مستقبل الطاقة: نظرة على ما يخبئه المستقبل لنا

قد يكون الوقود الأحفوري مثل الفحم أو النفط مصدراً رائعاً للطاقة، ولكنه من ناحية ثانية يسبب التلوث أيضاً، ويساهم في التغير المناخي، وحتى الحروب، وهذا ما جعل العلماء يبحثون عن مصادر بديلة ومتجددة للطاقة لإنارة منازلنا وتشغيل سياراتنا المستقبلية.

هذا ما دعى العديد من العلماء والحكومات للإتجاه نحو استخدام الطاقة المتجددة، وقد يكون معظمنا على دراية باستخدام الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية كمصادر بديلة للطاقة في هذه الأيام، ولكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل الطاقة فإن هذه المصادر للطاقة المتجددة يمكن أن تتحول سريعاً لتصبح قديمة، فالعلماء والمهندسون يعملون الآن على بناء نسخ تجميعية من مصادر الطاقة المتجددة التي نستخدمها اليوم بهدف توليد الطاقة بكفاءة واستدامة أكبر.

بحسب (جون روجرز)، وهو كبير محللي الطاقة في اتحاد العلماء المهتمين، فإن الفئة المقبلة من مصادر الطاقة المتجددة ستكون نوعاً من دمج لعناصر موجودة بالفعل والتي لم يتم دمجها معاً قبل الآن، مثل دمج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو وضع الألواح الشمسية في أماكن لم يتم وضعها فيه قبل الآن.

وهذا ليس كل شيء، فالعمل ما زال مستمراً على تصنيع مفاعل الطاقة الانصهارية، والعلماء يستكشفون أيضاً السبل التي يمكن من خلالها تسخير الطاقة من الفضاء، وإليكم هنا أربعة مصادر واعدة للطاقة يمكن أن تنير مستقبلنا:

  1. تسخير الفضاء كمصدر للطاقة

قد يبدو هذا الآن وكأنه لقطة من فلم خيال علمي، لكن اليابان تدرس حالياً خطة لبناء مزرعة للطاقة الشمسية الفضائية، وهي في الأساس عبارة عن قمر صناعي عملاق يمتلك العديد مما يسمى بمجمعات الطاقة الشمسية (شيء يشبه الألواح الشمسية) لالتقاط الطاقة الشمسية التي تتجاوز الأرض، وبعد ذلك تنقل الطاقة إلينا هنا إلى الأرض على شكل أشعة ليزري أو موجات دقيقة، وبطبيعة الحال، فإن هذا المفهوم لا يزال في المراحله الأولى من التطوير.

وضع الألواح الشمسية في أماكن غريبة

حالياً، نحن نقوم بالتقاط قوة الشمس هنا على الأرض باستخدام الألواح الشمسية التي نضعها على أسطح المنازل، والسيارات، وحتى على النوافذ، ولكن وبعد سنوات قليلة من الآن، قد نرى هذه الألواح الشمسية في كل مكان، ففي كوريا، على سبيل المثال، قام المهندسون بصف ألواح شمسية على شكل نفق يستعمل كمسار للدراجات، ومن ناحية أخرى، قام المهندسون في هولندا، بوضع الألواح الشمسية لتوليد الطاقة على سطح طريق الدراجات، وفي ولاية كاليفورنيا، تم وضع الألواح الشمسية على خزانات المياه، وذلك ليس فقط لتوليد الطاقة ولكن أيضاً لمنع أشعة الشمس من تبخير المياه، وهذا أمر مهم، نظراً للجفاف المستمر الذي تعاني منه تلك الولاية.

مولدات هجينة تجمع بين قوة الرياح والطاقة الشمسية

هناك حالياً خطط لبناء برج ضخم يصل طوله إلى 2,235 قدم في صحراء أريزونا، لإنتاج الطاقة النظيفة، ومن المقرر أن يكون هذا البرج ثاني أطول برج في العالم، وإليك كيف ستعمل: ستقوم سلسلة من المضخات بإرسال الماء إلى قمة البرج، ومن ثم سيتم دفع المياه إلى الخارج عبر فتحات أنفاق هي في الأساس جزء من البرج، مما سيخلق ضباباً، وهناك، فإن الضباب سيمتزج مع الهواء الصحراوي الجاف الذي تم تسخينه بواسطة أشعة الشمس، وهذا الهواء الجاف سيعمل على امتصاص جزيئات الماء وجعلها تصبح أثقل، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى جعلها تنخفض عبر النفق، ويخلق رياحاً تعمل على تدوير التوربينات التي ستكون موجودة في القاعدة، وهذا سيؤدي إلى توليد الطاقة لإنتاج الكهرباء.

استخدام طاقة الانصهار

على الرغم من أن طاقة الانصهار قد لا تكون من أنواع الطاقة المتجددة، ولكنها قد تكون مع ذلك مصدراً للطاقة المستقبلية، وهذه الطاقة تتولد عندما يصل الهيدروجين إلى درجة حرارة تزيد على 100 مليون درجة مئوية، فعند هذه النقطة، يتم احتواء الهيدروجين في نظام حابس ذو مستوى مرتفع من المغنطة، حيث يتم تجريد ذرات الهيدروجين ذات الشحنة الإيجابية من الإلكترونات، وتندمج لتشكيل الهليوم، وهذا الاندماج هو ما ينتج الطاقة.

حالياً، يقوم فريق بحثي دولي بتحضير التصاميم لما قد يكون أول محطة لانتاج الكهرباء بطاقة الانصهار في العالم، ومن المقرر أن تبدأ المحطة بإنتاج الطاقة في جميع أنحاء العام بحلول عام 2027 على أقرب تقدير، ولكن العلماء يحاولون التفكير في طريقة أسرع لتطوير طاقة الاندماج النووي.

بعد كل شيء، فإن الطاقة الإنصهارية هي ما يمد شمسنا بالطاقة، ففي درجات الحرارة القصوى التي يتمتع بها نجمنا (الشمس)، تتفاعل الذرات بنفس الطريقة التي تتفاعل فيها في المحطة الإندماجية لإنتاج الطاقة، وهذا يعني، بالنسبة للوجود الإنساني، بأن معظم طاقتنا تأتي من الاندماج النووي.

وحتى مصادر الطاقة التي بدأنا باستخدامها أثناء الثورة الصناعية، أي قبل نحو 225 سنة، مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم، مصنوعة أساساً من النبات والمواد الحيوانية التي تم ضغطها في الأرض لملايين السنين، وعلى اعتبار أن الحيوانات تتغذى على النباتات، وأن النباتات تنتج المواد التي تحتاجها للنمو من خلال عملية التمثيل الضوئي، وأن الشمس هي العامل الرئيسي في عملية التمثيل الضوئي، يمكن القول بأننا منذ بداية العصر الصناعي ونحن نعتمد على قوة الشمس في توفير الطاقة اللازمة لحياتنا.

أخيراً، يمكن القول بأن جميع مصادر الطاقة ترتبط تقريباً بالشمس، ولكن هل تعتقدون بأن الشمس لا تزال هي المصدر الأكبر للطاقة؟ أو أننا سوف ننتقل إلى الفضاء الشمسي أو حتى إلى الطاقة الإنصهارية التي سيصنعها الإنسان؟ ما الذي يحمله لنا المستقبل؟ ليس علينا سوى الإنتظار لنرى ذلك.