التصنيفات: تقنية

مليارديرات العالم يستثمرون في مشروع يزرع الألماس في المختبرات

إذا كنت تعرف الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو، بطل فيلم تايتانيك الشهير، فلابد أنك شاهدت أو سمعت عن فيلمه الآخر الذي رشح لخمس جوائز أوسكار “الألماس الدموي”، والذي يدور في بلدة أفريقية تمزقها الحرب الأهلية، حيث يختطف الرجال والأطفال في حروب بالغة الوحشية والدموية للعمل في مناجم البحث عن الألماس، ويلعب دي كابريو دور “داني آرتشر” صائد الكنوز، الذي لا يعنيه الحرب الدموية بقدر ما يعنيه تهريب الألماس بأي شكل من سيراليون إلى ليبيريا، حيث يستطيع بيعه بشكل قانوني في إنجلترا، ربما بعد مشاهدة هذا الفيلم سوف تفاجأ باستحضارك لمشاهد الدم والقتل، إن رأيت عقداً مرصعاً وصافياً في رقبة امرأة جميلة، أو خاتم خطوبة فتاة شابة، لذلك يبدو مفهوماً أن يكون ليوناردو دي كابريو بالإضافة إلى 10 مليارديرات في العالم، من أهم المستثمرين في هذا المشروع الذي يزرع الألماس الحقيقي في المختبرات، ويستطيع أن يصل بعددهم في أسبوعين فقط، إلى المئات.

هذا المشروع يختلف عن الألماس المصنوع تماماً، ففريق شركة Diamond Foundry يقول إن هذا الألماس حقيقي، وأنهم يعتمدون في زراعته على رقائق من الألماس الطبيعي، مستخرج من المناجم تحت الأرض، كمصدر خام أصيل، وقد عملوا على هذا المشروع بهدوء لثلاثة سنوات متواصلة.

بعد سنتين من التجارب الفاشلة في إنماء الألماس، قال الفريق إنهم تمكنوا بعدها أخيراً من الوصول للسر، وأن شركتهم الآن تستطيع إنماء مئات قطع الألماس تصل إلى تسعة قراريط، في غضون أسبوعين فقط في المختبار، وهذا كان إنجازاً عظيماً ومذهلاً كفاية لجذب استثمارات المليارديرات ومشاهير وادي السليكون.

وقد مرت الشركة بثلاث جولات من طلب التمويل من أشخاص مشاهير وأغنياء، مثل ليوناردو دي كابريو السابق ذكره، إيفان ويليامز أحد المؤسسين في تويتر، مارك بينساس مؤسس “زينجا”، آليسون بيسنساس المؤسسة المشاركة في “وان كينجس لان”، وأندرياس بيكتولشيم مؤسس “سان” للأنظمة الضئيلة، أوين فان ناتا مساعد المدير التنفيذي السابق في فيسبوك، رئيس شركة “إي باي” السابق جيف سكول، مع أثرياء آخرين.

وبشراء الألماس من شركة Diamond Foundry، فإن المصممين سوف يتلافون إعطاء المال للمصادر التقليدية مثل “دي بيرز” أو “تيفاني”، ولا يؤدي لمزيد من ضخ الوقود في آلة الحرب الدموية هناك في أفريقيا، لكنه في نفس الوقت، لا يعني أن الألماس المزروع في المختبرات سوف يكون أرخص أو أي شئ من هذا القبيل، فالألماس المصنع أرخص بـ30% من الألماس المستخرج في المناجم، أما الألماس المزروع في المختبرات فهو من بذور ألماس أصيلة، أي إنهما سوف يكلفان نفس السعر تقريباً، إن لم تكن الأخيرة أكثر.

فريق موقع “بيزنس إنسايدر” سأل العلماء الذين عملوا على هذا الألماسات عن الطريقة التي صنعوا بها الألماس، وعن الفرق بينه وبين الألماس المصنوع، وقد شرحوا الأمر بأنهم يقومون بـ”زرع الألماس”، كما أكدوا أن هذه العملية لا تشبه تصنيع الألماس إطلاقاً، فالألماس الناتج هنا طبيعي ونقي 100 بالمئة، كما إن له نفس العيوب الجزيئية التي توجد في الألماس المستخرج من تحت الأرض.

وقد شبه مستثمر في مشروع زرع الألماس هذه العملية لنا، بأنك “تحتاج لأخذ بذرة من النبات وزرعها لينمو نبات آخر”، نفس الأمر في هذه الحالة، فإن الشريحة الرقيقة من الألماس الطبيعي تستخدم كأساس، أو كـ”بذرة”، لإنماء طبقات جديدة فوق الماسة الأصلية من الألماس الجديد، ثم يقوم العلماء بكشط البذرة، واستخدامها لزرع ألماس آخر.

هذه العملية ليست بسيطة كما يبدو، فإنماء الألماس يحتاج إلى مفاعل شديد الحرارة، لدرجة أنه يصل إلى 8000 فهرنهايت، وقد شرحت الشركة بشكل غامض عن الطريقة قائلة إنها “تولد من حرارة حارقة، ولهذا شرعنا في تكوين البلازما من كثافة طاقة لم يسبق لها مثيل”.

وتقول الشركة أنها اكتشفت البلازما التي تسمح للذرات بأن ترفق نفسها بالشريحة الرقيقة من الألماس المستخرج من تحت سطح الأرض، تتكوم الذرات بعد ذلك أعلى الألماسة الطبيعية، طبقة طبقة، حتى تتكون ألماسة نقية تماماً، ويمكن تشكيل مئات الألماسات بهذه الطريقة في غضون بضعة أسابيع فقط، ويصل وزن الألماسة الأضخم منها إلى تسعة قراريط.

وقد قال المتحدث باسم الشركة أنه يوجد فرق عظيم بين الألماس المصنوع والمزروع بهذه الطريقة، فهنا، يتم إضافة الذرات إلى الألماسات الطبيعية، كما إن الحقيقة إن هذه الطريقة لا يمكنها العمل بدون أن تقوم على ركيزة من الألماس المستخرج من تحت الأرض أبداً، أما الألماس الصناعي الموجود في السوق فهو يصنع باستخدام ضغط عالٍ، دون أي ركيزة من الألماس الطبيعي.

بالنسبة للجودة، فإن الألماس في العالم يقيم بلجنة تقييم تسمى GIA، والتي تقوم بالكشف عن اللون والوضوح والوزن بالقراريط، وهي تقوم بتقييم الماس الصناعي أيضاً، لكن بفئات درجات أقل من حيث اللون والوضوح، لكن، عندما جاءت لتقييم هذا الألماس، قال إنها تقيم كالطبيعية الأصيلة تماماً.

لكن، هذا يدفعنا إلى التساؤل، إن كانوا سينتجون مئات الألماس الحقيقي كل بضعة أسابيع، ألن يجعل هذا الألماس أقل ندرة؟

الشركة تقول إن سوق الألماس ضخمة جداً، لدرجة أنها تقدر بـ30 مليار دولار تقريباً، بحيث لن تؤثر عليها بشكل جدي بضعة مئات من الماس الذي ينتج بشكل منتظم من مختبرات الشركة، كما إن المشترين لن يقلقوا بخصوص مصدر الماس، لأنه مثل الأصلي تماماً، وهو ليس نقياً في خامته 100 بالمئة فقط، بل إنه نقي من الناحية الأخلاقية أيضاً.