد يكون أكثر ضرارًا مما كان يُعتقد سابقًا إذا ما تم تغيير أجزاء كبيرة من الحمض النووي من دون قصد.

حيث قال الدكتور أفنير هيرشلاغ . (Avner Hershlag) رئيس نورثويل هيلث للخصوبة في مانهاست في نيويورك (Northwell Health Fertility in Manhasset, New York) عبر مقابلةٍ لمجلة لايف ساينس العلمية أنه ” إذا ما تم استخدام هذه التقنية فإنه يجب استخدامها بحذر شديد لأنها مرتبطة بالعديد من المشاكل الأخرى، حيث أن الوصول إلى هذا الجين وإزالته من الممكن أن يؤدي إلى آثار غير متوقعة – خارج ” الجين المستهدف ” – في مكانٍ آخر من الجينوم، إذ أنه من المحتمل أن بروتين (Cas9) – والذي تم برمجته لاقتطاع جزء معين من الجينوم- يمكن أن يؤدي إلى اقتطاع جزء آخر في الجينوم، الأمر الذي يؤدي لتغيرات غير مرغوب فيها”

وأضاف هيرشلاغ “إن هناك ظروف وراثية رئيسية لا تظهر إلا في وقت لاحق من الحياة.. حيث أن التغييرات الجينية منتقلة عبر الأجيال. وأن هناك خطر حدوث الفيسفساء الجينية*، حيث أن الخلايا الموجودة في جسم الانسان تحمل عادة مجموعة متماثلة من الجينات لكن لفظ الفسيفساء يشير إلى حدوث خلل في بعض الخلايا- تغيير جيني بسبب تعديل الجينات- وأن هذا الأمر في حد ذاته من الممكن أن يؤدي إلى الاصابة بمرضٍ آخر” كما أنه من الغير المتوقع أن يلاحظ الطبيب حدوث هذه التغيرات في الجينوم حتى يتم ولادة طفل أو في وقت لاحق من حياته.

*الفسيفساء الجينية (Genetic mosaicism) تحدث عندما تحتوي بعض خلايا الجسم على دنا متحوِّر، في حين لا يحدث هذا في الخلايا الأخرى، وبالتالي يكون لدى الشخص المصاب بالفسيفساء الجينية مزيج من خلايا سوية وأخرى مصابة بالطفرة. وربطت دراستان جديدتان الحالة المعروفة باسم الفسيفساء الجينية بحالات مثل الشيخوخة والسرطان. (ويكيبيديا)

وأشار د.عدلي وهيرشلاغ أنه عندما يتعلق الأمر بعلاج مرض فيروس نقص المناعة المكتسبة فإن هناك طرقًا أكثر أمانًا وسهولة من ذلك. على سبيل المثال فإن العلاج باستخدام حبوب “PrEP” أكثر فعالية في منع العدوى بناء على ما أثبتته التجارب العلمية.

وأضاف د. عدلي ” من سيتحمل مسؤولية هؤلاء الأطفال في المستقبل عندما يمكن للأطفال الآخرين من أقرانهم العلاج بحبة بسيطة أما عملية تعديل الجينات تحمل آثارًا جانبية من الغير المتوقع أو التعرف على ماهيتها؟