الصحة الجيدة

من قوات حفظ سلام إلى جنود لعزرائيل .. الأمم المتحدة تعترف أخيراً بدور في وباء الكوليرا في هايتي

الأمم المتحدة اعترفت أخيراً أنها “لعبت دوراً” في وباء الكوليرا الذي بدأ في “هايتي” منذ ما يقرب من ست سنوات، والذي أصاب ما يصل إلى 800 ألف شخص، وقتل آلاف الناس، وذلك حين اعترف الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” لأول مرة هذا الأسبوع ، أن المنظمة “تورطت” في بدء الوباء، وأنها “تحتاج لبذل المزيد من الجهد” لكي تصلح هذه المشكلة.

تقرير من جريدة “النيويورك تايمز” تقدم خطوة للأمام في كشف هذه المسئولية، عندما وصل إلى استنتاج قال فيه أن هذا الوباء “لم يكن ليحدث لولا ما فعلته الأمم المتحدة”.

من قوات حفظ سلام إلى جنود لعزرائيل .. ما حقيقة ما فعلته الأمم المتحدة؟

الكوليرا تحدث بسبب بكتيريا Vibrio cholerae، التي تنتقل عن طريق الفضلات البشرية، وقبل العام 2010، لم تكن “هايتي” قد أصيبت بهذا الوباء منذ 100 عام، ولكن، في 2010، بدأ المرض في الظهور على طول نهر “ميلي”، بعد أن انتقلت مجموعة يبلغ عددها 454 شخصاً من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إثر إنهائها لمهمة لها من قاعدة قريبة في “نيبال” التي كانت في منتصف وباء للكوليرا في ذلك الوقت، لتستقر في قاعدة قريبة من النهر في “هايتي”.

آنذاك، كانت الفضلات البشرية للمجموعة تتدفق في أجزاء من النهر، ويجادل العلماء بأن هذا كان السبب المحتمل الوحيد لحدوث الوباء، الذي قتل على الأقل 10 آلاف شخص حسب الإحصائيات، ويحتمل أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير حسبما قال باحثون.

الأمم المتحدة لم تقبل أبداً بأن تعترف بأي درجة من المسئولية عن الأمر حتى الآن، وحافظت على أمانها من أي ملاحقة قانونية ضدها بخصوص هذا الوباء، لكن أحد الخبراء العاملين في الأمم المتحدة؛ الخبير فيليب ألستون من جامعة نيويورك لم يكن راضياً برد الفعل هذا، لهذا كتب تقريراً من 19 صفحة، عن دور الأمم المتحدة في الوباء، ثم قام بإرساله إلى “بان كي مون” في 8 أغسطس، ليكون على الأمم المتحدة أن تقرر رد فعلها قبل نهاية الأسبوع، ومع أن “بان كي مون” اعترف أن الأمم المتحدة قد “لعبت دوراً” في الوباء، إلا إن المنظمة ما يزال يتعين عليها أن تقرر ما إن كانت ستقبل إدعاءات التقرير الذي يلقي عليها بكامل اللائمة، أم لا.

الوعد برد فعل جديد بعد شهرين .. هل يكون خطوة للإنقاذ؟

نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، السيد فرحان حق، قال لصحيفة النيويورك تايمز في بريد إلكتروني هذا الأسبوع: “على مدى العام الماضي، أصبحت الأمم المتحدة على قناعة بأنها تحتاج لفعل ما هو أكثر فيما يخص ضلوعها في اندلاع الوباء ومعاناة أولئك الذين أصيبوا بالكوليرا، وسوف يكون هناك استجابة جديدة تظهر للعلن في خلال الشهرين القادمين، بعد أن تتم صياغتها بشكل كامل، ويتفق بشأنها مع السلطات الهايتية وتناقش مع الدول الأعضاء”.

هذا لم يكن أول انتقاد يوجه إلى عمل الأمم المتحدة في هايتي، فبحسب دراسة نشرت في  PLOS Medicine في يناير، فإن الأمم المتحدة كان بيدها أن تقلل احتمالية تفشي الوباء بنسبة 91 بالمئة، لو كانت قد استخدمت الوقاية اللازمة، والتي لم تكن لتكلف أكثر من دولار واحد لكل شخص من قوات حفظ السلام.

أسوأ ما في الأمر أن وباء الكوليرا في هايتي، لم تتم السيطرة عليه بعد، وما تزال الوفيات بسببه في حالة تصاعد، ليس لدينا إلا أن نأمل إن هذا السير في تقبل المسئولية عما حدث، قد يكون الخطوة الأولى التي تسيطر بها الأمم المتحدة على الوباء المتوحش.