التصنيفات: الصناعة والإبتكار

هل تعمل أجنحة الحشرات كأجهزة للحفاظ على التوازن؟

يمكن للعديد من الحيوانات أن تتحرك بدقة متناهية تفوق أي من الطائرات والتقنيات الهندسية التي نمتلكها، على الرغم من عدم امتلاكهم لأي جهاز لحفظ التوازن (جيروسكوب)، حيث أن وجود هذا النوع من الأجهزة يعتبر نادراً في الطبيعة.

يستخدم البشر أجهزة حفظ التوازن في كل مكان في حياتهم اليومية، فهي توجد في أغلب التقنيات التي نستخدمها، من المركبات الجوية التي تعمل بدون طيار إلى شاشات أجهزة الهواتف الخليوية، ولكن بالنسبة لعالم الحيوان والحشرات، فحتى الآن لا يعلم العلماء عن وجود مثل هذه الأجهزة سوى عند مجموعة واحدة فقط من الحشرات – وهي المجموعة التي تضم الذباب – حيث أنها تمتلك لآلية يمكن أن تعمل كجهاز لحفظ التوازن، وهي نوع من أجهزة الاستشعار التي تدعا بالـ (أثقال) والتي تأخذ شكل عصا تنتهي بعقدة تطورت من الأجنحة الخلفية للحشرات.

تعمل هذه الأثقال على توفير المعلومات حول دوران الجسم أثناء الطيران، مما يساعد الذباب على القيام بالعاب بهلوانية جوية مع المحافظة على استقراره واتجاهه، ولكن كيف يمكن للحشرات الأخرى التي لا تمتلك هذه المجسات أن تنظم ديناميكية طيرانها؟

تشير دراسة جديدة إلى أن أجنحة الحشرات قد تستطيع أيضاً القيام بوظيفة حفظ التوازن، وهذا الاكتشاف يلقي ضوء جديداً على آليات الطيران الطبيعية كما أنه يمكن أن تساعد في تطوير أنظمة حسية جديدة في هندسة الطيران.

يشير المؤلف المشارك في هذه الدراسة (براد ديكرسون)، وهو طالب دراسات عليا في علم الأحياء في جامعة واشنطن، أن هذه النتائج كانت مفاجئة بالنسبة للباحثين، فعلى الرغم من أن فكرة قيام الأجنحة بوظيفة الحفاظ على التوازن كانت مطروحة لفترة طويلة، إلّا أن هذا البحث هو الأول من نوعه الذي يعالج الكيفية التي يمكن من خلالها أن يكون هذا ممكناً.

أجرى كلاً من (ديكرسون) وزميلته طالبة الدراسات العليا (أنيكا إيبرلي) البحث لتحديد ما إذا كانت الحشرات تستخدم الانحناء الذي يوجد في أجنحتها لاستشعار دوران أجسامها أثناء الطيران، وهذا يمكن أن يساعد في تفسير الكيفية التي يمكن من خلالها لهذه المخلوقات الطائرة أن تكون قادرة على التحرك بدقة وسرعة.

لإجراء التجربة قام الباحثان أولاً بتطوير نموذج حسابي لخفقان وانثناء ودوران جسم مسطح، ولاختبار نتائجهما، قاما ببناء نموذج روبوتي باستخدام صفائح بلاستيكية مثبتة على محرك لمحاكاة خفقان أجنحة الحشرة، وبعد ذلك قاما بتثبيت هذا الهيكل على محرك ثاني لتدويره.

بينت التجربة أن نموذج الأجنحة التوى أثناء الخفقان والدوران حول قاعدته، مما تسبب بحدوث تغيرات في أنماط التوتر على طول سطح الجناح، ويعتقد الباحثون أن هذا التغير في التوتر هو ما يؤدي إلى تحفيز أجهزة الاستشعار المدمجة في أجنحة الحشرات، مما قد يشير إلى أن أجنحة الحشرات الطائرة قد تكون قادرة على توفير المعلومات حول التوازن بذات الطريقة التي تقوم فيها الأثقال بذلك.

تبعاً لـ (إيبرلي)، وهي طالبة دراسات عليا في هندسة الميكانيك، والمؤلفة المنسقة لهذه الدراسة، فإن النتائج تشير إلى أن هناك المزيد من المعلومات التي يمكن اكتشافها حول ديناميكيات الطيران عن طريق دمج أجهزة استشعار على سطح الأجنحة المصنعة، وفي المقابل، فإن هذه المعرفة يمكن أن تساعد في نهاية المطاف على إيجاد تصميمات لأجنحة أكثر كفاءة يمكن استخدامها في المركبات الجوية الصغيرة والمروحيات وحتى على التوربينات.

ولكن بحسب (إيبرلي)، قبل الوصول إلى هذه النقطة لا بد أولاً من القيام بالمزيد من الأبحاث لتحديد العلاقة بين مرونة أجنحة الحيوانات وقدرتها على الاستشعار.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير